حمد الريح ... الي مسافرة كيف اتت ؟ بقلم :صلاح الباشا

حمد الريح ... الي مسافرة كيف اتت ؟ بقلم :صلاح الباشا


12-01-2020, 07:04 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1606845842&rn=0


Post: #1
Title: حمد الريح ... الي مسافرة كيف اتت ؟ بقلم :صلاح الباشا
Author: صلاح الباشا
Date: 12-01-2020, 07:04 PM

06:04 PM December, 01 2020

سودانيز اون لاين
صلاح الباشا-السعودية
مكتبتى
رابط مختصر






كلمات ... وكلمات

****
كيف حكي لنا حمد الريح قصة اغنيته التي زادت معدل شهرته وهو لم يلتق بشاعرها.
انها اغنية : الي مسافرة .
******
ربما لا يعرف البعض اغنية الي مسافرة الا بعد ان يعرف مطلعها : يا قلبي المكتول كمد .
فقد كان حمد الريح قادما بالبص من ارض الجمال ودمدني بعد ان احيا حفلا ساهرة هناك .. كان ذلك في بداية العام ١٩٦٨م وقد اشتري من اكشاك بيع الصحف بودمدني بعض الصحف ومن ضمنها مجلة الاذاعة السودانية وكان اسم المجلة القديم (هنا ام درمان )وقد ترأس تحريرها بدءا شاعرنا الراحل الاكثر شهرة محمد الفيتوري .
وفي اثناء سير البص الي الخرطوم كان حمد قد وضع الصحف جانبا وبدا في تقليب المجلة .. وفجأة استوقفته قصيدة طويلة تحمل معاني جديدة وقد لمس فيها حزنا كأنه كان دفينا .. ربما هي حكاوي العشق والغرام والمناجاة . وكان مكتوبا اسم شاعرها هو الشاعر الراحل عثمان خالد وقد كان شابا صغيرا قادما من كردفان ليعمل ويسكن مع اقربائه آل الشيخ الجعلي في حي القلعة المتاخم لودنوباوي بام درمان .
قال لي حمد ذات مرة انه وهو داخل البص قد توقف عند مفردات هذه القصيدة التي هزته فعلا وامتلكته امتلاكا لم يستطع منه فكاكا .. مما ادي الي ان يترنم بلحن هاديء لها .. لحن ذا وتيرة واحدة او كما يقول الملحنون لحن دائري وبايقاع واحد حتي نهاية الاغنية .. وقد كان ايقاعها جديدا جدا اجاده عازف الايقاع الرائع ابراهيم كتبا .
وحين وصل البص الي محطته الاخيرة بموقف الخرطوم ٣ قبل انتقاله الي الشعبي لاحقا .. كانت فكرة اللحن قد اكتملت تماما .
يقول حمد بأنه حين وصل الي البيت في توتي وقبل ان يرتاح من عناء السفر فاذا به يمسك بآلة العود وبدأ يتغني باللحن قبل ( ان يطير منه ) وهو ما يسميه الفنانون ( اقبض اللحن ).
وحكاية اقبض اللحن هذه ذكرها استاذنا الكابلي بانهم ومعه فرقته كانوا في سنجة للمشاركة في حفل زواج وفي فجر اليوم التالي تحركوا بالتاكسي الذي اتوا به غافلين الي الخرطوم . وحتي لايشعر السائق بالنعاس بدا كابلي في دندنة بالعود بلحن اغنية حبيبة عمري للحسين الحسين وفجاة ضربه محمدية علي كتفه وكان يجلس خلفه في التاكسي قائلا له : اقبض!!!
اي اقبض مقدمة اللحن.
اما حمد الريح فقد ذهب للاذاعة في اليوم الثاني واجاز النص من لجنة النصوص واجاز اللحن ايضا .
وبعد اقل من اسبوع تغني به علي الهواء في التلفزيون في سهرة برنامج تحت الاضواء التي كان يقدمها الاعلامي اللامع حمدي بولاد اسبوعيا.
اما القصة الطريفة فان اجر الشاعر في كل من الاذاعة والتلفزيون كان مجمدا بالخزينة لانهم لا يعرفونه وحمد لا يعرفه.
ولكن هناك قصة اكثر طرافة و التي حكاها لي حمد وهي كالتالي :
بعد مرور اكثر من عام وقد ظل الشعب السوداني يردد هذا اللحن الجميل ويتغني به الهواة في كل مكان .. كان حمد الريح مشاركا بالغناء في مناسبة بودنوباوي وبعد انتهاء الحفل وقد كان كل الناس بنات واولاد يحفظون الي مسافرة ورددوها معه اثناء الغناء .. وعند خروجه الي عربته اتي ليه شاب صغير وجميل المظهر وذو شعر سبيبي غزير قائلا له بكل خجل بعد السلام عليه :
انا يا استاذ عثمان خالد شاعر الي مسافرة !!!
فاندهش حمد الريح جدا وقال له انت وين ياخ ونحن نبحث عنك لسنة كاملة للتعرف عليك ولم نحصل علي عنوانك . ولماذا لم تقابلني سواء في مكتبة الجامعة او بنادي الفنانين للتعرف عليك .
عموما سوف احفظ لك حقك في هذه الاغنية التي رفعت مم اسهمي جدا وساذهب الي حسابات الاذاعة والتلفزيون ليجهزوا لك حقك كشاعر حسب النظم المعمول بها .
ما ادهشني في هذه القصة ان هذا الشاعر وبهذه الاغنية التي اشتهرت لم يحاول ان يكتب عنها او يعرض نفسه للصحف انه هو شاعرها .. ولم يحاول الاتصال بحمد الريح .
ما اعظم نوعية تواضع شعراء زمان .
الله يرحمك يا حمد ...
الله يرحمك يا عثمان خالد .