نحن وهم والانتخابات الأمريكية بقلم:د.زاهد زيد

نحن وهم والانتخابات الأمريكية بقلم:د.زاهد زيد


11-08-2020, 12:04 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1604833454&rn=0


Post: #1
Title: نحن وهم والانتخابات الأمريكية بقلم:د.زاهد زيد
Author: زاهد زيد
Date: 11-08-2020, 12:04 PM

11:04 AM November, 08 2020

سودانيز اون لاين
زاهد زيد-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر




أكاد أجزم صادقا أن الكثيرين لا يلمون الإلمام الكافي بنظام الانتخابات الامريكية الرئاسية الذي يبدو معقدا خلافا لما تعرفه العامة من نظام الانتخابات الرئاسية في البلاد العربية .
فالرئيس الأمريكي لا ينتخب مباشرة من الجماهير ، ولكنه ينتخب بنظام يبدو أنه معقد نوعا ما ، يصوّت الناخبون فيه لاختيار مندوبي المجمع الانتخابي بحسب الولايات وعددهم متفق عليه على حسب الثقل السكاني للولاية ، هؤلاء بدورهم سيصوتون في 14 ديسمبر 2020 بانتخاب  الرئيس و‌نائبه .
ولا نريد هنا أن نخوض في بحر الانتخابات الحالية ، ولكن نريد أن نلاحظ ردة الفعل تجاه هذه الانتخابات في المنطقة التي تحيط بنا بوجه عام وفي السودان بوجه عام .
يأتي إهتمام الناس في محيط منطقتنا بالانتخابات الرئاسية الأمريكية نسبة لتأثير أمريكا كدولة عظمي فيما يجري في هذه المنطقة ، حيث نجد أن كثيرا مما نجده واقعا فيها فلأمريكا يد فيه .
إما بالتدخل المباشر كما حدث في العراق وأفغاستان أو بالتدخل غير المباشر كمساعدة إسرائيل ومؤازرتها في كافة المجالات ، وفي صنع الحكام الموالين لها الذين ينفذون سياستها بالوكالة دون تردد .
لا يستطيع أحد أن يلوم أمريكا على ما تفعل مادامت تتصرف كدولة عظمى ترعى مصالحها بما تراه ، مهما كان حكم الناس على هذه الرؤية ، فرأيهم لا يغير في الواقع شيئا .
وغني عن القول أن اللوم إنما يقع على من أعطى لها الفرصة للتدخل سواء أكان هذا التدخل مباشرا أم غير مباشر ، لأن هناك دولا لم تستطع أمريكا رغم قوتها أن تخترقها وأضطرت في الأخير للتعامل معها معاملة محترمة ولا نقول معاملة الند للند ومنها كوبا ، وكوريا الشمالية ، وإيران .
علينا ألا نغفل نظام العقوبات الأمريكية الذي يبقى مسلطا على كل من يحاول الخروج على السيطرة الأمريكية ، وهو نظام يخنق تلك الأنظمة المارقة ويحرض شعوبها للانقضاض عليها متى ما بلغ الضيق مداه .
كما يقول الكثيرون إن الدول الكبرى وعلى رأسها امريكا لها استراتيجيات لا تتغير بتغير الرؤوساء ، وقد تتغير التكتيكات والأساليب ، ولذا فإن ما نراه من اهتمام من الدول المغلوبة على أمرها بالانتخابات الأمريكية لا فائدة نرجى منه .
فإن الاستراتيجيات الأمريكية باقية سواء مع ترامب أو بادن ، وكل ما هناك أن الناخب الأمريكي يهمه ما يقدمه له الرئيس الجديد أو القديم من برامج تدعمه في مجال حياته ، وتأتي السياسة الخارجية في مؤخرة إهتماماته ، والحقيقة أن الناخب الأمريكي قد ألقى هم السياسة الخارجية على عاتق المؤسسات المعنية بذلك ، وربما لا يعلم الأمريكي العادي أين تقع أفغانستان التي يحارب جيشهم فيها منذ مطلع التسعينات .
والغريب أن دولاً كثيرة تهتم بالانتخابات الأمريكية أكثر من إهتمام الامريكان بها ، فنجد قناة الجزيرة تخصص كل ساعات بثها لهذه الانتخابات تحليلا ونقلا لكافة دقائق تفصيلاتها ، وكأنها قناة أمريكية باللغة العربية ( وأسر لي بعض الظرفاء أنها فعلا قناة أمريكية بالعربية ) .
الكل يعرف التحالف غير المقدس القائم بين الأنظمة الفاسدة حول العالم وأمريكا مما لا يحتاج معه لشرح ولا تفصيل ، فالعلاقة بين الإدارة الأمريكية والدكتاتور السيسي مثال واضح وفاضح ، وكذلك التبادل للمصالح بين الأنظمة المستبدة في الخليج وأمريكا .
