داء المركز بقلم محمد صالح رزق الله

داء المركز بقلم محمد صالح رزق الله


06-26-2020, 10:29 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1593206995&rn=0


Post: #1
Title: داء المركز بقلم محمد صالح رزق الله
Author: محمد صالح رزق الله
Date: 06-26-2020, 10:29 PM

10:29 PM June, 26 2020

سودانيز اون لاين
محمد صالح رزق الله-بريطانيا
مكتبتى
رابط مختصر




من الملاحظ و المحزن للمتابع لما يكتبه و يتناوله بعض أبناء الهامش
فى وسياط التواصل الاجتماعى ، يلاحظ انهم أصبحوا يتناسون الأسباب الحقيقية وراء إشكالات و معناة هذه الأقاليم ، و درجوا على تناول الإفرازات الناتجة عن هذه الأزمات وكأنها السبب الرئيسى لها ، و تراهم يتقاتلون و يتراشقون بالجمل والكلمات والبث المباشر و المقالات ، مهدريين طاقات جبارة فى اللا شئ سواء تأزيم الوضع و توسيع الشقة فيما بينهم ، و هذا فى حد ذاته يعكس أزمة جديدة تزيد الوضع تعقيدا و تباعد من فرص الوصول إلى حلول جذرية لوضع الدولة السودانية بتشوهاتها المدمرة ! إذا ما افترضنا جدلا ان هنالك دولة سودانية أو مشروع دولة . و هذه الدولة المفترضة هى فى أساسها اس البلاء و مكمن الداء . نعم هنالك عوامل موضوعية أخرى ساهمت فى هذا الوضع المربك ، أولها تدنى نسبة الوعى بكل أشكاله لدى هذه الشعوب القاطنة هذه الأطراف ، وذلك بالإهمال و التهميش المقصود المفعتل ، و هذا شكل ان يكون الصراع بين طرفين غير متاكفئتين ، طرف يملك كل شئ و الأدوات التى تساعد فى ترجيح كفة الميزان لصالحه ، بل سهلت له هذه المعينات فى ان يفرض رؤيته لمستقبل الدولة السودانية ، و مهد لذلك بغرض لغته و ثقافته وتصوره الدينى لتكون هذه هى لونية الدولة و ثوابتها ، و لكى يستقر له ذلك عمل على محو و أزالت الثقافات و اللغات و التصورات الدينية للآخرين اللذين يشاركونه الأرض و فى الأصل هم أصحابها و التى سيقيم عليها هو دولته الابدية ، و لم يكتفى بذلك بل طمع فى الاستئثار بالمزيد من ألارضى التى يملكها أصحاب الأرض الأصليين ، و شرع فى إشعال الفتن بينهم و تدبير المكائد و الحروب و الاستعانة فى ذلك بكل ما يخطر على باله لا يهمه من هو و متى و كيف . هذا هو أصل و جوهر الصراع فى هذه المناطق ، صراع من أجل لأرض و السيطرة عليها بكل الوسائل الممكنة ليس هنال فى ذالك حدود أو خطوط حمراء و لا قواعد للاشتباك و لا قيم ولا أخلاق يجوز مراعاتها فى هذا الصراع ، هى بكل و ضوح سياسة الأرض المحروقة .

