Post: #1
Title: اتِّفَاق سَلَام دُون الْحُكْم الذَّاتِيّ ، هَل يُحَقِّق طموحات سُكَّان إقْ بقلم:عَبْدالسَلام نورين
Author: عبدالسلام نورين عبدالسلام
Date: 10-04-2020, 07:32 PM
07:32 PM October, 04 2020 سودانيز اون لاين عبدالسلام نورين عبدالسلام-نانت - فرنسا مكتبتى رابط مختصر
يَوْم ، ٣ أُكْتُوبَر ٢٠٢٠م ، أُسْدِلَ السِّتارُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْ أَكْبَرِ عَمَلِيَّات التَّزْوِير فِي تاريح السُّودَان ، وَلا سِيَّمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بأَزْمَةٌ السُّودَانِ فِي دارْفُور - حَيْث زُور إرَادَة شَعُوب كَامِلَة مِنْ قِبَلِ الْحَرَس الأيدولوجي للسودان الْقَدِيمِ وَبراجوازية الدَّوْلَة مَا قَبْلَ الرسمالية (البرجوازرية الإثنية) . تَمّ الْوَعْد مِنْ الْأَخِيرِ بِأَشْيَاء لَيْسَ فِي مَقْدُورُه الْإِيفَاء بِهِا وَهِيَ اِسْتِعادَة الْأَرْضِي الْمُحْتَلَّة مِنْ قِبَلِ الْمُسْتَوْطِنِين الْعَرَب المسنودين مِنْ الدّوْلَةِ الْمَرْكَزِيَّة ، الَّتِي جلبتهم مِنْ خَارِجٍ السُّودَان مِن جُمْهُورِيَّات تَشاد ، مَالِي ، النيجر ومورتانيا وَ وطنتهم فِي أَرَضِ الْمِيعَاد - أَرَاضِي السُّكَّان الْأَصْلِيَّيْن مِن المساليت وَالْفَوْر . . إلَخ . حِينَمَا أَنطق بهَذِهِ الْعِبَارَاتِ ، لَيْس بِغَرَض التَّشْوِيش وَ الإفْتِرَاءً عَلَى أَحَدٍ ، بَلْ أَقُولُ هَذَا مِنْ مُنْطَلِقٌ مسؤوليتي التَّارِيخِيَّة تُجَاه هَذِه الشُّعُوب وَالشَّوَاهِد الَّتِي أَمَامِي . عِنْدَمَا نَتَحَدَّث عَنْ مِنْطَقَةِ دارفُور وَخُصُوصًا بِمَعْنَاه الَّذِي رُكْنٌ عَلَيْهِ أَهْلُهُ وَسَكّانُه - هُو إقْلِيم دارْفُور - يَتَبَادَرُ إلَى ذِهْنِ القارىء ، التهميش الثَّقَافِيّ ، السِّياسِيِّ وَالاقْتِصادِيِّ وغياب التَّنْمِيَة أَو بِالْأَحْرَى الإبادة الجَمَاعِيَّة ، جَرَائِم الْحَرْب وجرائم ضِدّ الْإِنْسَانِيَّة ، الَّتِي قَامَتْ بِهَا الدَّوْلَة مَا بَعْدَ الاِسْتِعْمار ؛ وَقَصَد مِنْهَا إعَادَة هَنْدَسَةٌ الْإِقْلِيم ديمغرافيا وسياسيا بِمَا يَتَماشَى مَعَ نَظَرِيَّات النَّقَاء العرقي وَالْوَطَن الْعَرَبِيّ المزعوم . طَبْعًا هَذِه الْأَفْكَار لَا وُجُودَ مَوْضُوعَي لَهَا فِي أَذْهَانِ سُكَّان الْإِقْلِيم فِي الرِّيفِ أَو الْمُدُن نَاهِيك عنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ ، وَلَكِن أَتَى بِهِ مِنْ تَغَذَّى عَلَى أفْكَار القَوْمِيَّة الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي تَحَلَّم بتعريب أَي مِنْطَقَة حطى قَدَّمَهُم