من اين يبدا؟!! البناء الوطني بقلم زهير تاج السر

من اين يبدا؟!! البناء الوطني بقلم زهير تاج السر


06-21-2020, 01:27 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1592699235&rn=0


Post: #1
Title: من اين يبدا؟!! البناء الوطني بقلم زهير تاج السر
Author: زهير تاج السر
Date: 06-21-2020, 01:27 AM

01:27 AM June, 20 2020

سودانيز اون لاين
زهير تاج السر-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




- إن الخراب الذي أحدثته الثلاثين العجاف ربيبة الحقبة السوداء في بلادنا خرابا متعدد الأوجه ومتنوعا صاب كل مجالات الحياة المختلفة إجتماعيا وثقافيا وإقتصاديا ورياضيا وسياسيا حيث إختطفت فيه دولة الوطن ووظفت مواردها وجيرت لصالح دولة الحزب الواحد.

تمتع منسوبي النظام المباد بكل الخيرات مستأثرين عبر التمكين بالوظائف والإمتيازات المتعددة، وياليتهم شبعوا وعمروا الوطن ونهضوا به، لكن مابني على باطل فهو باطل وعندما سكت أهل الحق عن الحق ظن أهل الباطل أنهم على حق...ولكنهم كانوا في غيهم سادرين ظنا منهم أنها ذات تخليد أبدي ، حيث أخذتهم العزة بالإثم فلم يدر بخلدهم يوما أنهم سيبارحون مواقعهم ويفقدون مناصبهم التي لم يحصلوا عليها بكفاءة بل على اساس ولاء زائف ومخادع.

_إن سوء التجربة التي حدثت والتي مثلت إنهيارا في كل شئ تستدعي إزالة التمكين بقوة ومنع تكراره مستقبلا للآثار السلبية المترتبة عليه، وذلك بوضع القوانين السليمة والسياسات الفعالة والرقابة الشعبية ، يجب أن يستوعب أي منا دوره؟! وكيف يقوم به ؟!! ومتى ؟؟ فلا إستثناء المسئولية تاريخية والقيادة جماعية. وعلى أي مسئول تنفيذي فهم أن لحظة إستقدامه لمنصب وتكليفه لأي مهمة تستوجب أن يخلع جلبابه الحزبي ويحول إنتماءه لكل السودانيين ، فمن أتى به للمنصب الذي شغله ليس برنامجه الحزبي بل تضحيات السودانيين وجسارتهم ونضالهم الثر.

_لقد بدأت مرحلة البناء الوطني وكل فينا يحمل لها تصورا محددا ، فهناك من يرى انها تتمثل في التعاون الجاد والمثمر والشراكة الحقيقية للإرتقاء بأي عمل يساهم في البناء ويدفع به للأمام ، وآخرين ينظرون لشعار البناء الوطني بمنظور أوسع حيث يشتمل على إسترداد الحقوق المنهوبة ،وتوسيع قاعدة المشاركة للجميع وإيجاد المشاريع التنموية وغيرها من الأحلام التي شارك بموجبها الجميع في عملية التغيير السلمي.

_ أما البناء الوطني الحقيقي يتمثل في التخلص من آثار الحقبة السوداء التي زرعت الفتنة بين أبناء الوطن الواحد وتزكية المشاعر السلبية والعنصرية البغيضة إن البناء يقوم على أساس دولة المواطنة والحقوق والواجبات و تقبل الرأي والرأي الآخر ، والسلوك الديمقراطي المتفاعل .. والإيمان التام بأن تعددنا سبب قوتنا ، ومعالجة ضعف الديمقراطية بمزيد منها .

_ لقد طال الخراب كل مناحي الحياة ومجالاتها وليس احزابنا السودانية بإستثاء ، حيث عملت سلطة الإستبداد المباد على إضعافها وتمزيقها وتفكيكها وشراء ضعيفي النفوس من منسوبيها مما أنعكس أيضا على أداءها وعملها وطرحها وتفاعلها مع جماهير الشعب السوداني كيف لا والسلطة المبادة إنقضت على ميثاق الدفاع عن الديمقراطية ،، فمن الطبيعي أن تلك الأحزاب تأثرت طيلة فترة الحكم الديكتاتوري ،إما بهجرة بعض كوادرها خارج الوطن طلبا للعيش والحياة الكريمة ،وآخرين جنحوا للعمل السري ظلوا حاملين لواء أحزابهم بالرغم من ضيق الحياة وشظف العيش.

_ عانت جميع القوى السياسية المدنية من تلك الفترة ، ولكن بعد سقوط الإستبداد وجدت هذه الأحزاب نفسها في إختبار حقيقي وصراع من أجل البقاء والإستمرارية فهي مطالبة بإستيعاب المتغيرات التي حدثت فالأجيال الحديثة من الثوار يمتلكون أدوات عصر مختلفة وإهتمامات متغيرة ، ماعادت المطبوعات الحزبية الورقية التي كانت طفرة في السبعينيات والثمانينيات وجاذبة بألوانها متناسبة مع هذا العصر، ولا الفعاليات السياسية والندوات الجماهيرية ليتبارى فيها الخطباء المفوهين والسياسيين العظماء لمخاطبة الجماهير ذات إهتمام مميز كما كانت في السابق.

_ إشتركت الأحزاب بعناصرها ورموزها في كل مظاهر وفعاليات ديسمبر الظافرة ، إلا أن وقود الثورة الحقيقي وعمادها كان من الشباب غير المنتمين سياسيا والمؤطرين تنظيميا أجيال جديدة من الشباب الواعي يمتلك ادوات عصر وعمل إجتماعي مختلفة تماما عن أدوات العمل الإجتماعي والسياسي التقليدية وهذا أكبر تحدي تواجهه القوة السياسية المدنية طيلة تاريخها.

_ إن الأجيال الجديدة هي صاحبة القول الفصل وأكبر شريحة عمرية مشاركة في اي إنتخابات ديمقراطية قادمة ، إن لم تستوعب هذه القوى السياسية التغيرات الجيوسياسية التي حدثت وعملت على تطوير مؤسساتها وعملت على ترسيخ الديمقراطية بداخلها وعملت على إحداث مراجعات فكريةو سياسية وعملية وتنظيمية وثقافية تستوعب طاقات الشباب وجعلت منصاتها للرأي والرأي الآخر ستموت تلقائيا وتخرج من المشهد السياسي السوداني.

_ صحيح انه لا ديمقراطية بلا أحزاب ولا أحزاب بلا ديمقراطية ، فالإصلاح السياسي ضرورة فرضتها التحديات أمام الفترة الإنتقالية فعندما لايجد الشباب المواعين الحزبية التي تستوعبه وتعبر عنه ، سيتجه لتكوين الكيانات التي تعبر عنه ويقوم بتأسيسها وفقا لمفاهيمه ومطلوباته وإهتماماته فديسمبر المجيدة حدثا إستثنائيا فريدا ودورة جديدة من دورات التاريخ السوداني تتشكل في ظل غياب مشروع وطني يمثل السودانيين.
FB_IMG_1592568945530.jpg