هل انسان دارفور شرير؟ (١) بقلم:محمد ادم فاشر

هل انسان دارفور شرير؟ (١) بقلم:محمد ادم فاشر


11-20-2020, 04:43 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1605843839&rn=1


Post: #1
Title: هل انسان دارفور شرير؟ (١) بقلم:محمد ادم فاشر
Author: محمد ادم فاشر
Date: 11-20-2020, 04:43 AM
Parent: #0

03:43 AM November, 19 2020

سودانيز اون لاين
محمد ادم فاشر-USA
مكتبتى
رابط مختصر





ابدأ بقصة سمعتها من اذاعة امدرمان بداية السبعينات كان المتحدث عثمان حسين عمل محافظا في مديرية دارفور حتي بداية حكومة مايو وكان يحكي تاريخ توظيفه من مدير ادارة البريد الي محافظ مديرية دارفور .ولا اذكر تاريخ تعينه ولكن بالضرورة بعد 1956 قال كان هناك اعتقاد سائد في وسط السودان وبالتحديد في ام درمان بان اهل دارفور يأكلوا الناس ولذلك لقد حصلت علي نصائح كثيرة من الاهل ومن الاصدقاء بان لا اذهب الي دارفور حافظا علي حياتي وقال بصراحة كنت مرعب جدا لانني لا اريد ان اكون وجبة لاحدي الاسر في حين غرة . ولكن مقابل ذلك سوف افقد الوظيفة اذا رفضت واخيرا حصلت علي تعهد لان يتم نقلي في اقرب فرصة ممكنة وحتي ذلك الوقت قررت ان اعمل التدابير الكافية لتفادي صيادي البشر واهلي اقام صيوان العزاء في حياتي واعتبروا مغامرة خطرة مساوي للانتحار وتم وداعي وهم يبكون وقناعتهم كانت تلك اخر لقاء بهم مثل وداع الجندي الذي يذهب الي الحرب .
وصلت دارفور وخائف من كل شئ حولي ومن كل الناس مضت ايام واسابيع وشهور وسنين وانا مازلت حيا لاصل الي حقيقة عكسية كان حق عليهم ان يخافوا مني علي الاقل من سوء الظن.
وكان اهلي يسألون مني باستمرار ان كنت مازلت علي قيد الحياة والبعض غامر ليصل الي دارفور ليتأكد من القفص والحراسات التي حولي ان كانت كافية للاطمئنان .وما ان يصل ويقضي معي ايام واسابيع والشهور والسنين مثل التي عشتها ليتأكد بان اهل دارفور اطيب خلق الله واكثرهم سلما واحتراما وبلادهم اوفر خطا للسعادة من بلادنا ويقرر البقاء في دارفور للابد .
وبدأ كل زائر من اهلي كان سببا لزيارة الاخر حتي تكونت جالية وعندما تم نقلي .بدأنا الرحلة العكسية من البكاء . لقد عز علينا فراق الوسط الذي عشنا فيه الذي لم نجده في القري والمدن التي ولدنا فيها وختم حديثه بان دارفور هي المنطقة الوحيدة التي تذهب اليها باكيا وتخرج باكيا. ولا اعرف هذا الرجل ان كان مازال علي قيد الحياة ونتمني له طول العمر حتي نسمع منه ثانيا هو خير من يجاوب علي السؤال الذي اعلاه .او نتمني من اذاعة امدرمان ان تعيد نشر هذا اللقاء لو كان في الامكان .
وهنا يذكرني ما جاء في مذكرات حضر حمد الله يرحمه الله ويحسن اليه هو الرجل السياسي من ايام زمان كان امينا وصادقا مع نفسه .فيما ورد في مذكراته عندما قال حكمنا بلد لم نعرفه.

( لهذه المناسبة الشئ بالشئ يذكر لقد حاول اكثر من شخص ان يصححني بان كلمة البلد مؤنثة وانا علي الدوام اضعها في محل المذكر واشكرهم علي ذلك ولكن هذه الكلمة بالرغم من ان السودانين اعتادوا علي تأنيثها الا انها مذكر وقد جاء ذكر البلد في القراءن الكريم (لا اقسم بهذا البلد)
ولذلك حتي وان اجتمع اهل السودان لا يستطيعون تانيثها) وضرورة هذه الملاحظة ترد هذا الخطأ حتي لدي الشخصيات الاعلامية ولقاءات كثير من السودانين مع الاذاعات العالمية والعربية ولذلك واجب التنبه) ونعود لموضوعنا.
بالتاكيد هناك كثير من المعلمين والموظفين وظابط الجيش والشرطة والسجون والتجار وغيرهم عاشوا في دارفور علي قناعة تامة لا احد منهم خرج من الاقليم بانطباع سئ .وبالفعل لقد استمعت لعدد من الذين عاشوا في دارفور من ابناء النيل حديثهم عن دارفور وكيف كانت بقعة محببة الي نفوسهم ولم يتركوا لوصف انسان دارفور الا ان يقولوا انهم معصوميون. وشاهدناهم بين ابناء دارفور في الملمات . ومعظم ابناء النيل الذين يشاركون ابناء دارفور في احتجاجاتهم كانوا من الذين ولدوا او عملوا او تربوا في دارفور .
نعم تلك الطيبة والسماحة لدرجة السذاجة وهو ما قاله المخلوع عمر البشير في اخر ايامه اننا فرطنا في سماحة انسان دارفور وكان يقصد في امكان اولاد النيل ان يحكموا ست عقود اخري لو حافظوا علي تلك السماحة لان اهل دارفور كان اسعد ايامهم ابعدهم من الحكومة،
وان انسان دارفور بطبعه انسان مدني بمعايير السياسية الان وسبق ابناء النيل في المدنية ،ويحترم السلطة وبل ذلك من التراث و الموروث الذي تشكل منه ثقافة انسان دارفور من تاريخ الامبراطوريات القوية التي قامت في المنطقة وروضت انسان دارفور ليخضع للمدنية والتعايش مع الاخر .ودارفور بؤرة الوحيدة ولربما في العالم باتت متحفا بشريا لعدة اجناس من البربر والعرب والامازيغ والزنوج والكوشين وشعوب تماحور هم الهكسوس والسكان القدماء الذي عرفوا بالساو وميمي وتمازجت وتعايشت باتوا علي بعد خطوات قليلة جدا من تكوين امة واحدة عندما توحدت اللغة والثقافة والتراث والاشكال والدين .
وهذه البيئة التي ولدت انسان دارفور يحمل خصائص البرقد في الفروسية وهي القبيلة التي تقاس الفروسية عليها عبر تاريخ دارفور فان الفارس الذي ينتطره البشرية كما يقال في عبر التاريخ ولم يولد بعد ذلك هو الذي يأتي بالبرقداوي عبدا .وكرم العرب والتدين الفطري للفور والاعتزاز بالنفس من الزغاوة والحرية من المساليت وسماحة العشرة من البرتي والعزيمة والكدح من الميدوب والتاريخ من الداجو والتنجر.
نواصل علي مدي عدة حلقات شخصية انسان دارفور .