عن الفروسية السودانية: قمرك يغيب همك شوانا بقلم:عبد الله علي إبراهيم

عن الفروسية السودانية: قمرك يغيب همك شوانا بقلم:عبد الله علي إبراهيم


08-19-2020, 05:42 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1597812156&rn=0


Post: #1
Title: عن الفروسية السودانية: قمرك يغيب همك شوانا بقلم:عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 08-19-2020, 05:42 AM

05:42 AM August, 18 2020

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر




أعادني موسى مروح إلى صباي في البحث التاريخي بعرضه علينا مخطوطته "تاريخ الكبابيش الشفاهي" التي نوه فيها بأثر كتابي "فرسان كنجرت: ديوان نوراب الكبابيش وعقالاتهم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر" (1999) عليه. وانتظرتني مفأجاة كلّبت لها شعرة جلدي حين وجدت أن راوي موسى هو عوض الله محمد عوض الله ود شدهان من فرع الكبيشاب في الكبابيش. وكان عوض الله من بين رواتي لتاريخ الكبابيش خلال عملي الحقلي بينهم بين 1966-1970. وجئت عنه بهذا التعريف في الكتاب:

كبيشاب مساعيد، حمرة الوز. عمره 55 عاماً (1969) يروي عن والده الذي وجدته المهدية رجلاً متكلفاً وتوفي عن 89 سنة من 20 عاماً. له مجالس مع الشيخ موسى على التوم (مؤرخ كباشي وشيخ نورابي كتبت عنه نعياً قبل سنوات).

ما شاء عوض الله. مد الله في عمرك. فقد أخذ عنه موسى الرواية في 2016.

زرت عوض الله بجهة حمرة الوز في 1969 برفقة المرحوم الطيب محمد الطيب. وقد أعيانا تعيين فريقه. فدرنا نسأل عنه من كانوا يسقون سعيتهم من الأعداد (الآبار السطحية). وأثقل الأمر على الطيب فلطفه بالفكاهة. قال: يا عبد الله دحين هسع إسرائيل دي لو قررت ضرب عرب الكبيشاب ديل بتلقاههم وين؟

ووجدت عوض الله يذكر وفودنا إليه بلا ذكر للاسماء. قال لموسى عن قيمة التاريخ:

"أساعة أني شيتي البتشوفه عينك دي، أي زول يجيني المعنى يسعلني. يوم الناس الجو إسعلو من التاريخ في آخرين (ذكرهم) جو سعلوني . . . إت قايل التاريخ أكان الزول ما سعل منو بسعله".

فإن لم تسأل من التاريخ لا يسأل التاريخ فيك. فتعيده. وقال عوض الله إن ما رواه لنا ذاع. فحدثه آدم ود الأمين ود لولاو قال إنه سمع بروايته للتاريخ في السعودية. وبدا لي أن آدم اطلع على نسخة من كتابي "فرسان كنجرت" هناك. وعلق عوض الله: "عاين مشى وين !كدي عاين له". ولا أعرف أن سعدت قريباً بمثل سعادتي وقد أمن عوض الله إلى معارفه من ثقافته التي طوفت الآفاق.

صورة تاريخ الكبابيش في كتابي ورواية عوض الله عن الفروسية. ولم أكف أعيد أن صفوتنا بحاجة إلى اكتشاف شعبها لتقف على مصادر متانته التاريخية. ولعل الموردين الأعظم في تشكيلنا هما الصوفية والفروسية. واهتمامنا بالصوفية سلبي. فإما أخذت عليها المآخذ من جهة سياساتها أو أخذت الطريق عليها حواراً قانتاً في منعطف متقدم من العمر. ولم افتأ أعيد أنه لولا التربية الصوفية لما احتمل كادر الحزب الشيوعي الباكر المتفرغ بالذات ضروب الزهادة الكأداء في "ليل الخفافيش" كما يقولون. أما الفروسية فقل النظر فيها إلا من عدها مظهراً من مظاهر العقل الرعوي مثلاً. وقلت في كلمة معجباً بفدائية شبابنا في أيام الثورة العصيبة إنهم يقفون على أكتاف الفروسية السودانية. فالمهدية تجسيد للموردين معاً أي أنها مزيج "دراويش وفرسان" وهو عنوان شفيف لكتاب للتجاني عامر. فلم تُوصف بأنها "عرض كبرياء" إلا لأنها أخذت من المورد العسكري الوحيد المتاح وهو تقاليد الفروسية وتدريبها في القبائل. وتساءلت دائماً: من أي مصنع للرجال تخرج ممثلا عثمان جانو الفتي المهدوي الصبيح؟

فأنظر صورة الفارس في مقطع من مغاناة بنت موسى ود جلي ، فارس بين جرار، الذي قتله الكبابيش في عقال (يوم) التمامي وبنت أبو اصيبع الكباشي قتيل نفس الموقعة. فتباهت كل منهما بأهلها وفرسانها. وجاء دور الكباشية فغنت:

