رحيل الرايخ الثالث.. هل يستقيل الصادق المهدي؟! بقلم د.محمد قسم الله محمد ابراهيم

رحيل الرايخ الثالث.. هل يستقيل الصادق المهدي؟! بقلم د.محمد قسم الله محمد ابراهيم


06-30-2020, 12:42 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1593517361&rn=0


Post: #1
Title: رحيل الرايخ الثالث.. هل يستقيل الصادق المهدي؟! بقلم د.محمد قسم الله محمد ابراهيم
Author: محمد قسم الله محمد إبراهيم
Date: 06-30-2020, 12:42 PM

12:42 PM June, 30 2020

سودانيز اون لاين
محمد قسم الله محمد إبراهيم-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




الرايخ كلمة ألمانية تعني المجال أو النطاق أو الإمبراطورية، كما يصطلحون على إطلاقها على الدولة الألمانية إذْ كانت تسمى ألمانيا الرايخ الثالث قبل سقوطها في زمن هتلر إبان الحرب العالمية الثانية واستهلال ألمانيا بطرفيها لحقبتها الحالية بديمقراطياتها ومستشاريها الذين رسخوا لنهضتها منذ هيلموت كول إلى أنجيلا ميركل.

وهكذا فإنّ رحيل السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة لأكثر من نصف قرن بعد إعلانه خلال الفترة الماضية عزمه التخلي عن الحزب واعتزال العمل السياسي هو أمر يشبه رحيل الرايخ الثالث بعد سنوات طويلة يبدو معها تنفيذ هذا الرحيل الطوعي عن أضابير الحزب ودهاليز السياسة السودانية أمراً عسيرأ إن لم يكن من باب الاستهلاك أو (طق الحنك) على الطريقة السودانية حيث تستخدم العبارة في اللغة المحلية للأمور غير القابلة للتنفيذ في الواقع.
فالرجل مكث في حزبه وعلى رأس الطائفة سنين طويلة ومغادرته في هذا التوقيت تعدُّ في حد ذاتها مفاجأة من العيار الثقيل لمناصري الحزب الذي سيجد نفسه في منافسة حادة مع التكوينات الحزبية القديمة والحديثة في ظل الاستقطاب الحالي في الساحة السياسية المحتقنة والتي تفتقر للمخضرمين ذوي الدربة والحنكة في الفعل السياسي والتنفيذي وإدارة قضايا الحكم والتنوع.
صحيح طالت السنوات بالصادق المهدي واستطالت دون أن يفسح المجال لأحد كوادره للقيادة ومارس الصادق من حيث أراد الديمقراطية أقسى أنواع الديكتاتورية بملكه العضوض للحزب بل وتوريثه لأبنائه وبناته مواقع وصلوها بحكم العائلة في وجود كوادر تاريخية مارس عليهم الحزب الإقصاء المتعمد مثل الدكتور مادبو وأبنائه مثل الوليد مادبو الذي طفق يكتب مقالات نقدية قاسية في حزب الأمة والولاء التاريخي لآل مادبو وما استتبع ذلك من حنق مكتوم فصله الوليد مادبو في سلسلة مقالاته الساخنة تحت عنوان المدينة الآثمة.
ومثلما ابتعد أو أُبعد الدكتور آدم موسى مادبو عن موقعه في الحزب ابتعد كذلك الدكتور بكري عديل كضلع تاريخي مؤثر كذلك وبشير عمر وغيرهم من كبار قادة الحزب مقروءاص ذلك مع الخلافات الشهيرة حول الإمامة والتي لا تزال تطل بينه وبين عمه الإمام أحمد المهدي، وبقى الدكتور إبراهيم الامين القيادي التاريخي بالحزب منزوياً لا يشبه تاريخ من سبقوه في كوادر وقيادات الحزب الذي يتسم بالطائفية والقداسة التي أغفلت الحداثة ومارست الوراثة ولذلك لم نستغرب إحلال مريم الصادق المهدي وغيرها من آل البيت حتى غدا الحزب فاقداً للتأثير والفعل السياسي الذي كان معروفاً عنه تاريخياً منذ نشأة الحركة المهدية برمتها والتي هي الرايخ الاول إن جاز التعبير، ثم فترة الإمام عبدالرحمن وهي الرايخ الثاني وكانت بطبيعة الحال أقل تأثيراً في الحياة السياسية من فترة المؤسس، حتى استلم الإمام الصادق المهدي مقاليد الأمور بعد منازعات مشهورة مع أركان الحزب السياسيين المعروفين المحجوب وغيره حين فصَّلوا له دائرة جغرافية في النيل الأبيض ليفوز فيها، فحمله الولاء الطائفي قبل السياسي للبرلمان ورئاسة الوزارة وهي تلك الفترة التي كتب فيها المحجوب كتابه الشهير الديمقراطية في الميزان.
فترة الرايخ الثالث التي مثلتها سنوات الإمام الصادق المهدي في تاريخ الحزب هي الأسوأ وربما هي الحلقة الأضعف قياساً لفترات المؤسس ثم فترات الإمام عبدالرحمن على مافيها من المآخذ والمسكوت عنه، فالسيد الصادق اتسمت سنواته بضبابية الرؤية منذ تحالفاته منتصف الستينيات وإقصائه للزعماء التاريخيين في الحزب وتغليبه للطائفة بل ومنازعاته الشهيرة مع عمه الإمام الهادي ليجمع الصادق بين الزعامة الدينية والزعامة السياسية وهي ذات المنازعات التي مارسها مع عمه الإمام أحمد المهدي وتحالفاته بعد 1986 حتى اختطفها الإسلاميون بينما كان غارقاً في حضور حفل زواج في منتصف ليالي الخرطوم دامسة الظلام، وفي فترة السيد الصادق تشظى الحزب إلى عدة أحزاب وانشقاقات مؤسفة أضعفت الحزب كثيراً وجعلته متردداً بين تهتدون وترجعون وتصالحون وتقاسمون وتنسحبون حتى أوان الثورة الحالية التي لم يستبين الناس فيها مرامي الإمام ومواقفه كشأنه في الضبابية حتى لحظة إعلانه الإعتزال المزعوم وربما بعيد المنال، ولكن السؤال من يخلف الإمام؟؟!!