لو كان الترابي حياً؟ بقلم:د.أمل الكردفاني

لو كان الترابي حياً؟ بقلم:د.أمل الكردفاني


08-29-2020, 04:18 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1598714300&rn=0


Post: #1
Title: لو كان الترابي حياً؟ بقلم:د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 08-29-2020, 04:18 PM

04:18 PM August, 29 2020

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




فلنتخيل تاريخاً معكوساً، فلنتخيل أن رجلاً واحداً هو الترابي، لا زال حياً، منذ بداية الثورة وحتى الآن. هل كان ليختلف الوضع؟
كيف كانت القوى السياسية ستتعامل مع الصراع الذي عاصر أول بداية الانتفاضة. حينما قامت مجموعة من عملاء تجمع الوهميين بالركوب على سرج القتلى والجرحى. إن الحظ لعب دوراً كبيراً لدعم هذا القفز الشيوعي بمساعدة الرأسمالية (في تزاوج مقرف بين اللا مبادئ)، أقول لعب الحظ دوره، بتغييب الموت لشخصية أخطبوطية كالترابي. فسرحت الأغنام ومرحت عندما غاب الذئب. إن لعبة القدر غريبة جداً، فرجل واحد يمكنه أن يقلب موازين دولة واحدة، بل ربما عدة دول، فالترابي ما أن أمسك بالسلطة، حتى تغيرت خريطة العالم برمته، بدءً من مصر والجزائر وافغانستان، ودخل العالم كله في معمعة الحرب على الإرهاب، دون أن تتمكن كل هذه الدول من وضع الترابي تحت لائحة الإرهاب. كان الترابي يتنقل من دولة لأخرى بكل حرية، بل عندما مات المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر، سافر الترابي وشارك في تشييع جنازته، والمخابرات المصرية تراقبه بحذر. جورج بوش أجرى اتصالاً شخصياً ومباشراً معه بمجرد توقيع نيفاشا. إستطاع الترابي إحياء موات منظمة المؤتمر الإسلامي، وبدأ في سحب البساط من السعودية. أدخل السودان في مطبات وكوارث وبلاوي، ثم انسل من كل شيء كالشعرة من العجين. وقبل أن يموت (وكأنما كن يعرف ميعاد موته بدقة) ورط الكيزان الذين باعوه ورطة أطارت عقولهم وافقدتهم صوابهم. ورطهم وهو جثة داخل قبره. إنه رجل لا يمكن توقع تصرفاته، وكأنما يقيس العالم بمعادلات رياضية معقدة. انسل الترابي من كل شيء، ودبس البشير، الذي وجد نفسه غارقاً في الوحل حتى أذنيه. فماذا لو كان الترابي حياً؟ لقد خان الإسلاميون الترابي، ولولا خيانتهم لحكموا هذا البلد المنكوب بهم لمائة سنة أخرى، وكأنما خيانتهم لهذا الرجل قد انقلبت عليهم خراباً ودماراً وخوفاً وحَزَناً. فكما صنعهم فككهم، وكما منحهم القوة، نخر في عظامهم نخراً يسيراً حتى تكسرت عظامهم. وعندما مات تاهوا كبني إسرائيل، وفقدوا البوصلة وتحولوا للصوص بلا مبادئ. صنع الترابي مشروعه أياً كان هذا المشروع، وهو بيده نقض غزله، كما كان قد نسجه. ولو كان هذا الرجل حياً لما استطاعت شرذمة الشيوعيين هذه أن تسرح وتمرح كما يحدث اليوم هم وحلفائهم من رأسماليي الغرب.
هناك رجال أوتاد في هذا العالم. يمكنهم أن يربطوا الجواميس إليهم ليدوروا حولهم بلا إرادة. فإن سقط الوتد، أطلقت الجواميس العنان لخطلها البهيمي. ودخلت دكان الخزف.