كل يعرف ما يريد من الآخر ، والمسافة محفوظة ، ومحدودو الذكاء هم من يعتقدون أن أمريكا راعية للديمقاطية أو راغبة فيها للشعوب المغلوبة على أمرها ، فهي تفضل كما صرح من قبل قادتها التعامل مع الحكام الدكتاتوريين لأنهم يدينون بالبقاء لها . و لا يترددون في تنفيذ ما تطلبه منهم بسهولة ويسر مما لا تقبله الحكومات الوطنية التي تعبر عن مصالح شعوبها .
لذلك نجد أنه من قبيل إلهاء الشعوب انشغال العالم العربي بالانتخابات الأمريكية ، ومحاولة تصويرها بأنها قمة الديمقراطية .
ومن العجب أن قنوات مثل الجزيرة والحدث والعربية ، تخصص كل ساعات بثها الحى لنقل أخبار تلك الإنتخابات وترسل المراسلين في كل أو أغلب الولايات الأمريكية للمتابعة أولا بأول ، وتستضيف المحليلين والخبراء الاستراتيجيين من كل حدب وصوب ، وتوفر لهم المترجمين ، ولكن في المقابل لا تنطق بحرف عن طريقة اختيار الحكام في بلادها .
فهذه هي قناة الجزيرة تنفق الملايين لنقل أخبار الانتخابات الأمريكية وتلزم الصمت تماما فيما يتعلق بحكام قطر من الأسرة المهيمنة على كافة مقدرات الشعب القطري الذي لا تسمع له صوتا فيها إلا إذا كان مغردا بفضائل آل تميم .
نفس الوضع المزري تقوم به قناة الحدث الإماراتية ، وكذلك قناة العربية ، فهذه القنوات التي تملأ الفضاء وتنشق حناجرها وتتفتق عبقريتها فقط عندما يتعلق الأمر بغير الدول التي أنشأتها .
فما هي تلك المعايير الصحفية والإعلامية التي تقوم على مبدأ المثل " باب النجار مخلع " ؟
وأي نوع من الإعلام تقدمه للمشاهد ، الذي يعلم تمام العلم أنها قنوات فاقدة للمصداقية ، وبعيدة كل البعد عن الإعلام الصادق .
فهل يهم المواطن العربي أن يتابع كل صغيرة وكبيرة عن العالم الخارجي ويلم بأدق تفاصيل التفاصيل ؟ وهو يجهل تماما كيف تدار بلده ؟ ولا يعلم الهدف من وراء هذا الإعلام الذي ينفق عليه ملايين الدولارات وهو لا يعكس حقيقة ما يدور في بلده .
لو أن هذا الاهتمام جاء من قناة البي بي سي أو السي إن إن أو غيرها من القنوات الغربية الأخرى لكان الأمر مفهوما ، لأنها تعبر فعلا عن سياسة واضحة ومعروفة ، وبمهنية عالية ، وحرية تتناول كل الأحداث بنفس روح الحرية والانفتاح .
والعجب العجاب أن لا أحد من كل الحكام الفاسدين الذين كل رصيدهم وراثة الحكم والذين يقومون على أمر الإعلام الفاسد هذا يشعر بالتناقض بين ما يقومون به ، وبين واقعهم القمئ . فهذا زمان المهازل أن تجد مذيعا أو مذيعة في هذه القوات يسأل ماذا سيصنع بادن الرئيس المنتخب إذا رفض ترامب التخلي عن الرئاسة ؟
لم يخبر أحد هؤلاء الأغبياء أنهم لا يتحدثون عن شيخ م شيوخهم في بادية نجد أو الحجاز أو في خيمة كبيرهم في مملكة البحرين ولا في ضهاري الإمارات أو قرب دوحتهم غير الظليلة .
كما أن العالم يتقدم كل يوم خطوة في اتجاه العلم والمعرفة يظل أهل الشام يستغفلون أصحاب الدرهم والريال البترولي بتزيين العالم الخارجي لهم والتغطية عما يجري في بلادهم ، فتجد "علاوي " الفلسطيني المتسعود يفتى في الانتخابات الأمريكية وكأنه يقتات من زيتون غزة أو الضفة الغربية ، كما تجد فيصل القاسم السوري المتفرنج وهو ينصب نفسه حكما بين فرقاء العرب ولا يذكر أولياء نعمته في قطر بنفحة من نفحاته .
أما نحن فما يعنينا من كل زخم الانتخابات الأمريكية أن نعرف مصير دولاراتنا التي عقدنا صفقتها مع الراحل ترامب ، الذي سيرحل وربما قبل أن يوقع على الصفقة مدفوعة الثمن مقدما .
إلى الآن لم يعرف أحد لماذا تعجلنا الدفع قبل أن تعرف إلى من ندفع ؟ ومن الضامن ؟