علي خلفية مقال الامس الذي تناولت فيه حديث حميدتي عن الديمقراطية تواصل معي عدد من الاصدقاء معظمهم لديه ميول حزبي احترمهم، و اجلهم، و اقدرهم، و لا احد منهم يستطيع ان ينفي عبث الاحزاب المُخجل بالفترة الإنتقالية، و مطلوبات الثورة ان حرية سلام، و عدالة.
للعلم كان لديّ رأي واضح، و طالبت في اكثر من مقال لو ان الفترة الإنتقالية تمتد لأكثر من عشر سنوات حتي يكون الإنتقال مبني علي ارضية راسخة بمؤسسات محترمة.
في الوضع الطبيعي الذي كان يجب ان يكون بعد الثورة، ان يعمل الجميع علي كنس ادران الماضي البغيض، و بقايا النظام الشمولي الهالك، و ان تعلو روح المسؤولية لدي الجميع، و ان يكون الوطن هو الاول، و الاعلي علي كل الإنتماءات، و الولاءات الاخرى حزبية كانت، او دينية، او إثنية.
عندما نرى تكالب الاحزاب علي السلطة، و النُخب، و المثقفين تشغلهم العطايا، و تملق من بيده القوة في صورة بائسة مقرفة، لا علاقة لها بالمبادئ، و القيّم، فهل مطلوب ان نطبل ليستمر هذا العبث؟
عندما تنشغل الاحزاب عن الحريات التي قامت من اجلها الثورة، بالتسابق نحو السلطة، و الكراسي، والمغانم، فلا نحتاج لمن يذكرنا بعيوبها، و خطاياها، و تخلفها.
انا شخصياً لديّ تجربتين في اقل من شهر بعد غياب لأكثر من عقدين، الاولى إعتقالي من غرفة نومي بصورة بشعة في قضية رأي، ذكرتني عسس النظام البائد الذي إعتبرناه ماضي تعيس لا يمكن ان يتكرر في حضرة ديسمبر المجيدة، و الكل يعلم تفاصيلها، و هذا في ظل حكومة عواطلية مدنية مدعاة بعد ثورة عظيمة.
التجربة الثانية تم حظري من السفر بتاريخ 24/11/2020 بعد 20 يوم من وصولي الي السودان، حتي لا يلتبس الامر علي البعض في موضوع البلاغات في المعلوماتية، فاولها و اقدمها كان في 30/11/2020، فالحظر سبق كل بلاغات نيابة حكومة ثورتنا اليتيمة.
للأسف إحتارت إدارة الجوازات لأن توضح سبب الحظر الذي وُضع تحت بند " حظر عمومي" و اخيراً كانت المفاجئة بأن الحظر من قبل مسؤول كبير "بالتلفون" ! تلبية لرغبة مريضة.
كان الحظر من السفر بلا سند قانوني، و لم يكن صادر من النيابة، و اتحدى النيابة ان تقول كلمتها في هذا الامر، إن كانت لدينا حكومة مدنية محترمة، و لديها مؤسسات تحترم نفسها قبل المواطن، في ظل المدنية المدعاة بعد الثورة.
كان الصمت لإلتزام اخلاقي، و منه عبثاً المداراة الخجولة علي و كستنا، و خيبتنا الكبيرة بعد تضحيات عظيمة، و دماء غالية علينا ذهبت هدراً.
الذي يجب ان يعلمه الجميع بلا محسنات، او لف، و دوران، ان من حسم هذه الفوضى، و رفع الحظر قادة اجلاء من المؤسسة العسكرية، لهم الشكر الجزيل، لا اريد ان اقصم ظهرهم، لأغادر البلاد في اليوم التالي لأمر أُسري طارئ.
الذي يجب ان يعلمه الجميع موقفي الثابت من الدولة المدنية التي لا يمكن ان نساوم عليها، او نجامل احد، و التي تقوم علي مؤسسات يحكمها الدستور، و القانون.
من يعتقد اننا انجزنا تغيير، و لدينا حكومة مدنية يبقى واهم، لدينا شمولية جديدة، و تمكين اسوأ، و وقعنا فريسة سهلة لعواطلية شذاذ فكر، و اخلاق، ليتحكموا في مصير بلد، و شعب، و ثورة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة