Post: #1
Title: الحزب الشيوعى : ملعون خارج وداخل الحكومة !بقلم: عبدالمنعم عثمان
Author: عبد المنعم عثمان
Date: 11-09-2020, 09:50 PM
08:50 PM November, 09 2020 سودانيز اون لاين عبد المنعم عثمان-السودان مكتبتى رابط مختصر
كان المعارضون للحزب من مختلف التوجهات يرمون الحزب بأخطاء الحكومة الأنتقالية ، على اساس انه المسيطر عليها وذلك لوجود اسماء فى مناصب معينة كانوا محسوبين عليه. لذلك كان مشاركا للاستفادة من السلطة ولكنه ينتقد اخطاءها محافظة على وضعه بين الجماهير الساخطة. هؤلاء يعيبون عليه انتقاده لبعض مواقفها على اساس انه موقف انتهازى ! وعندما اعلن خروجه الآن من قوى التغيير المعروفة بصفة الحاضنة للحكومة الأنتقالية وكذلك من قوى الأجماع بمبرر انها تؤيد مواقف الحكومة ولا تضع اعتبارا لأراء الحزب حول بعض القضايا ، التى يفترض ان عليها اتفاق مع احزاب قوى الأجماع ، على الأقل ، عبر بعض المعارضون له من حيث المبدا ، مثل الزواحف ، بمختلف التعابير التى تدل على الفرح بخروج هذا الشيطان الرجيم برايهم . وعبر آخرون بفرح يدل على انهم يرحبون بخلو الساحة من هذا المزاحم الثقيل ، على اقل تقدير . وذلك بتعابير مثل " اقفلوا البالب وراكم ! " او "قشة ماتعتر ليكم "..الخ . وليس موقف هؤلاء واولئك بغريب، فان له مايبرره ، ولكن الغريب هو موقف أخرين كانوا يؤيدون راى الحزب فى أغلب ما يطرح من قضايا . فمثلا ظلل هؤلاء يؤيدون موقف الحزب من السياسات الأقتصادية المعتمدة على انتظار الأعانة من الخارج وغيرها من سياسات لاتنظر الى امكانيات السودان الكبيرة والتى لاتحتاج الا لحسن ادارة . وكذلك رأيه فى بطئ الحكومة فى كل القضايا الأخرى الهامة من محاكمات الى متابعة استرداد المال المنهوب ، الى نتائج التحقيق فى جرائم فض الاعتصام .. الخ ، ومع ذلك فقد انضم هؤلاء الى جوقة المبسوطين بخروج الحزب من الحاضنة ومن قوى الأجماع ، وعلق أحدهم بالقول : ماقادرين نفهم الساسة السودانيين : ماذا يريدون؟! وهم بهذا يضعون الجميع فى سلة واحدة . وهذه المجموعة الأخيرة ، اى الذين كانوا يؤيدون ماعارضه الحزب ولكنهم تبعوا الآخرين فى موقفهم من خروجه ، هى التى اردت ان اخاطبها من خلال هذا المقال لأنى اعتبرهم الرصيد الطبيعى للجبهة التى ادعو للأرتصاصها فى سبيل اصلاح المسيرة ، وهم بالطبع يريدون .ولتوضيح موقف الحزب بشكل يجعل من الممكن اتخاذ وجهة موضوعية منه ، أقول : أولا : لابد من الأجابة بوضوح عن وضع الحزب الشيوعى ، كحزب ، من السلطة الأنتقالية وحاضنتها . وفى هذا ، اعلن الحزب عدم رغبته من البداية المشاركة فى مؤسسات السلطة الأنتقالية جميعها ، ثم تراجع بقبول المشاركة فى المجلس التشريعى . ولكن المعارضين يقولون ان هذا هو الموقف الأنتهازى الذى يصفون به وضع الحزب ، فهم يعرفون ، او يظنون انهم يعرفون ، ان للحزب تمثيل فى كثير من مواقع السلطة . وهذا ظن ليس له ما يسنده فى الواقع لسببين : الأول ان اغلب هؤلاء كانوا ينتمون للحزب وخرجوا منه لأسباب تخصهم ، وبالتالى فلا يصح ان يعتبروا معبرين عن مواقف الحزب ، كحزب ، حتى لو اتفقت بعض رؤاهم معه. والثانى ان هناك آخرينين ينتمون للحزب ، لكنهم اختيروا لبعض المواقع بحكم وضعهم الوظيفى فى بعض المؤسسات او اختارتهم جهات مسئولة ، رسمية او شعبية ، وذلك من امثال والى الجزيرة ، وكذلك فان هؤلاء لايمكن اعتبارهم دليلا على الموقف الأنتهازى الذى يدعون . والأهم من كل ذلك ، وهو الأمر الذى لم يضع له المعارضون بالا ، وهو انه ، كما بين بيان الحزب ، فقد حاول اصلاح مايرى انه فى حاجة للاصلاح من داخل وضعه فى الحرية والتغيير وفى قوى الأجماع ولكنه فشل . من مثل ذلك ، الموقف من قضايا الاقتصاد ، حيث قدم الحزب رؤيا اتفق فيها معه المتحالفون فى قوى الأجماع ، وتبنى بعضها المؤتمر الأقتصادى ، الا ان الحكومة