في حب الأثيوبيين بقلم :د.أمل الكردفاني

في حب الأثيوبيين بقلم :د.أمل الكردفاني


01-16-2021, 03:19 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1610806761&rn=1


Post: #1
Title: في حب الأثيوبيين بقلم :د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 01-16-2021, 03:19 PM
Parent: #0

02:19 PM January, 16 2021

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




إنني لم أجد من شعوب الأرض شعباً يعاني من الانفصامات الذاتية كهذا الشعب، فأولئك الذين يتباكون على أثيوبيا ويدعون لعدم الحرب لبشاعة الحرب، لم يتباكوا على الحرب في دارفور ولا الجنوب، وهم ينادون بحل احتلال ارض (غير متنازع عليها) حلا سلمياً، وهم انفسهم يدعون للحرب من اجل حلايب (المتنازع عليها) بالحرب. فما الفرق، كل الفرق، هو أنهم يقيسون المسائل في حياتهم كلها بلون البشرة. فلو كان المصريون سمراً لدعوا إلى السلم، ولو كان الأثيوبيون بيضاً لدعوا إلى الحرب، والأغرب من هذا أنهم حينما تضيق بهم الأرض بما رحبت، لن يهاجروا لأثيوبيا بل إلى مصر. وهذه مشكلة الإنسان السوداني، فهو يعيش داخل تناقضات معاييره العاطفية المتوهمة. آلاف يصلون خلف الشيخ محمد عبد الكريم لأنه يقلد السعوديين في قراءته وبكائه، ولو جاءهم سعودي وبكى لما صلوا خلفه بل لعنوه، لأن السعودي أبيض البشرة ومحمد عبد الكريم أسمر البشرة..هذا مضحك جداً ولكنه حقيقي حتى لو أنكروه نكران أبناء يعقوب لقتل يوسف.
ما لك انت واثيوبيا التي تتباكى عليها كما لم تتباكى على دارفور ولا النوبة الذين قتلتهم بدم بارد.
الأغرب في الأمر، أن المتشددين من الطلاب السودانيين ذهبوا لداعش البعيدة في آسيا وتركوا بوكو حرام على بعد بضعة كيلومترات في نيجيريا..وعلى العكس من ذلك انتفض الشعب كلو ضد احتلال الجنوبيين لهجليج ولكنه يدعوا للتفاوض فيما يتعلق بالفشقة التي كانت محتلة. رغم ان الجنوبيين في النهاية هم سودانيون في الأصل ولا علاقة للأثيوبيين بالسودان. لكنني متأكد من أن السوداني يقبل أن يمنح الاثيوبي جنسية السودان ولن يقبل بمنحها للجنوبيين وهذا ما حدث بالفعل. بل وسيقولون أن الانفصال افضل ما حصل. على العكس من ذلك، هاج الشعب ضد السوريين ومنحهم جنسيات سودانية رغم أن السوريين دخلوا إلى السودان ومعهم ملايين الدولارات، وبسببهم ارتفعت اسعار الشقق والمحال التجارية لأنهم يدفعون بالدولار، لكن الشعب نفسه لن يجد غضاضة في منح الاثيوبي الذي ينافس المواطن في سواقة الركشة ويأخذ أجره ويرسله لأهله في اثيوبيا.
الشعب السوداني شعب عنصري ومتهافت جداً، متهافت لأنه حتى عنصريته مضطربة وغير مفهومة. تتأسس على العاطفة، ففي الوقت الذي يرفض فيه الشماليون أي وجود للحلب في السودان، هم انفسهم من يدفعون الملايين للزواج بحلبيات، وهم أنفسهم من يبحثون دوما عن اللون الفاتح ويهربون من اللون الغامق، ولا يسمون السواد بالسواد بل يسمونه بالخضرة، وعند التجميل (الخضرة الرايقة) أو السمرة وفي أسوأ الاوصاف (الزرقة)، وحين يصفوا احدهم ببشاعة الشكل يقولون (أزرااااق). اقسم بالله ان هذا جنون لا مراء ولا شك فيه.
هذا شعب مجنون..فالإنسان الذي لا يعرف حتى ماذا يدور بدواخله وبواطن قلبه هو إنسان فاقد للبوصلة.
كنت اتحدث مع احد عرب دارفور، وكان يشتم الزرقة ويقول بأنهم أصيلون في دارفور، وأن الزرقة يريدون إخراجهم من دارفور لولا أن الحكومة منحتهم السلاح للدفاع عن انفسهم لتمت ابادتهم، وعندما نتحدث عن الحكومة يشتمها ويقول بأن الشماليين يعتبرونهن عبيداً، وأنها وزعت السلاح لتطبيق مبدأ فرق تسد.
وحتى الآن لم افهم هل هو ضحية للزرقة أم ضحية للشماليين أم ضحية للأثنين؟
نفس العروبيين في الشمال يقفون ضد العرب ضد الوجود السوري، وهم انفسهم من يدبجون مقالات طويلة عريضة في حب إسرائيل والأسر اليهودية الحبيبة التي كانت في السودان. وذات الشيوعي تجده من أكبر تجار العملة أو رأسمالي، أو حتى لا يتوانى عن اللبع من مال الدولة، وذات الإسلامي هو الذي يصلي ويلبع أيضاً من المال العام.
هذا شعب مخبول حقيقة..
على العكس من ذلك؛ ستجدهم جميعا يحبون أغنية الطيب عبد الله المسماة (يافتاتي) لأن الفتاة المصرية احتقرت شاعرها الأسود.
أم الجنون ياخ..
ما لهذا الشعب لا يكاد يفقه قولاً؟
لماذا تتباكى على اثيوبيا أكثر حتى من السودان الذي لم تحرك ساكناً عندما دعا حمدوك مجلس الأمن لإرسال محتلين له..أيهما أولى بالنسبة لك؟
بل هناك أشخاص وقفوا ضد سد النهضة فقط نكاية بالمصريين حتى لو كان مضراً بالسودان، ومن وقف مع سد النهضة ضد الأثيوبيين فقد وقف معه نكاية بالحكومة..فهم لا ينظرون أبداً للسودان كوطن او كدولة تستحق أن تحمي أمنها القومي..كل شيء بالعاطفة ويا ليتها كانت عاطفة متزنة، يا ليتها كانت عنصرية واعية، ولكنها خضم من المشاعر المتناقضة والمتضاربة والشعور بالتوهان الشديد.
حدد موقفك من الحياة بوضوح..حتى عنصريتك حددها بوضوح وأعمل وفق ذلك التحديد.. على الأقل لتفهم نفسك.. أوضح لنا ماذا تريد؟ لكي نعرف كيف نحلل واقعنا على الأرض. لكي نعرف متى ستقبل خوض معاركك ومتى لن تقبل..ارسم خطوطك الحمراء لنعرف في ماذا يجوز للشعب ان يتحدث ومتى عليه أن يتوقف عن الحديث؟ هل تريد ان يصبح السودان ولاية أثيولية ام امريكية ام إسرائيلية أم أنت دولة مستقلة تنظر لها على هذا الأساس وتدافع عنها على هذا المستوى كدولة مستقلة ذات سيادة يجب أن تحمي ارضها سواء ضد الأثيوبيين ام المصريين ام حتى شعب كوكب أورانوس؟
لكن لا تكن هكذا..متخبطاً كمن يتخبطه الشيطان من المس..
شيء مقزز..