Post: #1
Title: لقاء حمدوك والكلام في الهواء بقلم:د. زاهد زيد
Author: زاهد زيد
Date: 08-22-2020, 03:20 PM
03:20 PM August, 22 2020 سودانيز اون لاين زاهد زيد-Sudan مكتبتى رابط مختصر
: لعل من نافلة القول أن نذكر أن من يريد الاستماع للسيد رئيس الوزراء عليه أن يحضر نفسه جيدا ، بأخذ الاحتياطات السيكلوجية من أن تتوقع أي شيء عدا أن تخرج بشيء ملموس الفائدة ، هذا مع البندول والشاي والقهوة " بدون سكر " وإذا كنت من ذوي الأمراض المزمنة عليك أن تتصل بالاسعاف قبل كل شيء . فالرجل كعادته التي عرفناها ، هادئ ، بارد ، يتكلم كلام الواثق مما يقول وهذا الظهور لم يعد يعني للناس شيئا ، فكل شيء يبدو غير حقيقي ، وكأنك تشاهد لوحة مملة ، قد طالعتها مرارا وتكرارا . لكن حتى لا نظلم الرجل فدعنا نتساءل ونبحث هناك جديد في لقائه هذا ، وهل هو الكلام عن خواء الخوينة العامة والديون المتراكمة على ظهر الوطن ودعم الدولة للسلع الاستراتيجية ، أليس الكلام عن هذه الأمور هو الجديد لكن الكل يعلم هذا وأكثر منه ، لكن هل طرحه هو للحل و يمكن اعتباره نوعا ما جديدا وهو كلامه عن معالجة العلاقات مع المؤسسات الخارجية ثم كلام كثير عن دعم الاسر الفقيرة وغيره مما سمعناه مرارا وتكرارا . حاولت في الفقرة الماضية أن أجد جديدا في كلام السيد رئيس الوزراء ولكني فشلت فيما يبدو ، المهم أن يعلم القارئ ان نيتي سليمة ، وأنني لا اتجنى على الرجل فقد حاولت أن أجد ما أدافع به عنه ولكن كيف " نشكر الراكوبة في المطر " لعلي ارجع لمقولة سابقة وهي أن السيد رئيس الوزراء هو أكبر عقبة أمام الاصلاح ككل والاصلاح الاقتصادي على وجه الخصوص ، والسبب بيسط وهو أنه لا يملك خطة واضحة لحل المشاكل والازمات ، وأنه وإن كانت لديه خطة فلا يملك الارادة للتنفيذ أو القدرة على فرض حلوله وتنزيلها على ارض الواقع . والنتيجة أننا عالقون في مطب كبير ، فالرجل لا يملك حتى قرار الاستقالة ، ولا يستطيع مكاشفة الناس بأسباب الفشل والضعف ، فهو يحوم حول المشكلات ويصفها ، ويلف ويدور هنا وهناك ، دون ان يجد المخرج . فالكل يعلم تمام العلم بكل ما قاله سيادته ، وما يحاوله من قرارات لا تعالج شيئا ، الكل هنا تماما مع سيادة في المعرفة ، ولكن الأكثرية ترى أن الحل واضح والطريق بين وهو الحزم والحسم لكل مظاهر ومسببات الازمات وأولها هو ضرب اوكار الفساد واسترجاع اموال البلد المنهوبة ، واصلاح الخدمة العامة واقصاء كل من ثبت عرقلته للاصلاح . إذا كان البيت متداعيا من الداخل فأي اصلاح في خارجه يبدو نوعا من العبث واللعب على الذقون ، ومالنا نذهب بعيدا فمجلس الوزراء هو أبرز مثال للعطب الذي يشل حركة التغيير . لماذا يعجز رئيس الوزراء عن إدراك أن الاصلاح يبدأ من الداخل وليس من الخارج عبر علاقاتنا مع المؤسسات العالمية ، فالمؤسسات العالمية تنظر إلى واقعك وما بداخلك ، ولا تعطى