لقد سألت تلك الطفلة في براءة !! بقلم الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

لقد سألت تلك الطفلة في براءة !! بقلم الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد


09-30-2020, 08:41 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1601451670&rn=0


Post: #1
Title: لقد سألت تلك الطفلة في براءة !! بقلم الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
Author: عمر عيسى محمد أحمد
Date: 09-30-2020, 08:41 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد سألت تلك الطفلة في براءة !!

قالت تلك الطفلة التي تجلس مع عائلتها في ظلال الأشجار بعد أن هدم منزل عائلتها بفعل تلك الأمطار : ( لقد شاهدت بأم عيني في تلفزيونات الجيران تلك المعونات الكبيرة الضخمة من المساعدات التي وصلت لمطار الخرطوم الدولي من كافة دول العالم ،، آلاف الأطنان من تلك المواد الغذائية ،، وآلاف الأطنان من تلك الأدوية الصحية الضرورية .. وآلاف الأطنان من تلك الخيام الجاهزة كامل التجهيز .. وآلاف الأطنان من تلك الناموسيات بأفضل المواصفات .. فأين ذهبت وترحلت تلك المعونات بعد أن وصلت لأرض السودان ؟؟ .. فقالت لها الأم : ( يا ابنتي الحبيبة تلك التجارب الطويلة مع أهل السودان قد علمتنا بأن تلك المعونات والمساعدات هي دائماً وأبداً تكون حكراُ خالصاً لهؤلاء الأبناء الذين يعملون في مجال تلك المساعدات الإنسانية .. ) .. وتلك المساعدات والمعونات المجانية التي تصل للسودان من دول العالم لا تخلو إطلاقاً من ذلك التلاعب الشديد من بعض أبناء السودان .. ومن النادر جداً أن تصل تلك المعونات والمساعدات للغلابة من أمثالنا في هذه البلاد .. وهؤلاء المتلاعبين الذين يعملون في مجال تلك المساعدات الإنسانية في أكثر الأحيان يتعاملون مع المعارف والأقرباء والأصدقاء .. والإنسان السعيد في هذه البلاد هو من يعرف أحداً من أبناء السودان الذين يعملون في مجال المساعدات الإنسانية .. أما أمثالنا من الغلابة فتلك المساعدات بعيدة المنال في أغلب الأحيان .. وعليه فإن الأغلبية من مكونات المجتمع السوداني لا يفرح طرباً ورقصاً بتلك المعونات والمساعدات التي تقدمها تلك الدول في الخارج .

تلك الأم المكلومة صادقة في أقوالها للابنة .. ولكن البعض من هؤلاء العاملين في مجال المساعدات الإنسانية لا يقبلون مثل ذلك الكلام ،، لأنه كلام يكشف حقائق لا يريدون سماعها .. ومن المظاهر المعهودة أن الكثيرين في الأحياء المتفرقة بالعاصمة والقرى يجتهدون لإقامة تلك العلاقات والصداقات مع هؤلاء النفر الذين يعملون في مجال توزيع تلك المساعدات .. وقد أصبحت شائعة أن يسمع الناس بأن فلان يقدم العشرات والعشرات من تلك الخيام المجانية لهؤلاء الأصدقاء والمعارف .. وأن فلان ذاك يعطي تلك الناموسيات المجانية بالعشرات والعشرات للأصدقاء والمعارف .. وأن فلان ذلك بطريقة غير مسبوقة يقدم تلك العشرات والعشرات من كراتين الألبان الجافة للأصدقاء والمعارف .. وهي تلك الألبان الجافة التي وصلت للبلاد ضمن تلك المساعدات الدولية !! .. ولا يظن أحد أن تلك الطفلة الفقيرة التي تجلس في ظلال الأشجار سوف تنال حظاً من تلك المعونات والمساعدات في يوم من الأيام .. فقد عاش هؤلاء البؤساء من أهل السودان ثلاثين عاماً محرومين من تلك الخيرات .. وذلك في الوقت الذي فيه كان الآخرون من نخب النظام البائد يتمتعون بتلك الخيرات ويعيشون حياة الترف والبذخ الشديد ،، ويرقصون في ملاهي المجون ! .. فدائماً وأبداً يتواجد في هذا السودان هؤلاء الناس الفقراء الغلابة الذين يعيشون في هوامش الحياة .. وفي نفس الوقت يتواجد في هذا السودان هؤلاء الانتهازيون الذين يؤثرون الأنفس على الآخرين .. ولا يستحون إطلاقاً حين ينزعون الأكفان عن الأموات .