تخطت تلك السياسات وباسلوب ماكر ، بحيث كانت توافق فى الظاهر ولكنها تواصل سياسات الصندوق الملزمة لها باتفاق مسبق ، ويبدو ان القشة التى قصمت ظهر بعير العلاقة بين الحزب وقوى الأجماع ، هى موافقة بعض حلفائه فيها على سياسات الحكومة المخالفة للسياسات التى اتفق عليها ! ولاأدرى بعد ذلك ماالذى كان سيبرر وجوده فى هذه المؤسسات ، خصوصا وان العمل يجرى على قدم وساق لأجهاض آخر الآمال ، وهو تكوين المجلس التشريعى بالصورة التى ستضمن تمرير قرار التطبيع مع اسرائيل ، وبالتالى كل ما يريده العسكر وحلفاؤهم الجدد ! موقف مماثل من مايو : بماانه يحلو للمعارضين ذكر موقف الحزب من مايو كدليل على ممارساته الانتهازية المستمرة ، فقد رايت انه من المناسب ان نذكر ماحدث عند ذلك الوضع الشبيه ، وهو موقف يبعدعن الحزب تماما صفة الأنتهازية ويؤكد مبدايته فى اتخاذ المواقف . لقد كنت معاصرا لذلك الحدث وانا فى اوائل سنوات العمل بوزارة الزراعة . اذكر انه فى صبيحة الخامس والعشرين من مايو 1969 ان كان معنا احد الأهل من كبار حزب الأمة ، فبدأ ذلك الصباح بمناقشة ساخنة بيننا يقول فيها ان الأنقلاب شيوعى وانه لن ينجح ، وكان ردى ان ألانقلاب غير شيوعى لأن الحزب الشيوعى ضد الأنقلابات ومع ذلك فانه لن يفشل لأنه جاء ضد حكومة فقدت تأييد غالبية الشعب ! ومن ثم ذهبت الى العمل وظللنا ننتطر بيان الحزب حتى منتصف ذلك النهار . لما جاء البيان كانت اراء المجموعة الصغيرة من اعضاء الحزب حوله كأنما تتنبأ عما سيحدث من انشقاق كبير فى الحزب بعض اسابيع قليلة من نجاح الأنقلاب المايوي . وقد كانت مواقف الذين خرجوا على الحزب مبررة بواقع الأحوال قبل الأنقلاب مباشرة. فقد كان الحزب فى موقف لايحسد عليه من حكومة المهدى التى طردت نوابه من البرلمان ومنعت وجوده الرسمى . وفى هذه الظروف نجح انقلاب مايو فى استلام السلطة واعلن برامج الحزب فى كل المجالات تقريبا وعين عدد من الوزراء المنتمين للحزب بالفعل وعدد آخر من التقدميين . ومع ذلك فان بيان الحزب وصف ماحدث من " ثورة "على وصف اصحابها ، بانه انقلاب . وان الحزب من ناحية مبدئية لايؤيد الأنقلابات الا فى حالة ان يكون انحيازا لثورة شعبية مثلما حدث فى اكتوبر ! فهل يمكن ان يصدر مثل هذا الموقف من فكر انتهازى وفى مثل تلك الظروف ؟! ربما يقول البعض : ولكن الا تدل مواقف الحزب التابعة ، مثل تسيير مواكب التاييد الواسعة وغيرها على تأييده للأنقلاب ؟ وللرد البديهى أقول : ان المواقف السياسية تختلف من حيث المبدا ومواجهة الأمر الواقع ، خصوصا ان بيان الحزب قد بين امكانية تطور الأنقلاب الى ثورة ، اذا سار فى درب تحقيق مطالب الشعب الاساسية واشراكه فى تحديد المسارات وتنفيذها . ثم هل كان من العقل ان يقف الحزب ضد الأنقلاب ، وبالتالى يعطى اعداءه فرصة ازالته الكاملة من على ارض السياسة السودانية وقد قطعوا بالفعل اكثر من منتصف الطريق قبل الانقلاب ؟!أما من فارقوا الحزب وقتها فمنهم القليل الذى عاد بعد ان وضحت صحة موقف الحزب من الأنقلاب واندمجت البقية فى اللعبة المايوية لدرجة وقوف بعضهم كشهود اتهام ضد زملائهم القدامى فى محاكم انتهى بعضها بحكم الاعدام ، فهل يمكن اعتبار اولئك منتمين الى الحزب الشيوعى وقتها وتحسب اعمالهم عليه أوله ؟! لهذه الأسباب استمرت العلاقة بين مايو والحزب الشيوعى تقريبا على نفس النحو الذى سارت عليه فى العلاقة مع السلطة الأنتقالية من الشد والجذب والقبول والرفض الى ان وصلت الى مرحلة اصبح لاجدوى من استمرار العلاقة وضرورة البحث عن اصطفاف جديد بعد ان تم تقريبا اصطفاف الاطراف الأخرى وعلى راسهم العسكر فى معسكر اقل مايمكن ان يوصف به انه يسعى الى الهبوط الناعم ، وعلى اصحاب المواقف الوسيطة تحديد موقعهم لأن فى ذلك تعجيل بانتصار مبادئ ثورة ديسمبر المتفردة ، او تعجيل بأنتكاسة مؤقته !
|
|