لدولة خربة وتتآكل من الداخل . وعلى سبيل المثال : لم يتحقق أي شيء في ملف السلام ، ولا أعرف ما هو الذي يعطل السلام ، فلابد من تحيد سقف زمني للوصول للسلام ، أما جعلها جولات مفتوحة ، فقد لا نصل إليه أبدا ، ودعونا من رعاية كسيحة لجوبا للمفاوضات ، فجوبا نفسها تحتاج لمن يرعاها ، الرعاية يجب أن تكون من دول كبري ومؤسسات دولية ، وليتحمل الطرف المتعنت مسؤوليته في حال فشل المفاوضات . هذا الملف تتحمل الحكومة عدم الحسم فيه واطالة الأمد حوله . في اصلاح الخدمة المدنية ، لانجد أي تحرك يفضي إلى اصلاح حقيقي في تفكيك التمكين الكيزاني في مؤسسات الدولة ، فلايزال العمل يسير بنفس الوتيرة السابقة في العهد المباد ، وأبرز مثالين هما ما وقع أخيرا من اضراب لبعض البنوك والتي يسيطر عليها الكيزان بامتياز ، وهيمنة الكيزان الواضحة على وزرات بعينها كالخارجية التي كل ما حدث فيها هو تنقلات نفس الكيزان من مكان لآخر ، بالرغم من أنهم أكبر معيق للانفتاح على الخارج . الاقتصاد يهيمن عليه تياران من متلازمة العهد البائد ، تيار الكيزان الفاسد وتيار فاسد مصلحي ، متحالف مع الكيزان أو يعمل لصالح جهات معلومة ، تريدون مثالا ، قطاع الماشية وتصديرها والبواخر التي تعود كل يوم مرفوضة من دول الخليج ، وقطاع الذهب وهيمنة رؤوس كبيرة عليه ، وقطاع التصدير ووزارة التجارة واللعب بالمكشوف عبر الشركات الوهمية لضمان عدم توريد حصيلة الصادر لخزينة الدولة . وهيمنة شركة بعينها على توزيع الدقيق في الخرطوم وهي شركة حكومية لكنها تدار بطريقة تحتاج للعمل الاصلاحي الفوري ، وغير ذلك كثير في قطاع توريد الدواء واللعب في مواصفات كثير من السلع التي يفيض بها السوق . في مجال عيش المواطن هناك عدم جدية وتراخ مقصود في الرقابة على الاسواق ، الكل يبيع كما يحلو له ، لا قانون إلا قانون الغابة ، الكل لا يعلم هل هناك جهات مسؤولة عن الاسواق وما هي ؟ هل هي المحليات أم جهات أخرى ؟ لا أحد يمكنه الجزم بمن هو المسؤول عن هذه الفوضى . أما عن التفلتات الأمنية ، فتبدأ من التعامل الفظ مع مسيرات الثورة وتمتد للتفلتات القبلية في الشرق والغرب ، غياب تام للحسم في الوقت المناسب ، وترك الأمور لتصل لدرجة السوء قبل أن تتحرك الحكومة ، أين أجهزة الحكومة الأمنية ، لماذا لم يستشعر أحد للخطر القادم من الشرق أو الغرب ، لماذا هذا التراخي الذي قد يكون ثمنه أرواح الناس , هذه التقاط الخمس هي أبسط ما كان يمكن أن يكون برنامج عمل اسعافي وعاجل يضع البلد على مساره الصحيح . لذلك لا نتوقع أي انفراج للوضع الحالي ، وهو وضع سيتأزم في الأشهر بل الأسابيع القادمة . ومادام السيد رئيس الوزراء لم يلوح حتى بنيته في الاستقالة فالأزمة ستطول . وفي النهاية سينتصر هذا الشعب لكن كل ما يفعله هؤلاء القابضون على السلطة هو اطالة معاناته ، قبل أن يلفظهم التاريخ ويرمي بهم في مستنقعه .
|
|