فِيهَا ، وَمِنْ تُرَبِّي عَلَى أفْكَار الْإِسْلَام السِّياسِيّ بشقيه الطَّائِفِيّ والرديكالي (الأخوان الْمُسْلِمُون والوهابية) . إقْلِيم دارْفُور - حَرْفِيّا تَعْنِي مَنْطِقِهِ أَوْ أَرْضٍ الْفَوْر ، بِاعْتِبَارِه آخَر مُصْطَلَح رَسَّى عَلَيْه الْمِنْطَقَة بَعْض التحولات السِّيَاسِيَّة الَّتِي مَرَّ بِهَا ، وَفِي السَّابِق رُبَّمَا عْرَفُت هَذِهِ الْمِنْطَقَة بِأَرْض الداجو أَو التنجر . . إلَخ وَيُفْهَمُ هَذَا فِي سِيَاقِهَ التاريخي - وموضوعيا تَعْنِي الْمِنْطَقَة الجُغْرَافِيَّة الَّتِي تَسْكُنُهَا قَوْمِيَّة الْفَوْر ، المساليت ، الزغاوا ، الميدوب ، الرزيقات ، المعاليا ، التنجر ، الداجو والبرتي ، الْتَأَمَا . . . إلَخْ وَهِيَ مِنْطَقَة شَاسِعَة ، تَتَمَتَّع بِتَنَوُّع اثْنَي وَتَعَدُّد ثَقافِيّ عَظِيمٌ - حَيْث يُمَثِّل الزنوج فِيه أَكْثَرَ مِنْ 80% مِنْ سُكَّانِهِ وَهُمْ مِنْ إثنيات المساليت ، الْفَوْر ، الداجو ، التنجر ، الْبِرْتِيّ ، الميدوب ، الزغاوة ، الْجَبَل ، الإرنقا ، البرقد ، الْتَأَمَا ، الْقَمَر المراريت ، الفلاتا ، السجنار ، اب درقك، البرقو، ، الميما، الكنيين، الأسنغور والبرنو ..إلَخ، وَيُضَمّ قَبَائِل تُعْرَف نَفْسِهَا، أنها عَرَبِيَّة وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ خَليطٌ مِنَ الزنوج وَالْعَرَب، يَغْلِبْ عَلَيْهِ السمات الزِّنْجِيَّة - حَيْث شَكَلُوا نَسِيج اجْتِمَاعِيٌّ جَدِيد ؛ وَهِم البُنّي حُسَيْن ، المعاليا ، البُنّي حَلَبَة ، التعايشا ، الترجم ، الرزيقات ، المسيرية ، الزِّيَادِيَّة والهبانيا ..الخ - أَغْلِبُهُم سُودُ البَشَرَةِ وَمِنْهُم الملونيين ويشكلون حوالى 19% مِنْ السُّكَّانِ . تَجِد صُعُوبَة بَالِغَة لِلتَّمْيِيز بَيْنَهُم والزنوج بِسَبَب التَّشَابُه فِي إشْكَالَهُم وبشرتهم السَّوْدَاء وَلِذَلِك هُنَالِك رِوَايَات وَأَقْوَال تَعَزَّز فَرْضِيَّة أَن الإثنيات الدارفورية مِنْ الْفَوْرِ والمساليت والداجو والتنجر والميدوب ، الْبِرْتِيّ، الزغاوا، الترجم، البني حُسَيْن والهبانيا ...الخ ينحدروا مِنْ أَصْلِ وَاحِدَة وموطنهم الأصلي وَادِي النِّيل - يَرْجِع تَارِيخُهُم إلَى الحَضَارَة الفرعونية الزِّنْجِيَّة بشقيه السُّودَانِيّ وَالْمِصْرِيّ ، قَبْل هِجْرَتَهُم إلَى غَرَّب السُّودَان ، بَعْد التحولات المناخية والاجْتِماعِيَّة والسياسية الَّتِي تَعْرِضُ لَهَا الْمِنْطَقَة وَمَا زَالُوا يحتفظون بملامح أَسْلَافِهِم الْفَرَاعِنَة السُّود . تاريخيا ضَمّ إقْلِيم دارْفُور عَدَدٍ مِنْ الْمَمَالِك أبرزها ممكلة