لماذا يهابون الديمقراطية؟ بقلم إسماعيل عبد الله

لماذا يهابون الديمقراطية؟ بقلم إسماعيل عبد الله


06-19-2020, 11:21 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1592605298&rn=1


Post: #1
Title: لماذا يهابون الديمقراطية؟ بقلم إسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 06-19-2020, 11:21 PM
Parent: #0

11:21 PM June, 19 2020

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر





قطع الرجل الثاني في منظومة الانتقال قول كل خطيب، وقال بأنهم سيسعون بكل ما أوتوا من قوة
وبالكاكي لتحقيق الديمقراطية (كيّة) وضُر للذين لا يرغبون بها، لقد أشارت تلميحات الرجل بما لا يدع مجالاً للشك أن هنالك من لا يستأنس في نفسه الكفاءة لخوض أي معركة انتخابية قادمة، ورشح من خلال خطاب القائد الذي عرف عنه تلقائية التعبير في أحلك المواقف وأشدها صعوبةً،
أنّه الوحيد من ضمن طاقم حكومة الانتقال الذي يعتبر الأكثر صدقاً وتجاوباً مع أجندة الوثيقة الدستورية التي وضعت ملف السلام في أولى أولوياتها، فيبدوا أن الرجل أصبح المقاتل الأوحد والشرس وسط جوقة الانتقال من العطالى الذين قذفت بهم ثلوج جليد القارة العجوز إلى أتون
غرف قصر غردون، الذين لا هم لهم سوى احتساء الويسكي الأصلي و(ضرب) المشاوي الشهية والطازجة من لحم الضأن على ضفاف النيل.

لقد ولج باب القصر الرئاسي أحد أبناء الغبش المساكين الذين لم تأت بهم نضالات زائفة، ولا
مكاسب كذوبة ومدعاة لآباء هلكوا، من أمثال أولئك الذين ما زالوا يتباهون بأن آبائهم أعدمهم النميري، ويريدون أن يعتلوا رقابنا بناءًا على ذلك الكسب الرخيص، بالله عليكم ما دخل الشعب السوداني في صراعات النخب الانتهازية مع العسكر وما هو الرصيد النضالي الذي يمكن أن
يتقدم به مثل هذا الشخص؟، لكي يشغل منصب حكومي وثوري جادت به دماء الأنقياء من أمثال عبد العظيم وكشّة؟، لقد تلاعب العطالى الذين قدموا من مدن الضباب بالقضايا المصيرية التي لا تحتمل المساومة، وذلك لأنهم لم يكتووا بزمهرير شمس الخرطوم الحارقة إبّان اكتساء شوارعها
بدماء اليافعين من أبنائها أيام بطش وسطوة الدكتاتور.

ألديمقراطية وصناديق الأقتراع المحمية بقوات الدعم السريع هي الضمانة الوحيدة لتحقيق التداول
السلمي للسلطة، فبعد الخطاب الصادق والواعد للأخ القائد على المستهبلين والعطالى والانتهازيين أن يبحثوا عن أرضية شعبوية وتعبوية تقيهم حر الصيف الديمقراطي المحروس بكلمة هذا (الزول) الصادق، ولا مجال للمراوغة و اللعب على حبال الغش والكذب والتضليل، لقد استوعب الشباب
والطلاب ألاعيب الكيزان و تزويرهم لأرادة الشعب على مدى ثلاثة عقود، ولا مجال لتكرار نفس الخديعة للمرة الثانية ومن صنو الكيزان و وجههم الآخر الذي لا يختلف عنهم إلا في الأسم، فعملية الأستهبال والأستعباط والأستكراد السياسي ليست ماركة كيزانية مسجلة، وإنما هي خصيصة
أمتازت بها صفوة من الناس جمع بينها التآمر والحقد والنرجسية والأنانية والتجسس والتحسس والكيد والدفن والحفر والخديعة والفجيعة.

مصيبة بلادنا تكمن في الصفوة التي وصفها أحد أعضائها بأنها لا تجتمع إلا لأجل السهر وشرب
القهوة وحضور الحفلات الخليعة والماجنة والنوم مع بواكير الفجر، هذه هي الصفوة التي أهدرت طاقات الشعب السوداني المنتج في إشباع نزواتها المنحرفة، صدق أولا تصدق، وزيرة كل همها أن تجد لها ركن قصي بشارع النيل لكي تشرب (القهوة) وربما الشيشة كذلك في زمان حظر كورونا،
يأتيها سائق سيارتها الفارهة المنقذ لها من صفارات إنذارات الشرطة الحريصة على عدم التجمعات في زمان الجائحة، فتهرول نحو العربة راكضة لتلافي توثيق الكاميرات المحتشدة بها جوالات العامة من الناس.

ولى زمان الترف الفكري و(الفلهمة) والنفخة الكضابة وإدعاء الفهم والتشبث بالمصطلحات الفخيمة،
وجاء الوقت الذي فيه تكون الأفضلية لمن يعمل، فمهما حصلت من شهادات ومحصلات أكاديمية فإنّ المحك الحقيقي هو ماذا عندك لتقدمه غير الحكي والكلام والتنظير، لقد شبعنا خطب حماسية وأحاديث مدبجة و معارك كلامية، فالدور قد أتى على من يملكون مفاتيح الحلول من الذين يفعلون
ولا يقولون، فقد اتضح لنا من خطاب الأخ القائد وهو يقدم محاضرته البليغة في حربه المعلنة مع الدولار، أن الخبرات الأممية و العمل في بيوتات المال العالمية ليست هي الفيصل في حسم ملف الأزمة الأقتصادية، والدليل وقوف كل الكفاءات خلف رجل المرحلة وكأن على رؤوسهم الطير،
مطبقين أخماسهم على أسداسهم (مدنقرين) مستسلمين لمحاضرة ابن البادية يحدثهم عن خطته لصرع وهزيمة الدولار.

لقد عانى السودان منذ الاستقلال من عقلية السياسي الموظف غير المبتكر، ذلك الأفندي الذي جل
همّه الخلاص من ساعات عمله الرسمي ليذهب إلى عائلته الصغيرة كي يستمتع بما تبقى له من ساعات اليوم، لم يأت على البلاد قائد ملهم غير جون قرنق الذي وافته المنية باكراً، كل القادة الذين دلفوا إلى كابينة القيادة هم في الأساس موظفون ممتازون ينتظرون الأشادة والتحفيز
من مرؤوسيهم، والدليل انبطاح جهابذة الفصاحة و (الوقاحة) أمام (رجل الخلاء) كما ظلوا يصفونه، يوم أمس، فتبين للناس كافة أن مشكلتنا ليست في الموظفين وإنما في كاريزما القائد.

فأي سياسي في هذه المرحلة المفصلية والحرجة من تاريخنا، تجده يمني نفسه بالرقص على أنغام
حفلات طه سليمان، غير جدير بقيادة حكومة الدماء والدموع، فبلادنا في أشد الحاجة إلى عقول غير مخدرة بعوامل الكافيين والكحول، وأكثر احتياجاً لأشخاص لم تحفل سجلاتهم الشخصية بجرائم التنمر والتحرش بحق النساء، فالثورة ليست لساناً فصيحاً ولا قولاً منمقاً بليغاً وإنما
هي مواقف ورصيد حقيقي من الدماء المهدرة على شارع القيادة، فالثورة ليست دماءًا محمية بسلطات مدير جهاز مخابرات المخلوع في تلك اللحظات التي عزّت فيها كل دماء السودانيين والسودانيات.


إسماعيل عبد الله

[email protected]