Post: #1
Title: تعويم الجنيه، و عجبني للبرغوت.. بقلم :خليل محمد سليمان
Author: خليل محمد سليمان
Date: 02-21-2021, 05:18 PM
04:18 PM February, 21 2021 سودانيز اون لاين خليل محمد سليمان-مصر مكتبتى رابط مختصر
يُقال جاء رجل الي الحاج بيلو الذي يعمل في حرفة فتل الحبال في سوق القرية ليخبره بأن "قطيته" إلتهمتها النيران فاصبحت رماد.
فضحك الحاج بيلو مقهقهاً، و اسند ظهره شامتاً بقولة شهيرة " عجبني للبرقوت"
لطالما ظل البرقوت يؤرق الحاج بيلو، و ينقِص عليه متعة النوم بالتقريص، و مص دمه فهانت عليه "قطيته" و ممتلكاته لطالما حس بالنصر علي عدو تصعب هزيمته إلا بمثل هذا الثمن الغالي.
نعم تعويم الجنيه ربما تصاحبه ازمات، و هزة إقتصادية عنيفة علي التي نعيشها، و لكن نضمن انه لا احد من مافيات رأسمال النبت الشيطاني سرطان الدولة السودانية الذي ظل يوظف إمكانيات الدولة لصالحه حتي اصبحت البلاد عبارة عن إقطاعيات، ان يوظف قوت الشعب، و مدخراته لصالحه، و تُعتبر خطوة اولى لمحاربة الفساد، و المافيات التي تضارب في كل شيئ.
في اغرب حالة إقتصادية في التاريخ تمنح الدولة مال شعبها للتجار الطفيلين ليتاجروا به بإسم المواد الضرورية، و يتم تحديد اسعار جمركية حسب مزاجهم و يضعوا الاسعار التي تناسب جشعهم، و غرورهم.
التعويم خطوة في الإتجاه الصحيح تتطلب قبضة امنية حديدية علي الامن، و عدم الخوف، و التردد، و الإستسلام للضعف، و جشع الذين تربوا علي مص دماء الغلابة.
تحرير الصرف لا يعني رفع يد الحكومة عن دعم المواطن بشكل مباشر في معاشه، و سكنه، و علاجه.
امريكا اول دولة في العالم حررت عملتها في سبعينيات القرن الماضي دون قيود لتصبح قيمتها حسب العرض، و الطلب، و هي اكبر دولة في العالم بها مظلة تأمين إجتماعي، توفر الدعم للعطالى، و الفئات الضعيفة في المجتمع ذات الدخل المحدود، و تدعم الام العزباء، و الاطفال، و المعاقين، بصورة لا علاقة لها بسياسة السوق، و ضوابط المؤسسات الدولية، و البنك الدولي الذي اصبح فوبيا، و بعبع للتخويف، و إستغلال حالة عدم الوعي الكافية، و الشفافية.
تحرير سعر الصرف يلزم الحكومة بتوفير فرص عمل للمواطنين، و لا يتأتى ذلك إلا بالإتجاه نحو التنمية الشاملة، و الإنفتاح علي العالم، و تشجيع المستثمر الاجنبي، و يجب ان تكون كل موارد البلاد تحت يد ولاية الحكومة، و مواعينها بشكل كامل، و واضح، و صريح.
المؤسف هناك منقصات قد تجلب كوارث ليكون الحال في ذات المحطة لأن الجانب الامني، و الإستقرار السياسي من اهم عوامل رفع كفاءة الإقتصاد، و تشجيع رأس المال الاجنبي للدخول الي البلاد.
للأسف حتي الآن لم تتم مخاطبة جذور المعضلة الامنية المرتبطة بالترتيبات الامنية الخاصة بدمج و تسريح المليشيات، و تأسيس جيش وطني، و قوى امنية ذات طابع قومي عقيدتها حماية امن البلاد، و الحفاظ علي مقدرات الشعب.
الآن اصبحت القوة، و السلاح مرتبطة بالسياسة ليصبح السودان لبنان الالفية الثالثة حيث الساسة في القاعات، و الوزارات بالزي المدني، و لديهم قوات تحمل السلاح تأتمر بأمرهم بعيداً عن المنظومة الامنية، و العسكرية.
الخلل في الترتيبات الامنية، و العجلة في إختطاف نصر زائف، و منقوص سيكون عقبة كبيرة في مسيرة البلاد نحو التغيير، و تجاوز الماضي التعيس.
كان من الاولى ان يتراضى الجميع بوضع حلول محترمة في جانب الترتيبات الامنية من دمج، و تسريح، و لكن اعتقد لم تتوفر الإرادة الكافية بعد، و تغيب الثقة المطلوبة، و الكل يده علي الزناد برغم مظاهر السلام، و حالة الخوف بائنة في الشارع بكل اطيافه.
إصلاح الإقتصاد، و الخلل في هيكل الدولة يتطلب إجراءات شاملة تسير بالتوازي، و عدمه يجعل الحلول المعزولة عرجاء، و كسيحة تكون عبء إضافي علي اعباء حد الإنهيار، و الفشل.
من يرى اننا سنعبر بالإنشاء، و الطبطبة يبقى واهم، فالعبور الحقيقي لابد له من تضحيات، و هذا لعمري لا يمكن لحكومة ضعيفة، و مهزوزة ان تواكبه بالقول، و العمل.
نحتاج الي تناغم، و إنسجام حقيقي بين كل مؤسسات الدولة بعيداً عن المجاملات، و التضليل السياسي ليكون العبور ممكناً.
|
|