من أجل عدالة توزيع الأراضي الزراعية بقلم:جعفر خضر

من أجل عدالة توزيع الأراضي الزراعية بقلم:جعفر خضر


02-17-2021, 00:25 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1613517913&rn=0


Post: #1
Title: من أجل عدالة توزيع الأراضي الزراعية بقلم:جعفر خضر
Author: جعفر خضر
Date: 02-17-2021, 00:25 AM

11:25 PM February, 16 2021

سودانيز اون لاين
جعفر خضر -السودان
مكتبتى
رابط مختصر





صحيفة الديمقراطي ١٦ فبراير ٢٠٢١

نظم فلول المؤتمر الوطني مطلع الأسبوع الماضي اعتصاما ليوم واحد احتجاجا على زيادة رسوم تجديد تسجيل الأراضي الزراعية، وتأييدا للجيش، ومطالبين بإقالة والي القضارف.
إن تأييد الجيش قصد الفلول منه تأييد البرهان، وما دروا أن البرهان عدو الجيش. ويحاول فلول المزارعين اتقاء لجنة إزالة التمكين، يقول المثل السوداني " إذا أخوك زينوهو بل راسك" وهم لا يريدون أن يبلوا رأسهم ، لكن البل آتيهم لا محالة!
إن ثورة ديسمبر المجيدة التي لا تزال توضع أمامها العقبات من بقايا الإنقاذ الجالسة في قمة هرم السلطة، عرقلت المضي قدما في مناقشة قضايا الوطن شديدة الاهمية.
لذلك لم توضع بعد قضايا ملكية الأرض على مائدة النقاش المستديرة. وهي قضية تندرج في صلب موضوع العدالة الركن الركين في شعار الثورة الظافرة.
إن تناول هذا الموضوع يتطلب مناقشته من كل الأطراف في كل أنحاء السودان في وقت واحد، لأن هذا يؤدي إلى اكتمال الصورة، ويحد من البعد الإثني في المحاججة، لأن أبناء أي قبيلة ينتشرون في كل أنحاء السودان، ولا يقبلون أن يصنفوا كمواطنين من الدرجة الثانية حينما يكونون خارج مسقط رأسهم.
بالرغم من الأوضاع المزرية التي بلغتها الأوضاع الاقتصادية في ولاية القضارف، لكني أظن أنها مؤهلة أكثر لتقديم أنموذج لتوزيع الأرض، يستوعب المواطنين بمختلف أنماط معيشتهم، وبتنوع إثنياتهم، بما يحقق رغد العيش ويسند الولايات الأخرى.
إن الصراع حول الأرض هو صراع بين رعاة ومزارعين، وبين صغار المزارعين وكبارهم ، ويأخذ أحيانا أبعادا إثنية زائفة.
وفي ظل فساد السلطة يتحول الأفندية وكبار الضباط إلى أصحاب أراضي زراعية في رمشة عين.
وكنموذج ذو دلالة كبيرة لفساد السلطة السياسية وتخريبها للشأن الزراعي، سبق أن ذكر المزارع حيدر عبد اللطيف البدوي أنه قد تم في العام ١٩٩٤ منح أعضاء المجلس التشريعي بولاية القضارف ٥٠٠ فدان لكل عضو!!
فإذا كان أعضاء المجلس التشريعي الذين مهمتهم الأساسية هي مراقبة السلطة التنفيذية ومنعها من الفساد هم ذات نفسهم يفسدون ويوزعون الأراضي الزراعية فيما بينهم ليصبحوا من كبار ملاك الأراضي في لحظة، فلك أن تتخيل حجم فساد السلطة التنفيذية!!
ويحق لنا جميعا أن نسأل كرم الله عباس الشيخ من أين لك هذا؟
إن كرم الله عباس الشيخ هو والي القضارف الأسبق، ورئيس المجلس التشريعي الولائي الأسبق، ورئيس المؤتمر الوطني الأسبق، ورئيس اتحاد المزارعين الأسبق.
يمتلك كرم الله مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، فمثلا يملك ٢٤ ألف و٥٠٠ فدان في باسندة دوكة أبو عروة، ويملك في أم سينات ٢٢ ألف و٥٠٠ فدان، وفي القدمبلية ٩ ألف فدان. هذه فقط جملتها ٥٦ ألف فدان، ووارد أن له أراض في مناطق أخرى!
وارتكب كرم الله عباس الشيخ، وهو في قمة السلطة، مخالفة كبرى بتخطيط منطقة المثلث شمال خط المرعى كأراضي زراعية، وهذه مناطق ممنوع زراعتها بالقانون، لأنها محض مناطق رعوية ، ولكنه استغلال نفوذ السلطة!!