الداجو بَيْن الْقَرْنِ الْعَاشِرِ وَالْحَادِيَ عَشَرَ وَبَعْدَهَا ممكلة التنجر بَيْن الْقَرْنُ الثَّانِي عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ الَّتِي امْتَدّ حُكْمُهَا حَتَّى بَحِيرَة تَشاد وَبِذَلِك تُعْتَبَر شَرَّق تَشاد جُزْءٍ مِنْ الْمَجَالُ الحَيَوِيُّ لإقليم دارْفُور وَبَعْدَهَا مَمْلَكَة الْفَوْر بَيْن الْقَرْنِ الْخَامِسِ عَشَرَ وَالْقَرْن الْعِشْرِين ومملكة المساليت فِي مُنْتَصَفِ الْقَرْن التَّاسِعَ عَشَرَ حَتَّى انْضِمَامِهَا إلَى السُّودَانِ فِي 1921 أَيْ بَعْدَ خَمْسَةِ سَنَوَاتٍ مِنَ ضَمِّ مملكة الفُور إلَى السُّودَانِ فِي 1916م . كُلُّ هَذِهِ التَّطَوُّرَات حَدَثَتْ قَبْلَ ظُهُورِ الدَّوْلَة الوَطَنِيَّة الحَدِيثَة فِي السُّودَان . انْضَمَّت مَمْلَكَة المساليت (ولاية غَرَّب دارْفُور الْحَالِيَّة أَضَافَهُ إلَى بَعْضٍ الْمَنَاطِقِ فِي وِلَايَةِ وَسَط دارفور) إلَى السُّودَان مَا بَيْنَ عَامِّيٌّ 1919-1921 عَبَّر اتِّفَاقِيَّةٌ قلاني الموقعة بَيْن مَمْلَكَة المساليت وَالْإِدَارَة الاسْتِعَمَارِيَّة البِريطَانِيَّة ؛ وَبِهَذَا أَخَذَ مِنْطَقَة دارْفُور شَكْلٍ جَديدٍ حَيْثُ ضَمَّ إقْلِيم الفُور إلَى السُّودَان بَعْدَ مَقْتَلِ الْمِلْكِ عَلَى دِينَارٍ وَبَعْدَه إقْلِيم المساليت ؛ وَبِهَذَا تُضَمّ مِنْطَقَة دارْفُور الْحَالِيَّة مملكتي الْفَوْر والمساليت وَالنَّظْم الإدَارِيَّة والسياسية للإثنيات الْأُخْرَى فِي دَاخِلِ المملكتين . وَرَد كَلِمَة مِلْك ومملكة لعطاها تَسْمِيَة إفْرِيقِيَّة ، وَالابْتِعَاد قَدْرُ الْإِمْكَانِ عَنْ كَلِمَةِ سَلْطَنَة ذَات المدولات التُّرْكِيَّة أَو الْعَرَبِيَّة . . . الأفارقة لَمْ يُطْلِقُوا كَلِمَة سَلْطَنَة عَلَى نَظَّمَهُم السِّيَاسِيَّة بَتَاتًا وَلَا تُوجَدُ فِي مُعْظَمِ اللُّغَات الإِفْرِيقِيَّة . اسْتَخْدَم كَلِمَة إقْلِيم دارْفُور للتَّعْبِيرِ عَنِ هَذِهِ الْمِنْطَقَة الَّتِي تَبَلَّع مِسَاحَتها حَوَالَي نِصْف مِلْيُون كِيلُومِتر مُرَبَّعٌ - تحدها كُلٍّ مِنْ دُولَةِ لِيبِيا وجمهوريات مِصْر وجَنُوب السُّودَان، تَشاد وإِفْريقْيا الْوُسْطَى وَهِيَ تَتَمَتَّع بِتَنَوُّع اثْنَي وَمِثْلُهُ فِي الْمُناخ والطقس مِن السافنا الْغُنْيَة والفقيرة وَالصَّحْرَاوي وَمُنَاخ جَبَل مَرَّةً الَّذِي يُشْبِهُ مُنَاخ البَحْرِ الأبْيَضِ الْمُتَوَسِّطِ . ظِلّ إقْلِيم دارْفُور ضَحِيَّة سياسات السُّودَان الْقَدِيم الْمُسْتَبِدَّة والظالمة وَلَم تَحْظَى بِأَيّ مُشَارَكَة حَقِيقِيَّةٌ فِي إدَارَةِ نَفْسِه