المنظراتي .......... بقلم :د.عبدالمنعم أحمد محمد

المنظراتي .......... بقلم :د.عبدالمنعم أحمد محمد


09-27-2020, 11:58 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1601204286&rn=1


Post: #1
Title: المنظراتي .......... بقلم :د.عبدالمنعم أحمد محمد
Author: د.عبد المنعم أحمد محمد
Date: 09-27-2020, 11:58 AM
Parent: #0

11:58 AM September, 27 2020

سودانيز اون لاين
د.عبد المنعم أحمد محمد-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





صاحبي منظراتي درجة أولى ، عنده لكل موقف نظرية ولكل حادثة تفسير ، بعض الناس يملون من جنس هذه الصحبة ، ويضيقون بصاحبها ذرعا ، ولست من هؤلاء ، لأني أستمتع بالتنكيت عليه عندما تفشل إحدى نظياته .
في يوم جمعة وفي الصباح إلتقينا في السوق على غير موعد ، ولي مع السوق والبائعين مواقف ، كأنهم يسحرونني بكلامهم ، لا أستطيع المفاصلة في الأسعار أو قل لا أعرف كيف أحاججهم ، خاصة أولئك الذين يحننونك بوقوفهم تحت لهيب الشمس ، وغالبا ما أدفع لهم الثمن الذي يطلبونه ، وبلا جدال ، وأعود لأكذب على زوجتي وأخبرها بنصف الثمن ، وبعد كل هذا تقول لي قولها المشهور " غشوك عشان ما بتعرف تشترى " طيب دي لو عرفت الحقيقة كان تقول شنو ؟
المهم بحت لصديقي بالسر وقلت له الحمد لله أن قابلتك يلا ورينا همتك !
ولم يكذب خبرا ، فهو جاهز بنظرياته ، قال لي بعد أن حدجني بنظرة مشفقة " شوف يا صاحبي .. الحكاية بسيطة .. نحن السودانيين ديل لو تشكر الواحد فينا وتنفخه جد .. مش يخفض ليك السعر دا ممكن يديك العايزو ببلاش .. بس انت خليك معاي وراقب وشوف "
في طريقنا للجزار .. ألقى على صديقي محاضرة عن طبائع السودانيين وأنهم قوم يحبون الفخر من جنس " مقنع الكاشفات .. وعشا البايتات .. والفارس الجحجاح وإلى الآن لا أعرف العلاقة بين الفارس دا والجزار الماشين عليه .
كان الجزار شابا تبدو من أناقته كأنه دكتور أو مهندس ، يلبس مريلة بيضاء وعلى عينيه نظارة طبية ، ناقصاه السماعة . دخل عليه صاحبي بسلام حار قابله الشاب بسلام أحر منه ، وما أداه فرقة طوالي نزل فيه شكر ونفخ .. أنا طبعا كنت أراقب الموقف والشاب يوزن يقلب في سكاكينه في نفاذ صبر واضح .
بعد أن أدى صاحبي وصلة النفخ ، جينا للمحك ، طبعا أنا يا مؤمن يا مصدق قلت دي فرصة نادرا ما تتكرر اشترى اللي نفسي فيه عجالي وضان وكبدة وغايتو ما خليت شيء ، الطبيب ( عفوا الجزار ) ما قصر يشيل ويوزن ، وصاحبنا يراقب في الموقف ، ولما جاء الدور عليه ، طلب نصف كيلو عجالي بعظم ! طبعا قرب يغمى على ، والله بعد القصيدة بتاعتك يا صاحبي مفروض تاخد نص الكيلو مجانا .
وكانت الحقيقة المرة ، لما عرفت المبلغ المطلوب أدفعه نتيجة تهوري وعدم حكمتي ، وأنا بدفع ويكاد الغيظ يشقني النص ، قلت من تحت لتحت لصاحبي : الله يجازيك بالعملتو فيني .
وما كان صاحبي ليخرج دون أن يقول حاجة على الأقل يبيض وجه قدامي : فقال للجزار الانيق يا أخ ما جاملتنا ولو بكلمة حلوة ،،، نظر إلينا الشاب بكبرياء وقال يا عمك نحن الحنك بتاعك دا ما بمش فينا ، والله لو بقيت زهير بن أبي سلمى السعر يا هو دا .
وأنا راجع البيت بعد أن اتنفضت جيوبي ، كنت أفكر ياربي أقول لزوجتي اللحمة دي بكم ؟؟