الثورة الما تصيب تدوش.. بقلم:خليل محمد سليمان

الثورة الما تصيب تدوش.. بقلم:خليل محمد سليمان


11-12-2020, 01:01 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1605182479&rn=0


Post: #1
Title: الثورة الما تصيب تدوش.. بقلم:خليل محمد سليمان
Author: خليل محمد سليمان
Date: 11-12-2020, 01:01 PM

12:01 PM November, 12 2020

سودانيز اون لاين
خليل محمد سليمان-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




اعتقد الآن بما لايدع مجال للشك ان عيار ثورة ديسمبر المجيدة لم يصب هدفه بعد، و ما نعيشه من واقع اليم، و مرير لن يصيب مرماه قط.

الثورة بالضرورة هي تغيير جذري في كل اوجه الحياة، و اهم مطلوباتها العدالة المطلقة، و إعلاء قيّمها، و حكم القانون، و بناء المؤسسات بشكل حضاري محترم.

ما شاهدته من واقع ينطبق عليه " من رأى ليس كمن سمع".

رأيت ما لا يخطر علي بال او يتصوره العقل من خراب، و دمار في كل شيئ حتي الإنسان!

ايام حكم كهنة الجبهة الإسلامية كانت تُمتهن كرامتنا ولا نستغرب لأننا نعلم دينهم، و دنياهم، و ادبهم، و سلوكهم الذي شريعته الكبرياء الكذوب، و العنجهية العاطلة، و الضلال، و ضحالة الفِكر، و المنطق.

دخلت بنك أم درمان الوطني قبل مغادرتي للبلاد في 1999 لترتيب امر معاشي، فوجدت موظف سبق وان قابلته ضمن افواج المجاهدين في الجنوب، و كان اميراً.

وقفت امامه بكل عفوية كزبون، و مددت بطاقتي المعاشية، فما كان منه إلا ان قذفها في وجهي، ايّ والله، ثم قال : " دي ما بتأكلك عيش هنا" علماً انها ذات بطاقة المعاش الذي هو في خزائنهم.

ما دعاني لذكر هذا المشهد زيارتي الي مؤسسة حكومية بالامس جعلتني اجد العذر لموظف البنك في ذلك الزمان الغابر لأنه كان يعرفني، حيث اني شيطان اخرس ضد الدين، و الوطن، و دولة كهنوته النجسة.

اما موظفي المؤسسة التي زرتها بالامس بعد الثورة المباركة، لا احد يعرفني، بل وجدت فيهم اقبح، و اقذر من سلوك ذلك المعتوه في زمن الفجور، و الضلال.

موظفين، و ضباط تقف امامهم و تلقي عليهم التحية لا احد يبادلك التحية، فمنهم من يتحدث في التلفون، و منهم من يتصفح هاتفه، و منهم من يتجاذب اطراف الحديث مع زميل آخر، و منهم من ذهب لصلاة الظهر، و محراب عبادته " العمل" طاهراً، وطهور، بلا ركوعٍ او سجود، و الكل متجهم الملامح، يستعدي الجميع بلا مبرر، و امامهم العشرات بل المئات من المواطنين يتسابقون بكل رضا في مشهد عبثي يثير الشفقة نحو فتحات النوافذ الضيقة لإنهاء معاملاتهم.

شاهدت مناظر لا تشبه السودان بعد ثورة ديسمبر في شيئ، كان لابد لأي مواطن ان يجد دليل بالاجر داخل هذه المؤسسة الحكومية ليقوم بتسهيل المشقة، و وعثاء الحركة بين النوافذ.

ما رأيته ذكرني بالمقبرة الجماعية لمفقودي جريمة فض إعتصام القيادة العامة، المعلن عنها في التو و اللحظة حيث قُبرت الثورة عندما كان العجز عنوان، و الضعف، و التردد هادي، و الخوف دليل.

لا تختلف التفاصيل، فالوجه واحد لوطن جريح يصارع الموت وحيداً يأبى ان يستسلم، و لسان حاله يقول : لم ولن اموت قبل ان تحل عليكم اللعنة جميعاً لأرقد بسلام مع الخالدين.

عيار ثورتنا المجيدة لا يزال طائشاً، و الكل بين سندان الدَوشة، و مطرقة الدُوشة!

الله غالب..