إذا كان المسئولون، غير المسئولين، يفعلون ذلك فمن يلوم غمار المواطنين الذين يعتدون على المراعي والغابات؟!
لقد نظمت مبادرة القضارف للخلاص الخميس الماضي محاضرة تحت عنوان "الأراضي الزراعية ما بين زيادة الإنتاج والعدالة الاجتماعية" كشفت حقائق في غاية الأهمية .
فعلى خلفية اعتصام الفلول الذي سبق ذكره استنكر الأستاذ عادل إسماعيل عركي - خبير التخطيط الزراعي - استنكر رفض كبار المزارعين لزيادة رسوم تجديد المشاريع الزراعية، وقال أن صغار المزارعين هم الذين يحق لهم الاحتجاج، وقال أن المشروع يتم تأجيره بمليارات الجنيهات، ودعا لفرض رسوم تجديد متدرجة تكون قليلة لفئات صغار المزارعين الذين تقل مساحة الواحد منهم عن ٥٠٠ فدان، وتكون مضاعفة لكبار المزارعين.
وكشف عركي أن مساحة الرقعة الزراعية بولاية القضارف داخل وخارج التخطيط تقارب تسعة مليون فدان . وأن المساحة المقننة التى استُخرجت لها عقودات وتحصّل منها رسوم سنوية حوالي خمسة مليون فدان، أي أن ما يقارب أربعة مليون فدان لم تقنن بعد ولا تحصل منها رسوم، مما يعني إهدار كبير لموارد الولاية .
وكشف عركي أن كبار المزارعين (خمسمائة فدان وأكثر) الذين يمثلون ٣٦٪ من مزارعي الولاية، يستحوذون على قرابة ال ٤مليون فدان ونصف المليون.
بينما يستحوذ صغار المزارعين (أقل من ٥٠٠ فدان)، الذين تمثل نسبتهم (٦٤%) من المزارعين على أقل من ٨٠٠ ألف فدان.
وأكد ان (٨٥%) من التمويل الزراعي يذهب إلى كبار المزارعين، وأن اغلب المزارعين يبيعون الوقود المدعوم في السوق الأسود ، ويستخدمون التمويل في مجالات استثمار اخرى خلاف الزراعة مثل شراء العقارات والعربات الفارهة، مما تسبب في تدني انتاجية الفدان لتبلغ نصف جوال فقط!!
بينما تبلغ انتاجية الفدان الواحد لصغار المزارعين عشرة جوالات، بالرغم من أن الدولة لا تقدم لهم شيئا. وقال أن صغار المزارعين يخسرون رغم انتاجية الفدان العالية لأنهم لا يمولون ويشترون الوقود بالسوق الأسود ويضطرون للبيع المبكر لتغطية ديونهم، يبيعون محصولهم لكبار المزارعين!!
وقال عركي أن إعادة توزيع الأرض في مساحات صغيرة يزيد الانتاجية ويؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي ويحقق العدالة الاجتماعية.
وأذكر قبل سنوات عديدة رفع بعض المزارعين مذكرة للوالي وقتذاك طالبوا فيها باستخراج شهادة بحث للأراضي الزراعية! وهذا يعني أن تكون ملكية الأراضي الزراعية في درجة ملكية الأرض السكنية! وهذا لعمري محاولة لترسيخ تشوهات ملكية الأرض الماثلة.
أرى أن المخرج من هذا التردي يتم بالتأكيد على ملكية الدولة للأرض، وبنزع كل الأراضي التي تم الاستيلاء عليها من الغابات والمراعي بدون أدنى تردد، ونزع الأراضي الزراعية التي تم الحصول عليها بطرق ملتوية باستغلال النفوذ أو بالتآمر مع الإدارات الفاسدة، وبما فيها الأراضي التي تم شراؤها من مال تمويل البنك الزراعي ، وتوزيع الاراضي المستردة لصغار المزارعين في حيازات صغيرة .
ولا بد من تخفيض قيمة الأرض بمنع رهنها للبنوك كخطوة أولى، والتوقف عن تمويل كبار المزارعين والتركيز على صغارهم، على أن يكون منع التنازل عن الارض خطوة تتم على المدى المتوسط.
إن بقاء الأوضاع على ما هي عليه، يمثل جريمة نكراء وسبة في وجه الثورة، التي جاءت من أجل العدالة.