أخطاء في قرار الأمن العام السعودي بعدم ملاحقة غير المحجبات بقلم:د.أمل الكردفاني

أخطاء في قرار الأمن العام السعودي بعدم ملاحقة غير المحجبات بقلم:د.أمل الكردفاني


09-16-2020, 01:52 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1600260758&rn=0


Post: #1
Title: أخطاء في قرار الأمن العام السعودي بعدم ملاحقة غير المحجبات بقلم:د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 09-16-2020, 01:52 PM

01:52 PM September, 16 2020

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




صدر قرار من الأمن العام بالمملكة السعودية (بناء على توجيهات وزارة الداخلية) يأمر فيه رجال الشرطة بعدم ملاحقة النساء غير المججبات. في كل المملكة السعودية ماعدا مكة المكرمة. كما يكون من أهداف الشرطة حماية النساء في هذا الصدد.

هذا القرار جاء بحسب ديباجته، دعما لدور المرأة في بناء المجتمع، غير أن به عيباً جوهرياً. وهو إستثناء منطقة مكة من تطبيقه. وبهذا المعنى فالشرطة تستطيع أن تلاحق غير المحجبة في مكة، دون أن تلاحقها لو خرجت من مكة.
دعونا نطرح النقاط الأساسية الآتية:
أولاً وقبل كل شيء، أدى استثناء مكة من تطبيق القرار إلى خلق رابط بين الحجاب والدين. فعندما تتم ملاحقة المرأة في مكة بسبب عدم الحجاب، فهذا يعني أن عدم الحجاب غير مشروع دينياً. فإذا كان عدم ارتداء الحجاب غير مشروع دينياً، فهل يجوز أن تجيز الدولة ما هو غير مشروع دينياً في باقي المحافظات؟
لقد حسم النظام الأساسي للحكم (بمثابة الدستور) هذه المسألة في المادة السابعة والستين حيث نصت على أنه:
( تختص السلطة التنظيمية بوضع الأنظمة واللوائح، فيما يحقق المصلحة، أو يرفع المفسدة في شئون الدولة، وفقا لقواعد الشريعة الإسلامية ، وتمارس اختصاصاتها وفقا لهذا النظام ونظامي مجلس الوزراء ومجلس الشورى).
ولكن ماذا لو أن القانون المخالف للشريعة الإسلامية قد صدر، فهل هذا يعني ان مجرد صدوره قد حصنه من الرقابة القضائية؟
لا..
فالمادة الثامنة والأربعون قد حسمت أيضاً هذه المسألة فنصت على أنه:
(تطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية ، وفقا لما دل عليه الكتاب والسنة، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة).
وما صدر هو قرار (أدنى من القانون)، وعليه، فهذا القرار لو كان مخالفاً للشريعة الإسلامية، فسيكون مشوباً بعدم الدستورية، لانتهاكه لقواعد النظام الأساسي للحكم. والتي من اهمها ما جاء في المادة السابعة:
(يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، و سنة رسوله. وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة).
الوضع عندما لا يكون الحجاب فرضاً دينياً؟
أما لو كان الحجاب ليس فرضاً دينياً فلا يوجد مبرر لاستثناء مكة من القرار؟ وإلا كان استثناؤها غير دستوري لأنه ينتهك مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون، عملاً بأحكام المادة الثامنة من النظام الأساسي للحكم والتي تنص على المساواة:
(يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة، وفق الشريعة الإسلامية).
