مُشكلة إنتاج ..! بقلم:هيثم الفضل

مُشكلة إنتاج ..! بقلم:هيثم الفضل


10-06-2020, 06:09 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1601960981&rn=0


Post: #1
Title: مُشكلة إنتاج ..! بقلم:هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 10-06-2020, 06:09 AM

06:09 AM October, 06 2020

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر



صحيفة آخر لحظة

سفينة بَوْح –



من أهم أسباب إشاعة الجهل (القومي) ، إنبراء غير المُختصين لتحليل المُشكلات والوقائع والأزمات وبثها عبر وسائل التواصل الإلكتروني وكأنها حقائق لا تقبل الجدل ، والمشكلة الحقيقية تتمثَّل في أن الكثيرين من رُوَّاد تلك الوسائط يتلَّقون تلك الرسائل بثقةٍ بالغة لا تقبل الشك ، وفي أحيانٍ كثيرة يتحوَّلون إلى (مُروَّجين) لتلك التحليلات والخطرفات ، إلى أن تصبح في أذهانهم وأذهان البُسطاء مصدراً أساسياً لشكل ومضمون الخبر أو الواقعة ، وللحقيقة فإن التأثيرات السلبية للشائعات والتحليلات الخاطئة على وعي الرأي العام وإنتظامهُ في صفوف العارفين بحقائق المُشكلات وتفاصيلها ، لها ما بعدها من تداعيات أهمها إتساع دائرة الجهل بمفهومه المُطلق وأقلها أن يُغرِّد الكثيرون خارج سِرب منظومة الحق والحقيقة ، يؤلمني جداً أن أجد أعداداً ضخمة من روَّاد وسائل التواصل الإجتماعي يلتَّفون بشغفٍ حول مادة منشورة لا يفوت على حصيفٍ ومُتمهِّل إكتشاف إختلالاتها وتعارضها مع المنطِق.

على سبيل المثال وفور إعلان الجهات الرسمية وفي مُقدِّمتها وزارة الصناعة والتجارة عن وصول عدد 10 مخابز تبرعاً من جمهورية مصر الشقيقة ، بإنتاجية عالية قد تصل إلى المليون ونصف قطعة في اليوم وهي الآن بحسب التصريحات في طور التركيب ، إنبرى عدد ٌ من أدعياء التحليل الإقتصادي والمُتهجَّمين على صِنعة تحليل الوقائع والأزمات ليتساءلوا عبر منشوراتهم ، كيف لوزارة التجارة والصناعة أن تسعى لإستجلاب مخابز والمُشكلة الحقيقية تتمثَّل في شُح الدقيق ؟ ، وكأنهم بهذا يريدون وصم وزير التجارة والصناعة وكل من ينتمي إلى آلية معالجة أزمة الخُبز المُزمنة في السودان بما فيهم رئيس الوزراء وربما رئيس مجلس السيادة نفسهُ بـ (الغباء) و(الغفلة) للحدِ الذي يقودهم أن يعملوا على معالجة أزمة شُح الدقيق بإستجلاب مخابز إضافية ، لينطبق عليهم المثل القائل (البِقول راسو مَوْجْعو بِربُطولو كُراعو) ، ما هكذا تورَّد الإبل يا هؤلاء ، فضُعف الأداء الذي نتَّهِم به وزراءنا ومسئولينا لم يصل حد (الغباء) وعدم القُدرة على تحليل المُشكلة بالقدر الذي يجعلهم مُتخلفين عن (وعينا وذكاءنا وقُدراتنا الإستثنائية) على التحليل وإكتشاف مواطن الخلل ، على المستوى الشخصي أعتقد أن وزير التجارة هو أكثر السودانيين إلماماً وتحليلاً مُتعمِّقاً لأزمة الخبز السوداني ، ليس لأنهُ الأفضل والأذكى والأوفى ، لكن فقط لأنهُ المسئول الأول عن توفيرهِ ، ولأنه أكثر المُتضَّررين من الأزمة على مستوى الضغوطات التي يُجابه بها رسمياً وشعبياً وأحياناً سياسياً.

أنا أحد المُقتنعين بأن أزمة الخبز في السودان هي أزمة إنتاج بنسبة 75 % ، أما توفُّر الدقيق ومُشكلات الإدارة وحقوق الدولة والمواطن وأصحاب المخابز فتمثِّل فقط 25 % من الأزمة ، وللذين لا يعلمون فقد أدى تخفيض وزن الخبز إلى النصف تقريباً لمُضاعفة المُستهلِك لكمياته (عددياً) ليحصل على ما كان يكفيه بالوزن القديم ، وفي ذات الوقت ظلَّت المخابز تنتج نفس الكميات (عددياً) لكن بأوزان أقل وذلك لأسباب فنية يعلمها أصحاب المخابز ، ما يحدث الآن أن كل دُفعة خبز يتم إنتاجها كل 15 دقيقة في المخابز الآلية كانت في السابق كفيلة بتلبية حاجة عشرة أشخاص ، أصبحت لا تُلبي حالياً حاجة أكثر من خمسة أشخاص ، بعد أن إنخفضت أوزان الخبز وظل الإنتاج العددي كما هو ومُضاعفة المُستهلكين لكمياتهم العددية المُعتادة.