و فى خضم هذه الأجواء المشحونة التى لاتطاق تقدمت مجموعات من أبناء هذه الهوامش للتصدى لهذا الظلم الذى يمشى برجليه منذ أمد بعيد ، و تنامى مع حراكها هذا الوعى بين هذه الشعوب و تعددت أشكال التصدى و المقاومة ، و تقلب ما بين الصعود و الهبوط إلى أوصلنا إلى ما نحن فيه اليوم ، حركات الكفاح المسلح منتشرة فى كل أطراف السودان تقريبا ، ومجازر و تصفيات عرقية و نزوح و تهجير قصرئ لكل شعوب هذه المناطق الطرفية ، بحيث و صل الصراع قمته وأدى لانفصال الطرف الجونبى للأرض السودانية و تكونت دولة جنوب السودان ،، و ما يزال أبناء الأطراف الأخرى المتبقية يقاومون ، و مقاومتهم هذه تعيدنا لصلب موضوعنا ، من حيث بدأنا حديثنا ،
فى هذه الفترة و بعد سقوط رأس نظام الإسلام السياسى العروبى الهوية ، ازداد الوضع تعقيدا لطرفئ الصراع ، و تشابه على الكثيرين البقر ، و بالتحديد فى معسكر ما سمئ بالهامش ، و لعوامل كثيرة و أبرزها ، الدهاء و الحنكة السياسيين( المكتسب) للطرف المسيطر دوما وهم أبناء الشريط النيلى او النخب النيلية المعرفون (بالمركز) و بالرغم من تنوع و تعدد أشكال هذا المركز فهو بجميع ألوان طيفه يتفق و يتحد و يلتقى فى ثوابته الاستراتيجية ، و التى سردناها فى صدر مقالنا هذا وتختصر فى إنه هو الأصل فى معادلة الدولة (ثقافته ،لغته ،تصوره الدينى و اثنيته) ،و على الاخر أن ارد ان يكون من المقيمين على هذه الرقعة الجغرافية ان يلحق الحاقا . طوعا أو كرها . هنا تظهر خبايا ضعف اطراف الهامش ، حيث لا ثوابت استراتيجية توحدهم ، الكل على هواءه و ان رفعوا شعارات ثورية أو تقدمية فهذه لاتشفع لهم للم شملهم فكل منهم يفهم هذه الشعارات الثورية و التقدمية على حسب ماتقتضى ظروفه و يطوعها لتناسب ظروفه هذه ، ومن هنا كانت و ما زالت ثغرتهم التى سمحت بتغلغل و اختراق مكونات المركز لمجموعاتهم و العبث بها و تشكيك كل طرف فى الاخر و التفتيت الممنهج لهم مستغلا المركز كل إمكانياته و نفوذه .السلطوى و .الاجتماعى و المادى .
و ما لاحظناه و يحزننا ان يد المركز ليست ببعيدة عن التشتت والتناوش و المكائدة ، و الانحراف عن جوهر القضية ، و الانشغال بتدعياتها وغض الطرف عن لبها الماثل امامنا حاليا و الذى أشرنا له فى بداية موضوعنا اعلاه ، و هى أعراض لمرض و عند تشخيصه تظهر لنا نتيجة الفحص أن هذا المرض يدعى بداء تدخلات المركز و قد إصاب جسم الهامش بفيروسه و فعل به ما عجزت عنه نوائب الدهر ،
و ليست الشماعة تلك الكلمة التى أصبحت ارهابا فكريا وسيفا مسلطا على رقاب اهل الهامش فكل ما توصلوا لضبط حيلة من حيل المركز وكشفوا لعبة من ألاعيبهم و صفوفهم بأنهم يجعلون من المركز شماعة يعلقون عليها فشلهم ، كما كلمة عنصرية واستخدامها لتخويف اهل الهامش كل ما اردوا القيام بعمل ما . و الوصفة العلاجية لهذا المرض و الوحيدة الناجعة ولا يوجد غيرها و بدونها سوف ينتشر المرض و يقضى على مناعة الجسم و الذى بدوره يقود للفناء ، هى التمسك بأصل اسباب المشكلة وجذورها و توحيد الجهود ما أمكن و السعى الجاد نحو أكبر قدر من الوحدة ، و تحاشى و تجنب مسببات المرض و معاقل انتشاره . فعلى اهل الهامش كر البصر مرتين و تحسس ما تحت أقدامهم ، و مراجعة خطواتهم ، وعدم التفريط فيما يجمعهم و تحديد ثوابتهم ، وإعلاء الشأن العام فوق الخاص ، و ان يدركوا أن الأرض التى سلبت و الانفس التى زهقت و العزة و الكرامة و العفة التى انتهكت ، لن تسترد بالكيفية التى هم بها سائرين ، وأن العدو الغاصب الظالم المتسيد المستبد المتعالي ، لم يتغير شئ من سلوكه و نهجه ، و الواقع المعاش يشير بذلك و لربما تواراء عن المسرح قليلا لترتيب شؤونه و إعادة تموضعه ولاخفاء ذلك يطلق على الهواء بالوناته الإختبارية و التى يعتبرها بعضنا علامة حسن النية ، ولا أعتقد كذلك . وأنه ان كان بعض الظن اثم ، فكثيرا من الظن حكمة و فطنة و رجاحة فى العقل والفكر .

محمد صالح رزق الله