الأقتصاد : المعركة السياسية رقم (1) بقلم:عبدالمنعم عثمان

الأقتصاد : المعركة السياسية رقم (1) بقلم:عبدالمنعم عثمان


09-09-2020, 01:23 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1599611008&rn=0


Post: #1
Title: الأقتصاد : المعركة السياسية رقم (1) بقلم:عبدالمنعم عثمان
Author: عبد المنعم عثمان
Date: 09-09-2020, 01:23 AM

01:23 AM September, 08 2020

سودانيز اون لاين
عبد المنعم عثمان-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





تحدثنا كثيرا فى مرات سابقة عن ضرورة اعطاء الاولوية من قبل حكومة الفترة الأنتقالية للقضايا الاقتصادية وخصوصا تلك العاجلة والمرتبطة بحياة الناس . ذلك انه رغم اقتناعنا بان الحل الجذرى يكمن فى المعاجات التى تتعامل مع اصول المشاكل ، وكذلك اقتناعنا ، الذى اثبتته الجماهير حتى اليوم بصبرها على الشدائد والمصائب ، بانها ، اى تلك الجماهير تعلم حجم المشاكل التى تواجه حكومتها وتعلم اللؤم الذى تعمل به الثورة المضادة أملا فى ان تؤدى تلك المصائب الى ثورة تعيدها الى حكم النهب والسلب والقتل ، فاننا نعلم ان للصبر حدود وشروط . ومن اهم شروطه ان تكون الشفافية الكاملة سائدة فى علاقة الحكومة بجماهير الثورة . وكذلك ان يظهر ضوء فى آخر النفق يدل على اننا نتحرك نحو الحلول النهائية .
غير انه ولفترة طويلة ظلت الحكومة صامتة وظلت سياساتها الاقتصادية متجهة بكلياتها الى توقعات خارجية جعلت ميزانيتها الأولى تعتمد فى مواردها على الوعود الخارجية بأكثر من 50% ! وبرغم النتائج السياسية البارزة للمؤتمرات الدولية ، التى اسماها رئيس الوزراء " مؤتمرات مشاركة " بينما اصر بعض معاونيه الأقتصاديين على اعتبارها مؤتمرات اعانة ، الا انها فى نهاية الأمر خيبت آمال من ظن انها ستاتى بغير" الدعم " الكلامى الذى ظل يهطل علينا من الكل امريكيا ودوليا واقليميا . وعلى أى حال فقد أصبح الأمر الآن واضحا تماما بالدرجة التى بدأت تظهر معها مؤشرات على تغيير الأتجاه نحو الداخل ، وهو أمر لايمنع التعاون الخارجى بقدر ما يؤسس لخلق شروط سيكون من ضمنها تدفق العون والأستثمار الخارجى . فماهى هذه الشروط ؟
عبر الأتحاد الأوروبى بكلمات واضحة ، بأن المشاركة الخارجية تشترط اداء " الواجب المنزلى " للدولة ، المتمثل فى محاربة الفساد ولملمة الموارد المحلية الكبيرة . بل ان صندوق النقد الدولى نفسه طلب من الحكومة استرداد الولاية على كل المال العام بما فى ذلك مايتبع الآن لشركات المؤسسات الأمنية وهو ايضا ما اكدت علية الولايات المتحدة . وفى هذا المجال ، نذكر ان تجارب الدول التى طلبت معونة المؤسسات الدولية تختلف بحسب اختلاف اوضاعها الداخلية . فمن الأمثلة المعاشة ، التى اثبتت نجاحا هى التجربة المصرية وقد اعتمد نجاحها على الأعداد الداخلى لأحتياطى كبير من العملات الحرة بمساعدة الدول الخليجية ، اضافة الى امكانيات الأقتصاد المصرية من زراعة متطورة وصناعة فى درجة معقولة من النمو والتنوع ، وكذلك عدد كبير من المغتربين الذين ازدادت تحويلاتهم الرسمية باقتراب سعر الصرف بالجنيه المصرى ، بل وتساويه احيانا ، مع السعر الموازى للعملات الحرة .ولهذا فقد تمكنت الحكومة المصرية من فرض بعض رؤاها على الصندوق ، وهو الأمر الى لاينطبق على حال السودان الذى اضطره لقبول توقيع اتفاق سياسات مع الصندوق دون ان يوعد بمقابل مالى .
