الوضع الصحي لحميدتي...مقلق.. بقلم:د.أمل الكردفاني

الوضع الصحي لحميدتي...مقلق.. بقلم:د.أمل الكردفاني


08-29-2020, 11:13 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1598696006&rn=0


Post: #1
Title: الوضع الصحي لحميدتي...مقلق.. بقلم:د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 08-29-2020, 11:13 AM

11:13 AM August, 29 2020

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




رجل كحميدتي، عاش مقاتلاً طيلة حياته، ثم لعب القدر لعبته المدهشة، فإذا بحميدتي في مكان مختلف تماماً، فمن براح البادية، واتساع الصحراء، ووضوح الأفق البسيط، إلى تعقيدات المدينة وحصار السلطة وضيق القصور، وإحاطة المتزلفين والمتملقين. يبدو أن حميدتي في وضع نفسي معقد، فأغلب خطاباته الأخيرة باتت تعج بالحديث عن المؤامرات وقانون الغاب. إن حميدتي محاط بمجموعة تضرب عليه طوقاً شديداً، ويبدو أنها تصور له أنه مستهدف باستمرار، وأن هناك مجموعات تنصب له الشراك والمصائد. خطاب حميدتي أصبح مقلقاً جداً، فالدخول في أزمة الشعور المستمر بالتآمر لا تنتهي على خير. حميدتي لديه مشاكل خطيرة جداً ربما تقلق مضجعه، كمشكلة بقاء موسى هلال في المعتقل. ومشكلات تتعلق بالشبهات التي يستمر إعلام قحط في إثارتها حول اقترافه لفظائع الإعتصام. ومشكلات تتعلق بتاريخه في حرب دارفور، وقضايا تتعلق بمحاولات الإعلام إظهاره كبدوي جاهل على نحو مستمر. هذا بالمواكبة مع وضع سياسي محتقن، حيث قوى متعددة تستعد للإنقضاض على بعضها البعض، كالشيوعيين، والعساكر، والقوى الدولية التي تتلاعب بالواقع الداخلي للدولة إجتماعيا وسياسياً وأمنياً وإعلامياً واقتصادياً. لقد شاهد حميدتي ما لم يشاهده طوال حياته في الصحراء. الصحراء التي فيها كل شيء مكشوف، والحرب التي لا تمنح سوى خيار أن تقتل عدوك أو يقتلك عدوك، لقد دخل حميدتي عش الدبابير. دخل وأوروبا وأمريكا يمارسان ألاعيبهما في الداخل، والإمارات والسعودية، ومصر وأثيوبيا وأريتريا وقطر وتركيا، بل حتى جنوب السودان. حميدتي الذي كان مجرد مقاتل بسيط، تم إقحامه في الصراعات الإقليمية، في اليمن وليبيا، والأزمات الدولية كالهجرة غير الشرعية من أفريقيا إلى أوروبا، وأزمات الحدود الداخلية مع تشاد وأثيوبيا وأريتريا، والأزمات الإقتصادية، والأزمات الأمنية والسياسية. حميدتي على ما أعتقد لا ينام. وكيف له أن ينام، بعد أن عرف أن العالم ليس بتلك البساطة التي كان يعتقدها عندما كان يقود تاتشر في الصحراء وعليه أسلحة نارية متنوعة. عندما يقول حميدتي "نحن عايشين في غابة" فهذا يعني أنه اكتشف هذا الآن فقط. ربما كانت الغابة التي كان يراها هو ذلك القتال في الصحراء بين القبائل. حيث الحرب واضحة بأسلحة واضحة. ثم اكتشف أن الحرب هي أبسط من الخفايا العميقة في هذا العالم. حيث يخوض الجميع حرباً ضد الجميع دون إطلاق رصاصة واحدة. ويبدو أن حميدتي لم يخرج من حالة الصدمة بعد، بل ربما هو الآن يعاني من قلق كبير، وقد تحول العالم كله في نظره إلى رؤوس شيطانية تخرج ألسنتها المشقوقة لنصفين لتتحسس فريستها. دعونا نلاحظ آخر ثلاثة خطابات لحميدتي، سواء في التلفزيوم أو في جوبا، سنجد أنه ظل يتحدث دوماً عن المؤامرة، ثم يقول بخوف "نحن عايشين في غابة". وبطانة حميدتي تحاصره وتعمق إحساسه بالتآمر. ولا أستبعد أن تنهار أعصاب حميدتي بعد قليل جراء كل ذلك الضغط النفسي. على العكس تماماً سنشاهد برود البرهان الثلجي، فالبرهان إبن المدينة، وظل قطباً من أقطاب الصراع قبل حكم البشير وأثنائه وبعده، ومثله باقي السياسيين الذين عركوا الحياة السياسية كالصادق المهدي والميرغني وقيادات الشيوعيين، فهؤلاء لا يأتون بسيرة المؤامرة على ألسنتهم، لأنهم إما مارسوا التآمر أو مورس عليهم، بإعتباره لعبة سياسية طبيعية.
أحسب أن حميدتي يجب أن يحصل على مزيد من الوقت والتجارب ليفهم أن الرصاص ليس دائماً ما يكون فعالاً في هذا العالم الخبيث.