الذين أستمعوا لدولة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور عبدالله حمدوك، في خطابه الأخير للأمة السودانية، قد حسدوا الرجل علي الرزانةوالوقار والهدؤ والتفاؤل الذي يتمتع به، فضلا عن لغة الخطاب المهذبة والمختارة بعناية وشفافية ووضوح يفهمها كل أهل السودان حيثالصراحة وعدم التلاعب بالمشاعر أو الألفاظ ، كما كنا نخدع بها أنفسنا من أفواه( ساسة الانقاذ) الكاذبين.
وكاتب هذا المقال، لم يشك لحظة ، ومنذ أن تولي حمدوك رئاسة مجلس الوزراء ، بأن الرجل يكذب اويماطل أو يخادع، حيث لا يوجد ما يرغمهعلي ذلك.بل كان صادقا وموضوعيا في تقييمه للأوضاع بعد( حكم الانقاذ) في حجم الدمار الذي تعانيه البلاد ..كما كان أكثر صدقا فيتصوراته ومرئياته السياسية والاقتصادية لتجاوز تلك الحالة المتردية وما يتطلبه ذلك من جهود وصبر...ليس كسبا للعواطف ، أو تبريرا مسبقاللفشل..ولكن حتي نكون جميعنا داخل اطار الصورة وليس خارجها مع المتفرجين!
وما أسعدني ، حقيقة، في حديث المكاشفة هذا، تركيزه علي ثلاثة مؤشرات في غاية الأهمية ذات بعد فكري ونظري قابل للتطبيق عبر برنامجاستشرافي لمستقبل السودان وما ينبغي أن يكون عليه.
لقد كانت الفترة الاولي او السابقة من مسيرة الفترة الانتقالية هي فترة ترميم واعادة بناء لما خربته فترة ( حكم الانقاذ)..وما ارتكبته رموزه منأخطاء بحق السودان في امنه واقتصاده وسمعته الخارجية... أما المرحلة التالية فهي مرحلة الصيانة والبناء والتخطيط الأستراتيجي والرؤية الوطنية لما يجب أن يكون عليه السودان الحديث...حكماوتطويرا وتنمية مستدامة ومكانة مرموقة وعالية بين الدول... وهذه الرؤية الوطنية، التي أشار عليها الدكتور حمدوك، هي الأمنية التي ظللنا نكتب عنها وحولها مرات ومرات ...عندما أقترحنا ، عبر هذهالصحيفة، ومنذ وقت مبكر لنجاح الثورة، بضرورة وجود ( رؤية السودان ااوطنية 2050 ) ولا تهمنا ، هنا، المدة الزمنية، بقدر ما يهمنا وجودهذه الرؤية علي تكتب وتصاغ خلال الفترة الانتقالية والا فانها لن تري النور أبدا مع مستقبل الأحزاب السياسية التي نعرف أهتماماتهاوبعدها عن النظرة الكلية لمستقبل البلاد. فهذه الرؤية، التي ستنجزها الفترة الانتقالية ، ستكون رؤية ( متعدية)و (عابرة) للزمان والمكان، فهي ليست رؤية حزب او جماعة جهوية،اوقبيلة، بل هي رؤية متكاملة لكل أهل السودان في حاضره ومستقبله وتنمية كل موارده البشرية والطبيعية وتحقيق طموحات أهله في الحياةالكريمة التي يستحقونها.
فاذا أردنا لأحلامنا الكبيرة أن تتحقق، فعلينا بالصبر علي مسيرة ذلك المشوار الطويل الذي بانت ملامحه كما جاء في خطاب معالي رئيسمجلس الوزراء..وأن نكون مساهمين فيه ومشاركين بكل طاقاتنا المادية والفكرية؛ ولسنا متفرجين، نقف علي الرصيف وكأننا نقول: هل يصدقرئيس الوزراء وعده هذه المرة؟ ومتي وكيف؟ فتلك لعمري أسوأ حالات النكوص والسلبية لمبادئ واهداف ثورة ديسمبر المجيدة..ونسال الله ألانكون من أو مع هؤلاء الشامتين. د.فراج الشيخ الفزاري [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة