حمدوك يا الجابوك فزع....! بقلم كمال الهدي

حمدوك يا الجابوك فزع....! بقلم كمال الهدي


08-03-2020, 00:44 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1596411898&rn=0


Post: #1
Title: حمدوك يا الجابوك فزع....! بقلم كمال الهدي
Author: كمال الهدي
Date: 08-03-2020, 00:44 AM

00:44 AM August, 02 2020

سودانيز اون لاين
كمال الهدي-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



تأمُلات

كمال الهِدي
[email protected]
لن أكتفي بالمقولة الشائعة " يا الجبناك فزع وبقيت لينا وجع".
فما تفعله حكومة دكتور حمدوك أسوأ من ذلك بكثير.
هي حكومة لا تشبه ثورة السودانيين العظيمة بتاتاً.
ومن يريد أن يخلق لها المبررات وينسب كل شيء للدولة العميقة ودمار الثلاثين عاماً حر في ذلك.
لكن ما أراه شخصياً ويتفق معي حوله البعض هو أن دكتور حمدوك (مقلب) شربه الشعب السوداني.
وإلا فما هذا التقاعس والتباطوء والتهاون الشديد في حسم غالبية الملفات التي قامت من أجلها الثورة!!
لا تقنعني فكرة وجود الدولة الكيزانية العميقة كمبرر وحيد لما يجري بسبب أن حمدوك وبعض رفاقه ما زالوا يصرون على تمكين هؤلاء (المقاطيع).
ولا يروق لي كثيراً الحديث عن عائق سيطرة المكون العسكري على إقتصاد البلد لأن حمدوك نفسه من سمح لهم بذلك.
فقد لاحت لرئيس وزراء حكومة الثورة فرصة تاريخية لم يحسن إستغلالها إطلاقاً ولا أظنه يرغب في ذلك.
وظني أن المزيد من الصبر على هذا الوجع معناه تضييق فرص أن يبقى الوطن موحداً وآمناً ومستقراً.
ودونكم النيران المشتعلة في أجزاء عزيزة من البلد، دون أن تتفاعل حكومة الثورة مع ما يجري بالصورة اللازمة.
يعاني الناس من شظف العيش وضيق الحال وانعدام السلع وانقطاع الكهرباء والدواء وتراكم الأوساخ والقاذورات بكل شارع من شوارع عاصمة البلاد، بينما تقف حكومة الثورة عاجزة تجاه ذلك وكأن هذه المشاكل تحدث في بلد آخر.
وقد زادت الأمطار والسيول الطين بِلة دون أن نرى تفاعلاً يوحي بأن البلد تحكمها حكومة ثورة حقيقة.
ففي الوقت الذي انهارت فيه مئات المنازل بأنحاء شتى وأُجبر أهلها على إفتراش العراء المُحاط بالمياه من كل صوب.. في نفس هذا الوقت تتجول ما بين فضائيات السودان فترى العجب العجاب.
عمائم ناصعة البياض وثياب ومكياج صارخ ومجموعات من الإعلاميين في هذه القناة أو تلك يحكون قصص مملة ورتيبة.
وكيف لا تكون حكاويهم مملة ورتيبة وهم في الأصل من بقايا وفلول النظام الذي قُدمت الأرواح العزيزة رخيصة من أجل إزاحته عن المشهد السياسي في البلد، ليأتي حمدوك وحاضنته السياسية ويكملون مسيرة العبث التي بدأها الكيزان.
تعمدت التجول بين مختلف قنواتنا الفضائية مساء اليوم فوجدت نسرين النمر تستضيف عدداً من الإعلاميين في قناة النيل الأزرق في جلسة سمر وحكاوى وتجارب شخصية لا تقدم ولا تؤخر.
تحولت بعدها لقناة الهلال فوجدت مذيعة محاطة بعدد من الصحفيين في جلسة سمر أخرى.
وقد لفت نظري حينها - بالرغم من أنني لم أقض سوى ثلاث دقائق أمام هذا المنظر المؤذي- لفت نظري حديث إحداهن وقسمها المغلظ بأنهم لم يكونوا في يوم تبع أي جهة سياسية، وأنهم يعملون من أجل الوطن في مهنة (نكد) (مالاقين منها أي شيء) وبالرغم من ذلك يصنفهم الناس!!
أطلقت ضحكة مجلجة لحظتها، فشر البلية ما يضحك، وقلت لنفسي( صدقناااكم)!
أليست مفارقة عجيبة أن يتحدث أصحاب العمائم البيضاء ناصعة البياض والثياب الفاخرة والمكياج (الأوفر) عن مهنة النكد وهم يتسامرون في وقت تحاول فيها أم مسكينة جاهدة تعديل وضع سريرين لإيقافهما على حوافهما وعرشهما بملاءة وتغطيتهما بملاءة أخرى من الجوانب لكي توفر مكاناً آمناً لأطفالها بعد أن دمرت السيول معظم بيوت منطقة أم ضواً بان!!
