مقدمة . اليوم الخميس 19 نوفمبر 2020 ، يحتفل العالم ، ناقص بلاد الحدادي مدادي ، كما في 19 نوفمبر من كل عام ، باليوم العالمي للمرحاض اي مكان قضاء الحاجة للانسان ، او دورات المياه ( الافرنجية حيث تشطف المياه البراز والبول ) ، او المستراح ( من الراحة ) او الادبخانة ( بالتركية ) ، او بلغة العجم : World Toilet Day
نستعرض في النقاط ادناه خلفيات وأهمية هذا اليوم ، الذي نتمنى ان يركز حلال المشبوك حميتي جهوده عليه ، فهو ام المشبوكات في بلاد الحدادي مدادي ، واصل كل البلاوي والامراض من العصرة والاسهالات والكوليرا والتليف الكبدي . اولاً : في 19 نوفمبر 2011 ، اسس السيد جاك سيم من سنغافورة ، منظمة طوعية باسم منظمة المرحاض العالمية ، لنشر الوعي بين البشر لاهمية المرحاض في حياة البشر . World Toilet Organization or WTO. في عام 2013، أصدرت الأمم المتحدة قرارا يعتمد يوم 19 نوفمبر من كل سنة ، كيوم عالمي للمرحاض ، للإحتفال بهذا اليوم من قبل الحكومات والمنظمات الطوعية والناس اجمعين ، وتدشين حملة دولية للتوعية باهمية الصرف الصحي ، واهمية المرحاض في حياة الانسان ، لضمان الصحة وتجنب الامراض القاتلة ، واشدها خطورة الاسهالات المعوية والكوليرا ، الناتجة عن عدم توفر المرحاض لقضاء الحاجة . تخطط الامم المتحدة لمعالجة مشكلة الصرف الصحي ، وتمكن كل انسان من قضاء الحاجة في مرحاض ، وليس في الخلاء بحلول عام 2030 ، كما جاء في الهدف السادس من اهداف الامم المتحدة للتنمية المستدامة .. الماء والصرف الصحي للجميع بحلول عام 2030 : Sustainable Development Goal 6 (SDG 6)... water and sanitation for all by 2030.
في هذه السنة 2020 ، سوف يكون شعار اليوم العالمي للمرحاض : الصرف الصحي المُستدام والتغيير المناخي : Sustainable sanitation and climate change. لتوضيح العلاقة بين التغيرات المناخية والصرف الصحي ، يمكن الاشارة ، مثالاً وليس حصراً ، لفيضانات وامطار شهر اغسطس 2020، التي اغرقت السودان والخرطوم في مستنقعات مائية ، وادت الى هدم آلاف المنازل ، وبالتالي تخريب المراحيض ، ووسائل وآليات الصرف الصحي ، مما اضطر المواطنون للتبرز والبول في المستنقعات المائية وفي الخلاء اليابس للمحظوظين . وحتى هؤلاء المحظوظين ، كانوا يقضون الحاجة ليس بعيداً عن المكان الذي فيه يعيشون وينامون وياكلون ، مما اصاب اغلبهم بالعصرة ، والاسهالات المعوية ، بل الكوليرا ، ومات مئات الاطفال والشيوخ وغيرهم من المواطنين جراء هذه الامراض المعدية ، التي كانت نتيجة انعدام المراحيض ، وقضاء الناس الحاجة في المستنقعات المائية والخلاء . صورة ادناه للخرطوم وهي اشبه بمستنقع مائي ضخم . اين يقضى الناس الحاجة وسط هذه المستنقعات المائية ؟
ثانياً : اكدت الامم المتحدة ان هنالك 4 مليار و200 مليون من البشر يقضون الحاجة في الخلاء حالياً ، وليس لديهم مراحيض . وللأسف تجد آلاف المواطنين في الخرطوم ، دعك من الاقاليم ، الذين يقضون الحاجة في الشوارع ، ولا يجدون الماء للإغتسال ، خصوصاً غسل اياديهم ، الملوثة ببقايا البراز ، بعد استعمالهم للحجارة والدراب لإزالة ، وليس غسل بواقي البراز من مؤخراتهم بعد قضاء الحاجة . ثم يذهب الواحد منهم للمطعم ، ويتناول طعامه من الفول ، عادي بالزبادي ، ويده ملوثة بالبراز ، فتصيبه العصرة ، والاسهال ، وربما الكوليرا . محنة ؟ ثالثاُ : اكدت منظمة الصحة العالمية ان جرام واحد من البراز يحتوي على : + أكثــر مــن 10 مليون فيــروس ، + واكثر من مليــون بكتيريــا ، + واكثر من ألــف مــن الأكيــاس الطفيلية ، + واكثر من 100 بويضــة طفيليــة. الكترابة ؟ فتأمل ! وبالتالــي، فــإن التخلص غير الامن من البراز، يعرض حياة الانسان وصحته للخطر . رابعاً : في العصور الأولى ، كان الناس يقضون حاجتهم في الخلاء ، ليس بعيداً ا عن المكان الذي يعيشون فيه. ثم اكتشف الانسان الحفرة ، ومستراح الحفرة ، لقضاء حاجته ، بعد أن راي الحيوانات تقضي حاجتها بحفر حفرة في الأرض، ثم تهيل التراب على برازها في الحفرة . في الاماكن التي يكثر فيها المطر ، ولتجنب إنزلاق القدمين في الخلاء ، استخدم الانسان هيكلاً حديداً للجلوس عليه ، ولكننا في السودان نلجأ إلى القلقلة وليس الجلوس . اكتشفت البعثة السويسرية ان انسان كرمة قد استعمل المرحاض الحجري الحفرة قبل 3 الف سنة ، في اول تجمع انساني ، عرفه البشر . صورة ادناه لمرحاض حجري حفرة استعمله إنسان كرمة ، في اسفل الصورة الاولي والثانية على الشمال :
