كمْ فِي الطَّيَالِسِ مِنْ سَقِيمٍ أَجْرَبِ بقلم:علي تَوْلِي

كمْ فِي الطَّيَالِسِ مِنْ سَقِيمٍ أَجْرَبِ بقلم:علي تَوْلِي


03-28-2021, 07:49 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1616914184&rn=0


Post: #1
Title: كمْ فِي الطَّيَالِسِ مِنْ سَقِيمٍ أَجْرَبِ بقلم:علي تَوْلِي
Author: علي تولي
Date: 03-28-2021, 07:49 AM

07:49 AM March, 28 2021

سودانيز اون لاين
علي تولي-USA
مكتبتى
رابط مختصر



كمْ فِي الطَّيَالِسِ مِنْ سَقِيمٍ أَجْرَبِ
بقلم/ علي تولي..

ما زالت أرواح الناس معلقة في هواتفهم النقالة بقلب العاصمة الذين ينبض هلعًا، والموت يطارد المارة بأقدار السواطير والمسدسات على دراجات الهلاك النارية، ولم يزل الوجه الذي يتوجب أن يحمل عينين ساهرتين علينا يشيح بسخرية عن الواجب ويلهج بعبارة: إنها المدنية التي تنشدونها، ولا يدري أنه يتعاطى راتبه الشهري من عرق هؤلاء الغبش المغرر بهم، شياطين الصمت عن الحق، يتجافون عن الواجب.. يطردون أضعف الإيمان عن أدائه بتجرد مقابل ما عُهِدوا من أجر، وما الحساب بالعمل إلا عند مليك مقتدر.. نعم.. ما زالت العاصمة المثلثة غير آمنة على كل من فيها من الرجال والنساء والشيب والشباب والأطفال، العاصمة التي صارت تعج بغابات الكلاشات والدوشكات، وتعكر صفو سمائها أصوات وانبعاثات عوادم التاتشرات، وما زال قادة الجيوش الرسمية والجيوش البروس يبحثون عن بروباقندا عبر كل أجهزة الإعلام، حتى صار لضعاف الممتهنين مهنة الكتابة في الصحف مصدر تكسب جديد، فتسكعت الخطى ما بين الفلل والفنادق الفاخرة، والمزاحمة بالكاميرات في (الهيلمانات) التي لا داعي من ورائها إلا كسب الاستعراض، وإظهار الأنا القيادية من أجل نيل المناصب وتحقيق المكاسب السلطوية.. نعم..!! العاصمة لم تعد آمنة رغم امتلائها بحَمَلة السلاح ممَّن يدَّعون أنهم يحمون الأرض والعرض..!!
ولقد لاك الناس وعلكت ألسنتهم أقوال مسؤولي الشرطة الكبار واللعنة والدعوات تترى صباح مساء، فكم كم؛ بسبب تقاعسهم ووكوسهم من بيوت
طال اليتم أبناءها وبناتها.. ومصونات ترملت، فأصبحت دارها مكشوفة الوفاض، ومنهارة على الأحفاض..!! وكم من ساق مشيعة خفت إلى المقابر لتواري مقتولًا راح ضحية ما بجيبه من نقود أو موبايل.. - إلهنا لا يخفى عليك ما أضحى عليه حالُنا- ويملأ مسامع الناس أمام القنوات سخف القول من شاكلة التلاعب على الذقون من صغار العقول الذين تسنموا مراتب علية القوم، في زمن لا يبالي فيه الحاكم أن يدوس على كرامة وشرف المحكموم، ليظهروا بكل طاقات القبح من التبجُّح مقتهم واستهجانهم للمدنية، بأن ما يجري هو المدنية التي تريدونها..!! ونقول لهم: نعم إن المدنية لا تعرف خيانة الواجب..!! يا لها من شماتة رخيصة.. وهم لا يحترمون ما نالوه من نياشين ونجوم لامعة البريق على الكتوف.. ولكنها تجعلنا نستلهم ما قاله إيليا أبوماضي حين تبدو أنها طيالس وحُلِيّ تستر عورة لابسيها:
أنا لا تَغُشني الطيالسُ والحُلِي
كم في الطيالس من سقيم أجْرَبِ
عيناكَ من أثْوابهِ في جنَّةٍ
ويداك من أخلاقِهِ في سَبْسبِ
وإذا بصرتَ به بصَرتَ بأشمَطٍ
وإذا تحدِّثُهُ تكشَّفَ عن صَبِي
إنِّي إذا نزَلَ البَلاءُ بصاحبي
دَافعتُ عنه بناجِذِي وبمخلبي
وما زالت الخرطوم غير آمنة في سربها.. وأسراب التاتشرات اللامعة تحمل أرتال الرجال من المتسمِّرة أقدامهم في البوت والمستظِلِّة رؤوسهم بالبوريهات المتشحين بزي أضحى ملاذًا لمجانبة الواجب والحق.. يدثرهم البخرس والنكوص.. وتحرسهم أقوال المرجفين في المدينة بالقَدح في المدنية السمحاء.. والناس كل الناس يشكون لله قبل طوب الأرصفة التي كثيرًا ما تحتضن دماءهم الطاهرة.. والشياطين دائمة الصمت عن الحق.. وإنه زمان توهان العقول وعمى البصيرة حيث لم يكن العمى هو عمى البصر ولكن العمى الحقيقي هو عمى البصيرة.. ونعوذ بالله منه ومن الخرس.. وممن إذا نطقوا ازدادوا فجورًا في الفعال والمقال.. (فخيانة الأمانة من الجرائم الخطيرة التي تهدد الثقة العامة في المجتمع).. وخيانة الواجب تكون بتركه أو الامتناع عن تأديته على وجهته المعهودة.. وربما ذهبت الخيانة إلى التحريض والاشتراك في ارتكاب الجرم.. وما حادثة القماير ببعيدة.. وفض الاعتصام يمثل أكبر دليل انتهاك لأية قوة صاحبة نفوذ في الدولة على أيام اعتصام الثوار.. ورحمك الله يا أستاذ أحمد الخير شهيد المعتقل والتعذيب الوحشي.. نقول لك ولكل أرواح الشهداء إن الخرطوم وسائر المدن لم تعد آمنة مطمئنة.. فإن الخيانة في الواجب هي من حَدَت بأن يتعاظم الهلع وترويع الآمنين، وانهزام الشوارع أمام السابلة تحت أصوات الدراجات النارية والتلويح بالسواطير وإشهار المسدسات.. بلا وازع ولا رادع ولا حسيب ولا رقيب ولا عين ساهرة ولا يحزنون..