Post: #1
Title: السودان الحوجة إلي نموذج وأفكار جديدة بقلم :مهيلم ابراهيم موسي
Author: مهيلم ابراهيم موسي
Date: 09-11-2020, 00:41 AM
00:41 AM September, 10 2020 سودانيز اون لاين مهيلم ابراهيم موسي-السودان مكتبتى رابط مختصر
(١)
في أوقات سابقة إبان حكم النميري وعند مقدمه في نهاية ستينات القرن الماضي كانت هنالك نظريات إقتصادية سائدة صبغت إحداها علي النظام الإقتصادي السوداني وهي النظرية الإشتراكية ، التى مثلت حلم الكفاية في الإنتاج والعدالة في التوزيع الأفقي في المجتمع ، نتيجة لفشل تصورات القادة حول تمركز السلطة في يد الفرد القائد ، وأيضاً نتيجة للصراعات العالمية بين محوري الرأسمالية والشيوعية ، ثم الصراع الإجتماعي الطبيعي في الداخل سقط النميري إلي إتون التخبط و الإرتماء في أحضان الإسلام السياسي ( الجبهة الإسلامية ) الذي تربي في كنفه وإستفادت من موارد الدولة ووظفها لخدمة التنظيم ولم تسقط معه بعد إنتفاضة مارس أبريل المجيدة .
بعد سقوط النميري ومُضِي الفترة الإنتقالية التي مرّت سريعاً إلي الفترة الديموقراطية كان الإنتقال أيضاً ممتد إلي مفهوم الدولة لإدارة الإقتصاد ونتيجة لعدم الإستقرار السياسي لم تُعبر المرحلة الديموقراطية إلي مرحلة إستدامة الديموقراطية التي لم توفر رغيف الخبز للمواطن ، ولهذا السبب سطت الجبهة الإسلامية في يونيو ١٩٨٩ علي السلطة عبر دبابة البشير .
أتت الجبهة الإسلامية إلي السلطة وهي خالية الوفاض من أفكار ونظريات العصر الحديث واصطدمت بالواقع وظهرت مشكلة الإختيار بين النظم الإقتصادية السائدة في ذلك الوقت ( رأسمالية غربية بقيادة أمريكا and إشتراكية شيوعية بقيادة الإتحاد السوفيتي الذي سقط قبل أن تفيق السلطة في السودان من صدمة خلو الوفاض الفكري وقبل أن تتاح لها فرصة إختيار النظرية الإقتصادية التي لا تمتلكها ) .
(٢)
بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي و من أهم الملامح التي ظهرت علي الإقتصاد العالمي وإنسحبت علي كل الدول منها السودان :
- أصبح الجميع مديون نتيجة لشراء ما لا يلزم من الحاجات غير الضرورية بما لا نمتلك من أموال وذلك نتيجة لتغيرات كبيرة طرأت في مفهوم السوق ونظريات التجارة بعد سقوط الإتحاد السوفيتي معقل الشيوعية .
- دخول عصر الفضاء المفتوح والقهر الدعائي لتوجيه الوعي الإجتماعي تجاه عمليات تسويقية وشرائية موجهة .
- أصبحت تجارة الأوراق هي الأكثر أماناً ، فبدلاً عن الإنتاج بعدما أصبحت الكثير من دول العالم منتجة نتيجة لهجرة رأس المال إلي الدول الفقيرة في شرق آسيا والبرازيل وغيرها أصبح الإنتاج الصناعي والتكنلوجي في جهة وأرباح الأموال في جهة أخري ، بعد ذلك نتيجة لقيام المصانع في هذه البلدان وإستخدام مواردها البشرية أصبحت هذه الدول قادرة علي الإنتاج بنفسها نتيجة لتوفر الخبرات والعقول ، لذلك لم تعد مسألة الإنتاج وحدها هي الميزة بالنسبة للدول الرأسمالية فلجأت إلي تجارة الخدمات وهي تعني ( تجارة الأوراق والسندات الإئتمانية والمضاربة علي أسعار الدولار ) ، إمتدت هذه التجارة الورقية من الفرد بالإقتراض عبر ال ( VISA ) حتي وصلت إلي إقتراض الدول ، لذلك الجميع ( مديون ) ومهم أن نفهم نتيجة لذلك أن أكبر إقتصاد في العالم وهو الإقتصاد الأمريكي مديون ( أمريكا مديونة بما يفوق دخلها القومي ) كذلك الفرد الأمريكي بعدما كان يستطيع إدخار ١٠٪ من دخله في العام أصبح مديون بنسبة أكثر من هذه ! .
الأوضاع الأخيرة هي ما تسيطر علي مصير الدول الآن وتحكم علاقاته التجارية والسياسية، بعد أن تم خنق بلاد السودان طيلة ٣٠ عاماً من الحكم المنغلق علي ذاته وبالتطبيق إستحالت النظرية ( الإخوانية ) إلي عزل السودان من العالم نتيجة لممارساتها في الداخل والخارج .
هذه التركة المثقلة هي ما ورثتها حكومة الثورة بعد أن أصبح السودان سودان ما قبل التأسيس التركي في ١٨٢١ بجغرافيته وتفكك عُري وحدته الجغرافية ، وهذه التركة تحاول الإستمرار الآن بفلولها و تفاصيل إقتصادها المثقل بالديون ، ومن خلال أدواتها في السلطة الجديدة وإمتداد تحالفاتها في السلطة والسوق والعلاقات الإجتماعية ، تريد فرض تطبيق نظرية إقتصادية فشلت حين ظنت بأنها إنتصرت لحرية الفرد مقابل حرية المجتمع ، في بلاد بعد أن عانت عزلة ٣٠ عاماً و مجتمع عجز عن ملاحقة التطور والتعليم والصحة بفعل سلطة الفرد والتنظيم الواحد .
(٣)
إن أهم أسئلة تُطرح بوضوح في أذهان السودانيين الآن هي ما يتعلق بالخروج من نفق ثورة لم تكتمل ، وبسبب عدم الإكتمال وشواهده لا تحتاج إلي أدلة من غياب المحاسبة وطبيعة الشريك الأمني الذي كأنما أتي لتأمين عضوية وفلول مجرمي الإنقاذ وحماية مصالحهم دوناً عن ما يبرر وجوده في السلطة وهو المحافظة علي مكتسبات الثورة وتنفيذ ما تبقي من مطلوباتاتها ومواجهة تحديات البلاد الأمنية .
في ظِل هذه الأوضاع وتمترس الطرف المدني متعمداً تحت راية المجتمع الدولي والذي يعاني من أمراض رأسمالية العصر ويواجهها بطلبات واجبة التنفيذ و علي رأسها وضع روشة البنك الدولي والإنقياد دون تفكير لتنفيذها علي الواقع السوداني ، لكل هذه الاسباب موضوع صياغة النموذج السوداني المناسب لمقدراتنا في مواجهة هذا التكالب والنهم الرأسمالي تجاه مواردنا هو الضرورة المُلِحة وهي من الفرائض الغائبة ولكنها واجبة علي مفكري وأحزاب السودان التي تعاني ولا تنفصل عن كل الضحالات السابقة .
نواصل
#صفحة_الإعتصام #فيضانات2020 #من_قلبي_سلام_للخرطوم --
|
|