أي نكد، وأي صحافة هذه بالله عليكم التي ينشغل أهلها بفارغة الظهور الإعلامي عبر مختلف القنوات ليحكوا لهذا الشعب الثائر عن قصصهم الماسخة وتجاربهم البائسة في وقت تنهمر فيه دموع البشر العاديين على معاناة أهلهم الذين تحاصرهم المياه ولا يجدون لقمة يشبعون بها صغارهم!!
أدرت الريموت كنترول بإتجاه سودانية 24 فوجدت إحدى مذيعاتها تستضيف مطرباً وتسأله عن مسيرته وكأنها تخاطب الراحل مصطفى سيد أحمد.
عدت مجدداً لقناة النيل الأزرق بعد سويعات لأرى ما إذا كانوا قد عادوا لرشدهم فرأيت ياسر عرمان في ضيافة المذيعة التي جددت (اللوك) بعد الثورة بخلع الحجاب!
وهذا يجعلني أعيد طرح السؤال الذي كثيراً ما أثرته عبر هذه الزاوية: كيف يطيب للثوار والقادة أن يُستضافوا بواسطة إعلاميين شكلوا الدعامة الأساسية لنظام المخلوع، لو كنا فعلاً نعيش ثورة بالمعني الحقيقي للمفردة!!
ألا يوجد من بين الإعلاميين الثوريين حقيقة ومن ساندوا الحراك حتى قبل أن يبدأ من يملكون القدرة على تقديم البرامج؟!
سد ترابي ينهار فيغرق بيوتاً بالمئات.
ومشاكل قبلية يشعلها بعض المخربين ليروح ضحيتها عدد من الأبرياء في حلفا الجديدة.
وقتل مستمر لأهلنا في دارفور.
وبالرغم من كل ذلك لا تحرك حكومة حمدوك ولا إعلامها الرخيص الفارغ ساكناً، بل تجد القنوات متسعاً من الوقت لإكمال حكاوى الكثير ممن دافعوا عن الطغاة والقتلة والمجرمين!!
لكن تأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن حكومة حمدوك لا تريد ثواراً في الكثير من المواقع، بل يتعمدون خلط الأمور وإرباك المشهد بالإبقاء على فلول نظام المخلوع لأشياء في أنفسهم.
ما نتابعه ونشاهده لا يحدث صدفة، بل هي رغبة رئيس حكومة الثورة ومستشاريه ومسئولي الإعلام في هذه الحكومة المتواطئة.
هذه المشاهد التلفزيونية الشائهة لا تشبه الثورة التي ضحى من أجلها أنضر شباب البلد الذين تطلعوا لغدِ أفضل!!
لكنها تشبه تماماً بعض المتواطئين الذين لم يستحقوا المواقع التي مكنتهم منها تلك التضحيات.
وكيف لهذا الغد الأفضل أن يتحقق ودكتور حمدوك ورفاقه يصرون على بقاء الكثير من الكيزان في مختلف المواقع المؤثرة من أجهزة إعلام، سفارات ومؤسسات حكومية فاعلة!!
يزعمون أنهم أزاحوا (كوزاً) من موقع محدد، لكنهم يصرون على تعيين ( كوز) آخر في مكانه.
وإن صدقنا في الأيام الأولى أن ذلك ربما حدث بسبب أخطاء، فلا يمكننا أن نقتنع اليوم بأنه يفوت عليهم الأمر في كل مرة إلا إذا أطلنا من (القنابير).
فقد صار الأمر واضحاً وضوح الشمس، ولم يعد ممكناً معه التخدير أو تسويق الأوهام لأنفسنا.
حمدوك يعلم بما يجري وهو راضِ عنه ولا يريد أن يفعل غيره.
ولو إفترضنا أنه لا يدري فهذا أيضاً ليس في مصلحته، لأن معناه أنه غير جدير بهذا المكانة التي منحها له السودانيون.
لو كنت مكان حمدوك لبذلت ما بوسعي وفي اليوم الذي أشعر فيه بالعجز تجاه المكون العسكري أو غيره كنت سأعود لهذا الشعب الذي فوضني لأضع الأمر أمامه بكل وضوح لكي يرى ما هو فاعل بثورته.
لكن يبدو أن حمدوك و(شلة مستشاريه ومكتبه) غير مهتمين كثيراً بالمسئولية التاريخية الملقاة على عواتقهم، وإلا لما خضع الاختيار في الأساس لمعايير غريبة ومريبة.
هذه المهازل ستستمر ولن تتوقف ما لم يصحح السودانيون ثورتهم.
الثورة لازم تستمر ودون مجاملة لأي كائن مهما علا شأنه أو خوف من أية عواقب.
فالعواقب التي بدأت مؤشراتها في الظهور أشد خطراً على البلد.
وما كان يُحذر منه جماعة (نشيل بقجنا نمشي وين)، وما عجز عن فعله البشير يبدو ماثلاً للعيان الآن فلابد من يقظة الثوار لحراسة البلد ومنعها من المزيد من الإنزلاق السريع نحو المجهول.