إخيا ما شفتي ابويا

راكب على كوفات (اسم حصان؟) شاق الفوافي

ولابس قماش الريف (مصر) فوق صدرو دافي

نامن صقيع الليل (كناية عن الموت) رماه في القد برافي

وكم قلج (قتل) علوج (فرسان) فوق الصوافي (بلدة الصافيه)

بدخل على السلطان بمرق مقافي (والعادة أن تخرج مولياً ظهرك الباب)

ما بسعى القريمشات (قصار الإبل) إلا اللوافي (الإبل الطوال)

وكان لبني جرار تعليق نبيه على قول بت أب إصيبع. فاستحسنت وصفها لأبيها حين جعلته سلطاناً يرافي القد أي يسعى بالسلم بينما استصفت الجرارية من أبيها سعة رزقه وسعيته. فقالت بني جرار لبنت موسى ود جلي: "فوق وشك دي. البت مرقت ابوها سلطان. سويتيهو أبوك راعي نياق".

ومن أكثر ما أسرني في رواية عوض الله لموسى مروح توقفه خلال تسجيل روايته لمقتل جده حمد ود شدهان في موقعة مع سلطان من الفور. فقال:

-دي يوم حمد ود شدهان ال (وخنقته العبرة وتوقف عن الحكي). ثم نظف حلقه أحم أحم أحم وقال من فرط التأثر:

- خلوها دي خلوها.

وكان ود شدهان فارساً علماً بكته زوجته نفيسة بت فزاري بكاء نادراً. وقالت فيه: "قمرك يغيب همك شوانا". وسمته "سيد بهانا": وتساءلت أين هو لها. وبلغت من قوة العارضة حتى انفعل أحد الكبابيش متأثراً وهارباً من سحر قولها: "أخرب كباشية ما أبكاك. أنا سيد بهانا ما بعرفو. اسألى الجنين البلاي".

عادت بي مخطوطة موسى مروح عن عوض الله ود شدهان إلى مضارب صباي الأكاديمي بين الكبابيش وفي صحبة أماجد مثل الطيب محمد الطيب. كان شرهنا لاكتشاف عوالم المعرفة عند شعبنا طرية وفرت لها جامعة الخرطوم بسخاء شعبة لأبحاث السودان (صارت معهد الدراسات الأفريقية والاسيوية). وتعارفنا في تلك الرحلة إلى الشعب، نحن الذين نؤرخ للحقل، على مثل عوض الله من مؤرخي الحقل بندية. وتواصينا على أنهم ليسوا رواة يفرغون مادتهم لأمثالنا وخلاص. إنهم مؤرخون مثلنا تخنقهم العبرة على حال أهلهم.

ما شاء الله تبارك الله المؤرخ الكباشي عوض الله محمد عوض الله ود شدهان من مواليد 1914 تقديراً


Post: #2
Title: Re: عن الفروسية السودانية: قمرك يغيب همك شوان�
Author: عبيد الطيب
Date: 08-19-2020, 10:09 AM
Parent: #1

تحياتي يابروف عبدالله
ربنا يمد في أيّامك مع راحة البال، وفي ايّام الأخ الشفيف موسى مروح ودي بشارة
وفي عمر الراوي العجيب شيخ عوض الله ودشتهان
*لاحظ يابروف نفس العبرة التي خنقته في ذكر جده الفارس حمدودشتهان (عاطفة وتجلّي فروسي)
أيضا راويك شيخ التريح وراويك شيخ موسى علي التوم أنت ذكرت وكتبت:(كان مأخوذا بتجلّياته) فجميعهم فارس وتشدّه هذه السيرة والفروسية
ومما أعجبني في شيخ عوض الله ودشتهان روايته مصحوبة ب مطولات الغنا ولا يغير فيها أبدا
وأنت ايضا ذكرت أن التريح كتبت منه مايقارب ال1000 ربع من الغنا،وعندما سألته بعد عام لم يبدل.
بارك الله في الواتساب، جمعني بشيخ عوض الله عبر إبن أخيه الرجل الكريم شيخ عثمان وديوسف(2015/2016)
وسجلت منه الغنا ، وسألته عن مطولة خاصة في الأربعينات، للشاعر علي ودفاعوم (تحكي عن قصة رحولة إمرأة ) بين (حسونا )وودي الدبيب ) غرب الصافية
كتبتها من راوي لخبطها وخربها خراب
وبعد إلحاح علي شيخ عوض الله وسألني من بعض التاريخ وأستعنت بكتابك يابروف
(فرسان كنجرت) أعجبه الحكي، فسجلها صوتيا تبارك الله ذاكرة وقّادة قصة وغنا
معزتي لك وربنا يحفظكم في عتامير امريكا من هذا الوباء