في القرن الثالث عشر في أوروبا، تطور شكل المرحاض من الحفرة ، الى مرحاض اشبه بالمرحاض الافرنجي الحالي مع دورة مياه مرتبطة به . كان الإمبراطور لويس الثالث عشر يضع مرحاضه المزخرف أمام عرشه، احتراما وتقديرا لهذا الاختراع. في عام 1898 ، تم استعمال المرحاض بشكله النهائي بالسايفون ، كما هو موجود في منازلنا اليوم ... ليس كل منازلنا للأسف . خامساً : صحيحة هي المقولة التي تزعم ان مقياس حضارة الانسان تعتمد على بعده من فضلاته ... بالتخلص منها بعيداً عنه . طبعاً بإستعمال دورة المياة المربوطة بالسايفون . في اي بيت اوروبي ، تجد الحمام انظف مكان في البيت . تدخل الحمام وفيه المرحاض وكانك تدخل غرفة عروس في ليلة الدخلة . روائح عطرة ، ونظافة كاملة وشاملة بالديتول وسائر المعقمات . يستعمل الاوروبي اوراق التوليت بعد قضاء الحاجة ، دون ان تلمس يده برازه . ومع ذلك يقوم بغسل اياديه ، بعد الإستنجاء بالورق ، لمدة حوالي 30 ثانية في المتوسط ، بالماء والصابون . هذه هي الحضارة بمفهومها الغربي الإستناري . ولذلك تجد متوسط عمر الفرد الاوروبي 82 سنة بفضل مرحاضه الافرنجي النظيف دوماً ، ولغسله اياديه بالماء والصابون بعد قضاء الحاجة . اما متوسط عمر الفرد في دول العالم الثالث فلا يتجاوز 30 سنة ، لإستنجائه في الخلاء ، وإستعماله الحجارة والدراب لإزالة ما تبقى من براز على مؤخرته ، مع بقاء يده ملوثة بباقي برازه . سادساً : نحكي لكم ، مثالاً وليس حصراً ، قصصاً حقيقية ووقعت بالفعل في الحدادي مدادي ... آيات لقوم يتفكرون : واحد : حدثنا وزير دولة في وزارة الخارجية بان وزيرة بريطانية اجتمعت معه في مكتبه في وزارة الخارجية في الخرطوم ، وكانت تقطع الحوار لتذهب لفندق الهيلتون لقضاء الحاجة ، ثم تعود لمواصلة الحوار . ببساطة لان الحمام في مكتب الوزير معطل وغير قابل للاستعمال . ربما استعمله في غياب الوزير ، عمال النظافة او المراسلات ، واستعملوا الحجارة والدراب للاستنجاء ، او رمت عاملات النظافة قطن العادة الشهرية في حوض التوليت ، فإنسد . وكل ما يتم اصلاحه ، ينسد مرة اخرى . وهكذا دواليك . فتأمل . اتنين : حدثنا اوروبي يعمل في منظمة طوعية بانه يجك كل فجر في ملعب جامعة السودان للتكنولوجيا في الخرطوم . وفي مرة احتاج ان يغشى الحمام للتبول فقط . وكم كانت دهشته كبيرة ان وجد كل الحمامات مسدودة وغير صالحة للاستعمال حتى للتبول ... لقذارتها . وبالسؤال عرف ان السبب هو الحجارة والدراب . واخبرته طالبة بانها تمسك نفسها طيلة اليوم الدراسي ، ولا تغشى اي حمام لانها كلها جميعها غير قابلة للاستعمال . تلاتة : في الدامر عاصمة ولاية النيل ، تجد معظم السكان مصابين بالاسهالات والعصرة لانهم يبنون حفرة مستراح في ركن من المنزل ، ويحفرون بئرأ للشرب في الركن المقابل . ويقوم جارهم من الناحيتين بعمل نفس الشي . فتختلط مياه ابار الشرب عندهم بحفرة مستراح جارهم ، وتتلوث مياه بئرهم ببراز حفرة جارهم بإختلاط المياه الجوفية ... ومن ثم الاسهالات ؟ وما دمنا في الدامر ، فنشير لحديث العصفورة ان الدكتورة آمنة المكي والية ولاية النيل تضطر للذهاب ، اثاء ساعات العمل ، لبيت الراحة في بيتها لانسداد بيت الراحة في مكتبها لنفس الاسباب المذكورة اعلاه . تعرف على الدكتورة آمنة المكي وهي تحكي عن تردي الخدمات في ولاية النيل ، ومنها المراحيض ، في الفيديو على الرابط ادناه :
خاتمة : ندعو حلال المشبوك حميتي لحل مشكلة المرحاض في السودان في اليوم العالمي للمرحاض ، لان المشبوكات تختفي بمجرد ان يحدجها حميتي بنظرة جانبية .