ماذا يجري في السودان بقلم الطيب الزين

ماذا يجري في السودان بقلم الطيب الزين


08-09-2020, 06:00 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1596992425&rn=0


Post: #1
Title: ماذا يجري في السودان بقلم الطيب الزين
Author: الطيب الزين
Date: 08-09-2020, 06:00 PM

06:00 PM August, 09 2020

سودانيز اون لاين
الطيب الزين-السويد
مكتبتى
رابط مختصر




ما قيمة أن تمنحك الحياة وطنا واسعا مثل السودان، زاخرا بالخيرات والثروات، والتعدد والتنوع الاجتماعي والثقافي، لكن في ذات الوقت تفرض عليك الأقدار قيادات محدودة الخيال ...؟
لتجهض التطلعات والآحلام، بأنانيتها، كما إجهضت ثورتي أكتوبر ومارس أبريل المجيدتين.
بعد سقوط نظام الإنقاذ الذي تلفع بشعارات الإسلام عبر ثورة شعبية، أنحنى لها العالم إجلالا وتقديراً لما طرحته من شعارات، وما إنتهجته من آليات نضالية على رأسها "السلمية". مازالت بلادنا تحدق بها المخاطر.!
هذا الواقع الذي نواجهه يجعلنا نطرح السؤال التالي: السودان إلى أين ...؟
كم هو مؤلم أن نطرح على أنفسنا هذا السؤال، بعد أن وحدتنا الثورة ورفعت من سقف تطلعاتنا حتى عانقت الثريا، لتأتي النخب السياسية الخائرة الحائرة ، وتجرنا إلى الوراء، وكأنك يا أبو زيد ما غزيت...!
النخب التي أعنيها هي: قيادات الأحزاب السياسية القديمة، والحركات المسلحة، وبعض النخب التي تدعي التقدمية.
هذه النخب، فشلت في مهمة إستكمال خطوات الثورة.
والسبب هو العجلة والشفقة وحب السلطة.!
هذه الآفة جعلت بعضها يختفى وراء شعارات الدين، وبعضها يتخفى وراء شعارات العلمانية، وبعضها الآخر وراء شعارات التهميش من أجل الحصول على أكبر حصة من السلطة والثروة..!
وفي الطرف الآخر الجنرالات الذين تركوا وظيفتهم العسكرية وتدخلوا في السياسة فزادوا الطين بلة، منذ إنقلاب ابراهيم عبود، مرورا بجعفر نميري وعمر البشير، وبعض بقاياه الذين يتصدرون المشهد، أعطوا أنفسهم حق أن يكونوا التنين الأسود المتحدث باسم الوطن والمدافع عن الدين.!
كل هذه الرموز تتزيأ بأزياء متباينة وتطلق شعارات مختلفة لكنها بالنتيجة تخدم خط أعداء الثورة، الذين يتربصون بالديمقراطية الوليدة، لأنها تشكل لهم خطرا، لذلك يعملون لإقتناص هذه الفرصة وبلادنا تمر بمرحلة تحول، لتفكيك السودان وإعادة تركيبه تحقيقا لشعار الفوضى الخلاقة التي تختبئي وراء هذه الشعارات الزائفة.!
لذا، أتمنى على النخب السياسية والشعب السوداني عامة ، أن يقرأ ويفهم مضمون المقولة الخالدة للأستاذ الراحل، المفكر المقيم، محمد احمد المحجوب، رئيس الوزراء الأسبق.
الذي قال: "إذا حكمني مسلم فلن يدخلني الجنة. وإذا حكمني ملحد فلن يخرجني من الجنة. وإذا حكمني من يؤمن لي ولأولادي العمل والحرية والكرامة وعزة النفس فسأقف له إحتراما إجلالا".
"ليس وظيفة الحكومة إدخال الناس الجنة، وإنما وظيفتها أن توفر لهم الجنة في الأرض، وتعينهم على دخول جنة السماء".
هذه المقولة يجب أن تعلق في كل بيت سوداني، وأن تكون جدارية كبيرة أمام كل المقرات الحكومية.
بل وتدرس للأطفال.
السبب وراء هذه الدعوة هو إنه ستون عاما وأكثر، ظلت نخبنا الفاشلة تبيعنا الوعود الكاذبة، عبر مماحكات سياسية فارغة، وإنقلابات عسكرية رعناء، أدخلتنا في حروب أهلية عبثية، فقدنا فيها الجنوب، وملايين الأرواح ومليارات الدولارات، وأضعنا أعظم الفرص، ستون عاما تسربت ملىء بالظلم والوحشية والبؤس. هذا هو حصادنا المُر.!
بعد ثورة ديسمبر المجيدة، ظننت كالملايين من أبناء وبنات الشعب السوداني في الداخل الخارج، أننا على عتبة مرحلة ذهبية، لكن ما نراه على الأرض لا يطمئن.
لذا، دعونا نفكر بحكمة وعقلانية، وننبذ مشاعر الكراهية، لأنها طاقة سلبية، تحول حياة من تسيطر عليه إلى بؤس وجحيم.
بعد ثورة ديسمبر المجيدة التي أظهرت أجمل ما فينا من قيم، رأيناها في المسيرات التي إستمرت شهورا وساحة الإعتصام أمام القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة، إستطيع أن أتخيل مستقبل أفضل لشعبنا الجسور ، إذا ما تخلصت بعض النخب السياسية من روح الإنتهازية ومشاعر الكراهية، والعيوب الموروثة من الماضي، بتحويل الطاقة السلبية، إلى طاقة إيجابية لتتسع دائرة خيالنا السياسي والثقافي والمعرفي بما يمكننا من الحفاظ على الوحدة الوطنية، والعمل معا وفق برنامج متفق عليه خلال الفترة الإنتقالية يضمن تحقيق تطلعات شعبنا في العيش الكريم والحرية، كما ورد في مقولة الأستاذ محمد أحمد المحجوب. في ظل ديمقراطية مستدامة بلا إقصاء أو مزايدات سياسية.
الطيب الزين