الإدارة الأهلية وثلاث تقاطعات ، القبيلة والطائفة والمجتمع المدني : الشرق (١) بقلم:مهيلم ابراهيم موس

الإدارة الأهلية وثلاث تقاطعات ، القبيلة والطائفة والمجتمع المدني : الشرق (١) بقلم:مهيلم ابراهيم موس


08-16-2020, 04:14 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1597590883&rn=0


Post: #1
Title: الإدارة الأهلية وثلاث تقاطعات ، القبيلة والطائفة والمجتمع المدني : الشرق (١) بقلم:مهيلم ابراهيم موس
Author: مهيلم ابراهيم موسي
Date: 08-16-2020, 04:14 PM

04:14 PM August, 16 2020

سودانيز اون لاين
مهيلم ابراهيم موسي-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



ه

بعد أن سقط نظام البشير ، أصبحنا أمام تحدي التحول المدني من دولة تم إختطافها ، بواسطة تنظيم عقائدي عمل علي خلق مجتمع جديد حتي يتوافق مع أطروحة فكرية ونظرية لم تنبعث من الواقع ، وحاول التنظيم الإسلامي تطويع الواقع لينسجم مع ما يتبناه من أفكار .
فشل الأفكار كان مقدمة لنتيجة حتمية هي ما عليه الواقع الماثل الآن .

وفي مجال الإدارة للدولة ، إقتبست الجبهة الإسلامية ما فعله المستعمر ووظفت نظرياته الإدارية للسيطرة والتحكم في المجتمع السوداني لخلق النمط الإسلامي الجديد .

تجريب المجرب الذي فشل ، وهو إبعاد فئات المجتمع المدنية المستنيرة وإستبدالها بهياكل إجتماعية بدائية وإسناد الإدارة المحلية للقادة القبليين وسيطرة التجار ورجال الدين علي منافذ السلطة والقرار هو ما خلق حالة السيولة التي يعيشها الوطن .

وأحداث بورتسودان والشرق عموماً الآن دليل صارخ علي أن ترك تحديد مصير قاطني الأرض ( لعقل البداوة ) بدلاً عن مدنيي المناطق والأكفاء منها أشبه بترك المدن والريف علي فوهة بركان نائم .

عملت الإدارة البريطانية يوما ما علي تطبيق تجارب تم تطبيقها في ( الهند ، ونيجيريا ) ، وتم زرعها في المجتمع السوداني لإعاقة تطوره ، وتسهيل مهمة إستعماره ، ونتيجة لأن مسار التاريخ الإجتماعي واحد ويتجه بالضرورة نحو الوحدة والإنصهار والتعايش كانت طلائع المثقفين هي الحادي لتحرر المجتمع منذ عام ١٩٢٤ .

بعد ثورة ١٩٢٤ قامت الإدارة البريطانية بتقنيين قانون الحكم الإداري الأهلي وهو موكل للزعماء القبليين دونا عن المتعلمين ، وكان للمثقفين في مدينة طوكر في شرق السودان دوراً بارزاً في مناهضة القوانين الجديدة ، تم ضبط منشور سري تم توزيعه في مدينة ( طوكر ) في بواسطة الإستخبارات البريطانية عام ١٩٢٧ يناهض حكم زعماء القبائل .

عمل المستعمر علي تقسيم إداري يتم وفقاً لمناطق القبائل ، وفي مفارقة كبيرة مع الواقع عكسها تقرير حاكم القضارف الذي أوضح مدي التدامج والتعايش في المنطقة الواحدة ، وأكد في تقريره صعوبة تحديد ( إداري أهلي ) من قبيلة واحدة وذلك لأن المجتمع في قرية واحدة يكون تحت ثلات نظارات قبلية في وقت واحد ! .

إستغل نظام البشير إنفراده بالسلطة لتغذية وتوسيع التبيانات المجتمعية والتنوع وزرع قنبلة القبلية وإستخدامها متي ما أحس أن الإستقرار الإجتماعي يوحد الإحساس بالمشكلة ويطرح الحل المنطقي وهو زواله .

وعمِل علي تصفية نقاط تجميع وتزليل التباينات القبلية وهي الطوائف التي تنشط في الشرق وأسهمت في حسم كثير من التفلتات القبلية في مختلف مناطق السودان في كثير من محطات التاريخ المهمة وأهما ( مبادرة الصلح بين الفونج والعبدلاب ، بقيادة الشيخ ود الأرباب ) ، إعتبر النظام الأحزاب التي ولدت من رحم الطوائف كحزب الأمة ، والحزب الإتحادي ، عدواً له يجب تصفية وجودها بإبتعاث التخلف القبلي بدلاً عنها .

الآن وبعد السقوط أصبحنا أمام هذه التركة الثقيلة من التفكك ، ولا يبنغي علينا أن نشير بأصبع واحد حول من المستفيد من الأحداث الدامية التي تمت في الشرق وإنما علينا أن نحدد خسائرنا ونحسم توجهنا أولاً تجاه عقبات القبيلة ثم الطائفة ثم التعدد المدني ، إن ما يحدث في الشرق خطورته في أنه إقتتال داخل الدمن المستباحة ، وشريط البارود ممتد من بورستودان حتي كسلا ثم القضارف وحلفا الجديدة ، ودلالاته رغم أحزان ( الموت السمبلا ) إلا أنه يوكد علي حتمية تاريخية بوتقتها التعايش السلمي الدي يتم متي ما كانت الدولة هي الحكم والوطنية هي المرجعية .

إن ما حدث أثناء فترة الإستعمار لم يمنع الإمتداد الطبيعي للتاريخ في المستقبل بارادة إنسانية و سودانية ، لم يعد للشرق ( قبيلة مالكة ) ، وما حدث يؤكد أن الإقتتال لم يكن حول من يمتلك حق إصدار بطاقة هوية للمنطقة ، وكما كانت حلفا الجديدة كانت قبيلة الزغاوة هنالك ، وكما كانت بورتسودان للهدندوة والبجا ، التقتت عليها قبيلة النوبة بتاريخ ضارب الجذور .

علي طريق الحرية والولاة المدنيين لم تتهيأ الولايات بإفتراش الورود ، لذلك ينبغي دعم حكام الولايات من أجل التحول المنطقي للمدنية ، وينبغي كذلك توفير سبل الإشعاع الحضاري والتثقيفي والمدني من قبل القوي السياسية التي عليها أن تعي دورها في هذه المرحلة وترسيخ مبادئ السلم والتعايش كأساس ومدخل صحيح لتصحيح الوضع الإجتماعي الذي يتم تشويهه عمداً وقسراً لتقتلنا الرِدة .
--