هل يثور الشباب؟ بقلم: إسماعيل عبد الله

هل يثور الشباب؟ بقلم: إسماعيل عبد الله


08-11-2020, 03:34 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1597156467&rn=0


Post: #1
Title: هل يثور الشباب؟ بقلم: إسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 08-11-2020, 03:34 PM

03:34 PM August, 11 2020

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر




ألشباب بمختلف توجهاتهم الفكرية والسياسية وانتماءاتهم الجهوية والجغرافية، هل يشعلون ثورتهم المعبرة عن طموحهم السياسي والأجتماعي والأقتصادي التنموي؟، وهل (كنكشة) الديناصورات على مفاتيح العمل العام تكون هي الدافع لاندلاع هذه الثورة الثانية؟ ، فعلى الرغم من الأنجاز الثوري الكبير الذي حققه الشباب في ديسمبر إلا أنهم مازالوا مهمشين ومبعدين ومحرومين من دخول المطبخ السياسي، والرهان على حتمية حدوث مثل هذه الثورة الثانية يؤكده الغليان الذي مازال يفور ويمور في الأحياء والقرى، ويكشف ارهاصاته الغضب البادي على الوجوه بعد مرور عام وبضعة أشهر على اقتلاع الطاغية، فصراخ الطلاب والشباب القادم من غرب وشرق البلاد له دلالاته الثورية المؤكدة على معقولية طرح شعار (لم تسقط بعد) الذي لا يحبذ سماعه الكثيرون.
الأحزاب السياسية ستتعرض لانفجارات بركانية عاتية في داخلها يقوم بها الجيل الحديث، حزب الأمة لن يبقى كما ظل منذ خمسين عاماً، فشبابه يتداولون في إصرار ضرورة إحداث إنقلاب داخلي يطيح بالزعامة المهيمنة طيلة النصف الأخير من القرن الماضي، وأحزاب الشيوعي والبعث والجمهوري وتوابعهم من ناصريين وغيرهم، اكتشفت الحفنة القليلة من صفوة شبابهم النخبويين أن نفوذ تنظيماتهم الإجتماعي لم يتعدى أحياء وحارات المدن الثلاث، وعلموا أن السودان بلد لا يحكم إلا بالديمقراطية في مقبل الأيام، لذلك بدت بعض الأصوات الشابّة والناهضة في الإمتعاض من التمركز والتمحور والإنحسار في هذه الجغرافيا الضيقة المساحة، أما الأتحادي الديمقراطي فهو لا يتمتع بوجود شباب ديناميكي تحرري ينشد التغيير الجذري، وغالباً ما سيكون مصيره مركوناً في أراشيف أضابير دواليب متحف السياسة السودانية المأزومة عبر العصور.
ألتسونامي الشبابي القادم ايضاً لن يرحم الحركات المسلحة التي تمردت على النظام البائد، فالعديد من شباب الحواضن الشعبية التي انطلقت منها هذه المنظمات المسلحة، قد نهضوا يتساجلون مع القادة التقليديين لهذه الحركات بندية جريئة فيها جرد لحسابات يعود تاريخها لعقدين من الزمان، وإلى جيلين حديثين للوراء، فما عادوا يمتلكون تلك الطاقة السالبة التي تجعلهم ينتظرون قائداً ملهماً يأتيهم من عواصم بلدان ما وراء البحار بعد أن يقضي فيها عشرين عاماً، لقد جرت مياه كثيرة تحت جسور الحراك الشعبي والأهلي المسلح بأقاليم كل من دارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، و نتج خلال هذه المدة جيل جديد بهذا المثلث الملتهب يرفض ممارسات جلد الذات وخطاب المظلومية الذي اعتنقه القادة المعاصرون لجون قرنق، الخطاب المرسخ للدونية والمؤصل للقبول بالمواطنة من الدرجة الرابعة.
ألحكمة البالغة التي جاءت على لسان رسولنا الكريم وكانت نبوءة ذلك الزمان (عسى الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله) ، والتي بانت حقائقها لاحقاً بعدما تعرض للضرب والقصف بالحجارة من أهل الطائف، هي ذاتها التي تصف حال المناطق الثلاث في سودان اليوم والتي لم يبرها أبناؤها البر الذي يجب أن يتوافق مع ما تحمله أرضها الكنز من خير لها وللبلاد عامة، فثورة عنفوان الشباب القادمة سوف تطيح بذلك العجوز الهرم الذي يتمنى على الله الأماني وهو جالس على إحدى قمم الجبال التسع وتسعين، و ستتجاوز ذلك الحالم القابع في الكهوف الباردة ببلاد العم سام وهو يرسل الشرط تلو الشرط للواطئين الجمر من أبناء بلاده في الداخل دون أن يتحرك خطوة واحدة للأمام من أجل الوطن.
ألنزاعات المرتبطة بأزمة الهوية وتجاذبات ملكية الأرض بغرب وشرق البلاد ستحسم مع بزوغ فجر هذه الثورة الشبابية القادمة بقوة، فالأجيال الصاعدة تتحلى بروح التسامح في كل ما يتعلق بصراعات الجغرافيا والعنصر والقبيلة، بعكس ديناصورات المطبخ السياسي الذين تعميهم رواسب عقد الصراعات الطبقية والأثنية، فمحددات الثورات وفاعليتها وقدرتها على التغيير يرتبط بالدرجة الأولى بخصيصة المجايلة، فقادة الثورات من أمثال مانديلا وجيفارا وغاندي اشتعلت قلوبهم بوهج الثورة وهم في العشرينيات والثلاثينيات من أعمارهم، فكما تتحرك الثورات بطاقات الروح كذلك لطاقة البدن دور رئيسي وفاعل، كما أن آمال وأشواق وطموحات الشباب تختلف عن احتياجات من يجثو على ركبتيه ويحبو نحو الكهولة والشيخوخة.
ألذي حدث لمخرجات ثورة شباب ديسمبر هو (كنكشة) الأجداد والجدات على المقاعد الأمامية لشباب (الصبّة)، كما أن نفس الشباب قد انهزم أمام روح التبعية الأبوية التي جعلته يخضع لنتائج الآلية التي بموجبها تم اختيار ممثليه في حكومته الثورية، فشهدنا ضمور عضلة قلب حكومة الثورة الذي أخفق حتى الآن في إيصال الدماء الحيّة إلى الخلايا البعيدة في جسد هذا القطر القارة، فربما أخطأنا بتركنا حبل غارب الثورة لحملة الجوازات الأجنبية الذين لم يخوضوا اللهيب مع الثوار ولم يشتتوا كتل غزاة كتائب الظل البائدة، فالذي يطأ الجمر ليس مثل الذي يمشى على أرصفة المدن الأنيقة.
ألثورة ليست ترفاً فكرياً ولاقولاً معسولاً لا يتبعه عمل، فلا يمكن أن ينجز أهداف الثوار إلا الذين يقتدون بأمثال جيفارا القائل:(ألثورة قوية كالفولاذ، حمراء كالجمر، باقية كالسنديان،عميقة كحبنا الوحشي للوطن)، أين قادة ثورتنا من الكلمات المتوهجة لهذا الثائر الذي سأله أحدهم: لماذا تقاتل في أدغال إفريقيا بينما موطنك الأصلي هو أمريكا اللاتينية؟ فكان رده (أينما وُجد الظلم وُجدتُ).

إسماعيل عبد الله
[email protected]