لكل ماذكرنا ، فان المعركة حول الأقتصاد تشتد بين قوى الثورة وقوى الثورة المضادة فى الداخل والخارج ، كمعبر عن معركة سياسية سينجلى غبارها بانتصار أحد الطرفين بشكل نهائي او مؤقت حسب توازن القوى لحظتها .وقد بدات مظاهر المعركة فى عدة مجالات :
أولا : بمواكب جرد الحساب التى كانت اعلانا لتجمع قوى الثورة فى تراص جديد بنهاية الوحدة التى كان محركها الرغبة فى انهاء النظام وقد شارك فيها جميع اعداؤه على اختلاف رؤاهم السياسية حول مابعد انتهائه . وقد كان من اعظم نتائج الجرد ، ان وجدت حكومتنا الانتقاليه نفسها عاجزة عن تنفيذ مطالب المواكب وهى تعبر عنها للمرة الثالثة وبنفس الحماس والاصرار ، وبالتالى كان لابد من مراجعة مواقفها وسياساتها وأتخاذ موقف يقترب من تجمع قوى الثورة .
ثانيا : كانت النتيجة العملية لهذ التحول فى موقف الحكومة المدنية الأنتقالية هو الأقتراب بشكل معلن من قحت وبالتالى تبنى برنامجها الأقتصادي الذى كانت تحوم الشكوك حول موقف الحكومة من قبوله ، خصوصا ان السياسات المتخذة عمليا كانت تشيرفى اتجاه سياسات الصندوق والوزير السابق والمكلف . ومع ذلك الأقتراب اتخذ الحديث عن ولاية وزارة المالية على المال العام شكلا أكثر وضوحا واصبح ذكر الشركات التابعة للمؤسسات الأمنية ،كجزء من الجهات التى يجب ان تخضع للولاية ، جائزا !
ثالثا : عندئذ أصبح الوضع الأقتصادى البائس للحكومة ، بعد اعتراف رئيسها بان ولايتها على المال العام لاتتعدى 18% ، دافعا لرئيس مجلس السيادة للحديث بعنف عن الحكومة وفشلها الذى لم تجد غير شماعة الشركات التابعة للجيش لتعلقه عليها برغم ان هذه الشركات، التابعة للجيش بحكم رأسمالها المستقطع من رواتب المنتمين اليه ، قد عرضت لوزارة المالية للنظر فى ضمها ولكنها لم تفعل ، أو كما قال ! وفى الجانب لآخر ازدادت تحركات الحكومة تجاه حل قضايا المعيشة ومحاولات درء آثار الفيضان برغم ضيق اليد. وهكذا صار الأقتصاد – كما يجب ان يكون- فى قلب المعركة السياسية بما جعل سخونتها تزداد بين المكونين المدنى والعسكرى فى السلطة الأنتقالية .
رابعا : اتفاقية السلام ، برغم مايقال عن سلبياتها وعدم اكتمال الجهات الموقعة ، فان لها من النتائج الأيجابية مايدعم جبهة قوى الثورة ويضعف من امكانية اى انشطة متهورة من طرف الثورة المضادة . هذا بالأضافة الى ايجابيات دور الأمم المتحدة تحت البند السادس .
خامسا : صحيح ان الضغوط الأقتصادية تزداد على قوى الثورة بفعل الفيضانات وتحركات فلول النظام البائد ، غير ان المجهودات التى تبذلها طلائع هذه القوى فى مجابهة الآثار الأقتصادية على حياة الناس وكذلك فى مجابهة عنف الفيضان بنفس الصدور العارية التى جابهت رصاص النظام البائد ، تبشر بالتخطى والعبور .
وأخيرا ، فانه لايخامرنى أدنى شك فى الأنتصار النهائى لثورة ديسمبر المتفردة ،غير ان الشكل الذى سيدخل به أى من فرقاء الثورة فى الداخل والخارج وفرقاء الثورة المضادة ايضا فى الداخل والخارج الى تاريخها ، يبقى فى يد اولئك الفرقاء ، وكذلك تبقى نتائج المعركة الأقتصادية التى تدور رحاها هذه الايام عنصر الأساس فى تحديد زمن الأنتصار!