أزمة سد النهضة.. إسرائيل وراء الحجاب بقلم:د. ياسر محجوب الحسين

أزمة سد النهضة.. إسرائيل وراء الحجاب بقلم:د. ياسر محجوب الحسين


04-08-2021, 12:59 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1617883196&rn=0


Post: #1
Title: أزمة سد النهضة.. إسرائيل وراء الحجاب بقلم:د. ياسر محجوب الحسين
Author: د. ياسر محجوب الحسين
Date: 04-08-2021, 12:59 PM

12:59 PM April, 08 2021

سودانيز اون لاين
د. ياسر محجوب الحسين-UK
مكتبتى
رابط مختصر



أمواج ناعمة

بفشل المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة، والتي عقدت على مدار الأيام الماضية في كينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية، يتضح أن إثيوبيا ومن يقف من ورائها قد تمكنت من مواصلة سياسة شراء الوقت وفرض الأمر الواقع. فمنذ نحو 10 سنوات مضت استطاعت أثيوبيا إدارة دفة الصراع لصالحها، فمن رفض مصري كلي لقيام السد إلى خلافات حول برنامج فترة ملء بحيرة السد. كان العنوان العريض لمفاوضات العام الماضي التوافق على ملء بحيرة السد على مراحل خلال الموسم المطير ابتداءً من يوليو الماضي، على أن يأخذ ذلك في الحسبان تأثير ذلك على المخزون المائي لدى دول المصب وهي مصر والسودان، أي أن يتم الملء على مراحل بطريقة تعاونية تراعي الظروف الهيدرولوجية وتأثير السد على المخزون المائي لدى دولتي المصب. بيد أنه مع فشل جولات التفاوض السابقة التي رعتها واشنطن مضت أديس في رؤيتها للملء دون الاتفاق مع مصر والسودان. وبالفعل قامت الحكومة الإثيوبية بدايةً من فيضان العام 2020 بتخزين كامل تصرفات النهر خلال أشهر الفيضان (يوليو، أغسطس، سبتمبر)، وهي تعادل 34 مليار متر مكعب. وترى إثيوبيا بألا تتعدى فترة التخزين الكلية لبحيرة السد 4 أعوام و3 أشهر وليس 7 سنوات أو 12 سنة كما تطالب مصر. وقد طالبت من قبل بأن يكون ملء السد على مدى يصل إلى 21 عاما قبل تخفيض سقفها إلى 7 سنوات. فمن الواضح أن إثيوبيا أجادة تكتيك اللعب على عامل الوقت حتى أنجزت حتى اليوم نحو 80% من أعمال انشاء السد فرويدا رويدا أصبح السد أمرا واقعا وبعبعا خطيرا.
والثلاثاء الماضي رفضت إثيوبيا المقترح الذي قدمه السودان وأيدته مصر بتشكيل رباعية دولية، تقودها جمهورية الكونغو الديمقراطية التي ترأس الاتحاد الإفريقي للتوسط بين الدول الثلاث. بل إنها رفضت كافة المقترحات والبدائل الأخرى، التي طرحتها مصر وأيدها السودان، من أجل تطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول والأطراف المشاركة في المفاوضات كمراقبين من الإنخراط بنشاط في المباحثات، والمشاركة في تسيير المفاوضات وطرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية.
لكن ثمة تساؤل عن سبب التعنت الأثيوبي ومن يقف وراء أديس أبابا ويشجعها على مواقفها المتعنتة؟. أصابع الاتهام تشير إلى إسرائيل لكن الدولة اليهودية تدير معركتها من وراء حجاب مستخدمة طرفا آخر وهي دولة الامارات العربية المتحدة. وليس من شك لدى كل مراقب أن موقف الامارات من سد النهضة ومن كافة القضايا في إفريقيا مرتبط بالاستراتيجية الاسرائيلية واطماع تل أبيب البعيدة في مياه النيل. وفيما يبدو أن إسرائيل تُوظّف الإمارات كما وَظّفت بريطانيا في خمسينيات القرن الماضي كأداة دبلوماسية لها في القارّة، مستفيدة في ذلك من الاستثمارات الإماراتية المتنوّعة وقدرة أبو ظبي على توظيف نفوذها الاقتصادي.
ولذلك تدفع إسرائيل الامارات لتعزيز حضورها ودورها في القارّة الأفريقية، رافعةً في ذلك مجموعة لافتات تحت لافتة تنمية القارّة وإرساء الأمن والاستقرار فيها. وضمن هذه الخطة اضطلعت الإمارات، في السنوات الأخيرة، بدور متعاظم في الشؤون الأفريقية القارّية، مُستغِلّةً في ذلك أذرعها الاقتصادية، والمظلّة التنظيمية الأبرز في القارة: "الاتحاد الأفريقي"، الذي نالت فيه صفة مراقب عام 2011. ويمكن هنا ملاحظة أن أديس ترفض أي وسطاء غير الاتحاد الإفريقي بينما تقترح مصر والسودان لجنة رباعية دولية. يشار إلى أن تجارة الإمارات غير البترولية مع أفريقيا تجاوزت في الشهور التسعة الأولى من العام 2020، 40.7 بليون دولار. ومع ذلك ظلت مشاكل افريقيا تتعقد وتتصاعد الصراعات فيها، لأن الهدف الإماراتي الحقيقي والمرتبط بالاستراتيجية الاسرائيلية ليس تطوير القارة وحل مشاكلها.
ولعل رغبة الامارات في السيطرة على المضائق الاستراتيجية مثل باب المندب والمشاركة في قناة بن غوروين في اسرائيل ومنابع المياه باعالي النيل، يؤكده دخولها إلى جبيوتي منذ العام 2004 كمحطة رئيسية من باب الاقتصاد والاستثمار في الموانئ. ولم تخف القاهرة استياءها من موقف ابوظبي بشأن أزمة السد، وأبدت عدم ثقتها في وساطة حاولت الامارات القيام بها بين الدول الثلاث (إثيوبيا، مصر، السودان) بل اعتبرت ما تقوم به أبوظبي مخيبا للآمال. ونظرت القاهرة كذلك بريبة وشك للوساطة التي تقوم بها الامارات بين السودان وإثيوبيا في النزاع الحدودي بين البلدين، باعتبار المقصود منها شراء موقف سوداني من السد لصالح الموقف الإثيوبي.
أعتقد أن الخرطوم تخطئ عندما تجعل موقفها مرتبطا ومندمجا مع الموقف المصري، فهذا ما يساهم في استمرار التعنت الأثيوبي أو يسهل على أديس سياسة شراء الوقت وفرض الأمر الواقع. فعلى الخرطوم أن تفك إرتباط موقفها بالموقف المصري وتتقدم خطوة دبلوماسية نحو إثيوبيا وتتوسط الموقفين الأثيوبي والمصري الأمر الذي قد يمكّن من كسر التعنت الأثيوبي وقطع الطريق أمام إسرائيل التي تقف من وراء حجاب. أما حديث القاهرة عن سيناريوهات أخرى ملوحة باستخدام القوة أمر لا يبدو واقعيا ولعل السودان سيكون أكبر الخاسرين من استخدام خيار الضربة العسكرية.