نَاهِيك عَنْ إدَارَةِ السُّودَان . رَغِم الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّةِ الَّتِي يَتَمَتَّعُ بِهِ الْإِقْلِيم مِن البِتْرول وَالذَّهَب واليورانيوم وَالْمِيَاه الجَوْفِيَّة والسطحية وَالثَّرْوَة الزِّرَاعِيَّة وَالْحَيَوَانِيَّة وَتُعْتَبَر مِن أُغْنِي الْأَقَالِيم السُّودانِيَّة وَلَكِن ظِلّ أَكْثَرُهُم فَقَرَأ وتهمشيا وَيعيش أهله فِي دَوَامَه مِنْ الْحُرُوبِ الْأَهْلِيَّة المفتعلة مِنْ الدّوْلَةِ الْمَرْكَزِيَّة . أدَخَل الْإِقْلِيم فِي مُوَجَّهٌ مِن الحروبات الْأَهْلِيَّة أبرزها فِي ثمانييات القَرْنِ الماضِي بَيْن أَثْنِيَةٌ الْفَوْر وَالْعَرَب وَفِي التسعينات القرن المنصرم بَيْن المساليت وَالْعَرَب وَجُلُّهَا تَتَعَلَّق بِقَضِيَّة الْأَرْض والهوية وَالْمَوَارِد اَلَّتِي شَحَت بِسَبَب عَجَز الدَّوْلَة الْمَرْكَزِيَّة عَن تَنْمِيَة الْإِقْلِيم وَإِيجَاد حُلُول مَوْضُوعِيَّة للتصحر وَالنُّمُوّ السكاني والهجرة وتزايد الْمَاشِيَة ومتطلبات كُلٍّ مِنْ سُكَّانِ الرِّيف وَالْمُدُن والبدو . لِمُعَالَجَة قَضِيَّة التمهيش الاقْتِصَادِيّ والسياسي والثقافي لاَبُدَّ أَنْ يَمْنَح الْإِقْلِيم حُكْمًا ذَاتِيًّا تَحَدُّد فِيه بِدِقَّة صلاحات الدَّوْلَة الْمَرْكَزِيَّة فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالسِّيَادَة وَالْعَمَلَة وَالسِّيَاسَة الْخَارِجِيَّة وَتَتْرُك أَمَر التَّنْمِيَة الاجْتِمَاعِيَّة وَالثَّقَافِيَّة والاقتصادية لسكان الْإِقْلِيم مِن الزنوج وَغَيْر الزنوج وَإِلَّا هَذِهِ الْمَطَالِبِ الْبَسِيطَة قَد تتَطَوَّر وتقود إلَى مُطَالَبٌ أُخْرَى مَعَ الأَجْيَالُ القَادِمَةُ وَرُبَّمَا تَصِلُ إلَى حَق تَقْريرُ الْمَصيرِ وَبِنَاء دَوْلَة حَدِيثِه بالمقومات الَّتِي يمتلكها الْإِقْلِيم . إذَا تَوَقَّفْنَا عِنْدَ اتِّفَاقِ جُوبا نَجِد أَنَّهُ لَمْ يُنَاقَش جذُور الصِّرَاع وَجَاء غَامِضًا فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِيع حَسّاسِيَّة وَبِذَلِك يُبْقِي السُّؤَالِ ! ! ، هَلْ الْمُسَاوَمَة الَّتِي تَمَّت فِي مَدِينَةٍ جُوبا يُنْقَل الْإِقْلِيم فِعْلِيًّا لِمَرْحَلة الْحُكْم الذَّاتِيّ، وبدوره يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحَقِّق طموحات سُكَّان الْإِقْلِيم المنكوب، أَمَ تَكُونُ مُجَرَّد تَسْوِيَةً فَوْقِيَّة بَيْنَ النخب الاثنية وَالدّوْلَة الْمَرْكَزِيَّة بَعِيدًا عَنْ مَصَالِحِ الشُّعُوب وَيَفْتَح الْبَابِ عَلَى مِصْرَاعَيْه ؟؟؟. ٤ أُكْتُوبَر ٢٠٢٠م لافال - فَرَنْسَا
|
|