فلا يمكن أن يقبل القانون أن يحصل جزء من المواطنين على كامل حقوقهم، والجزء الآخر لا يحصلون على باقي حقوقهم.
فإذا كان مبرر إصدار القرار هو منح المرأة دوراً فاعلا في الحياة؛ فلماذا لا تحصل المرأة في مكة على ذات هذه الفرصة؟
وإذا كانت ملاحقة غير المحجبة في محافظة ما إنتهاكاً لحقوق الإنسان؛ فلماذا يسمح بهذا الإنتهاك في مكة؟ فالسماح بهذا الانتهاك (وفقاً لهذا القرار) أيضاً يعد غير دستوري، إذ أن من واجبات الدولة حماية حقوق الإنسان وفقاً للمادة السادسة والعشرين من النظام الأساسي للحكم، والتي نصت على أنه:
(تحمي الدولة حقوق الإنسان، وفق الشريعة الإسلامية).
كما أن ملاحقة غير المحجبة يعني تقييد تصرفاتها؛ فإن كان ذلك التقييد لا تبرره الشريعة الإسلامية، فيجب أن لا يجيز القرار تقييد تصرفات كل الأشخاص سواءٌ في مكة ام خارجها وإلا كان ذلك انتهاكا للمادة السادسة والثلاثين من النظام الأساسي للحكم، والتي تنص على أنه:
(توفر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها، ولا يجوز تقييد تصرفات أحد، أو توقيفه، أو حبسه، إلا بموجب أحكام النظام).
فالمادة تحمي (الجميع) ولا تستثني أحداً. ولذلك فالقرار هنا أيضا يكون معيباً بعيب عدم الدستورية.
لذلك لو سلمنا بأن عدم ارتداء الحجاب، لا علاقة له بالدين، وأنه تقدير شخصي، لكل امرأة، فهذا يعني أن هناك أشخاص يمنحهم القرار حقوقاً أكثر من غيرهم من المواطنين. وآخرين يعطيهم حقوقاً ناقصة. وهذا انعدام للمساواة. يشوبه عدم الدستورية..وفقاً لنظام الحكم الأساسي.
إشكاليات اخرى تنتج عن العيوب الدستورية بهذا القرار، ومن أهمها الفرض التالي:
رفعت امرأة في مكة تظلماً من القرار، لأنه يقيد تصرفاتها، ورفعت امرأة أخرى في غير مكة تظلماً من القرار لأنه ينتهك الشريعة الإسلامية.
فوفقاً للمادة السابعة والأربعين من النظام الأساسي للحكم:
(حق التقاضي مكفول بالتساوي للمواطنين والمقيمين في المملكة ، ويبين النظام الإجراءات اللازمة لذلك).
فالجهة المتظلم أمامها؛ إما أن تقضي بمخالفة القرار للشريعة الإسلامية ومن ثم اعتواره بعدم الدستورية، أو تقضي بعدم مخالفة القرار للشريعة الإسلامية.
فإن قضت بالمخالفة، يكون القرار قد انتهك حق المرأة التي خارج مكة، وان قضت بعدم المخالفة، كان القرار منتهكاً لحق المرأة التي داخل مكة. فيكون القرار في كلا الفرضين منتهكاً للحقوق الدستورية، من هذا الجانب أو ذاك. وهذا ما لا يجوز أن يقع فيه أي قرار ذي طبيعة نظامية.
كما أن المرأة الواحدة ستكون متهمة وملاحقة داخل مكة، فإن خرجت منها لم تعد متهمة، فلو دخلت وخرجت ثم دخلت وخرجت، ظل موقفها يتقلب بين مخالفة القانون وعدم مخالفته، وهذا تصور لا يجوز على مافيه من كوميديا.
نص القرار على ضرورة حماية المرأة غير المحجبة، فهل يجوز عدم حمايتها في مكة وحمايتها خارج مكة؟
لذلك نوصي بالآتي:
إلغاء هذا القرار فوراً وإعادة دراسته على وجهه القانوني الصحيح.
العودة لجهات الإفتاء لحسم مسألة الحجاب من وجهة شرعية، ثم اتخاذ قرار بناء على الفتوى. بحيث يكون القرار مشتملاً على خصائص القاعدة النظامية، وأهمها العمومية والتجريد. تحصيناً له من شائبة عدم الدستورية. وتحقيقاً للمساواة التي هي جوهر القانون؛ أي الحق والعدل.