نقد ديني: (صلّوا في بيوتكم) .. لأن المساجد لم تعد بيوت الله (3) من (3) كتبه محمد سمنّور

08:43 PM June, 12 2020

سودانيز اون لاين
محمد سمنّور-السودان
مكتبتى
رابط مختصر

بينت لنا كتب السنة ان الصحابة كانوا ربما اتوا بعد ان تُصلي الجماعة،
فربما صلوا فرادي او مجتمعين،
وبينت لنا انهم كانوا يستلقون ويرقدون وينامون في المسجد،
بل ويحلمون في نومهم،
ويحتلمون،
هذا لان المساجد هي بيوت الله،
وليس لاحد ان يطرد الناس منها،
خصوصا المساكين وعابري السبيل والغرباء المنقطعين،
لأن الاصل هو ان بيوت الله مفتوحة باستمرار،

قبل اربعة سنوات حدث لي موقف غريب،
ذلك في مسجد قرب شارع الوادي، كرري، بقرب محطة مواصلات،
كنت اريد ان اصلي الظهر واركب المواصلات مرة اخري،
كان ذلك في الواحدة وخمس دقائق بالضبط،
في اللحظة التي كدت ادخل رجلي قُفل الباب في وجهي،
هذا باب الحوش الخارجي للمسجد،
قفله رجل من الداخل اظنه الخفير او المؤذن،
باب وحائط الحوش كانا عاليان مثل حوائط وأبواب المنازل،
لم اكن اري الرجل ولكن من وراء الباب دار بيننا الحوار التالي:
-" عايز أتوضأ واصلي"،
- "نحن صلينا"
-" داير اصلي براي.. مافي مسجد قريب والدنيا حر"
-" ده الوكت البنقفل فيو"
-" يادوب الساعة واحدة وخمسة"
-" نحن بنصلي 12 ونصف"
-"ياخي في مساجد يادوب اقامت الصلاة"
-"ما في طريقة والله"
وذهب،
تسمّرت في مكاني للحظات محتارا،
فعلا لم يكن هنالك من مكان قريب للوضوء والصلاة،
وكان اليوم شديد الحرارة،
لاحظت حينها ان الرجل لم يذهب الي بيته!
صعد الرجل الي الطابق العلوي حيث مصلي النساء،
كان هنالك بعض الكراسي علي شكل دائري،
وكانت المراوح تعمل،
الظاهر انه يتخذ مصلي النساء كصالون له وحده!
ما كان يضيره لو جلس قليلا في مصلي الرجال وتركني اصلي؟!

هناك احاديث نبوية تدل ان الصحابة كانوا يأتون المسجد حتي في غير وقت
الصلاة وليس بغرض التعبّد،
ففي سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري:
أن رسول (ص) دخل ذات يوم المسجد،
فإذا هو برجل يقال له: أبو أمامة،
فقال: (يا أمامة، ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟)،
قال: هموم لزمتني، وديون يا رسول الله،
قال: (أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب عز وجل همك، وقضى عنك دينك؟) ...الخ

وفي جامع معمر بن راشد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن:
أن النبي (ص) رجلا دعا نفر من أهل الصفة إلى منزله،
فلما اكلوا وشربوا قال لهم: (إن شئتم رقدتم هاهنا،
وإن شئتم في المسجد)،
قالوا: بل في المسجد،
قال: فخرجنا فنمنا في المسجد.

في سنن ابن ماجه في باب الأكل في المسجد:
(كنا نأكل على عهد رسول الله (ص) في المسجد الخبز واللحم)

وفي مصنف عبد الرزاق الصنعاني عن ابن مسعود:
أنه كان يرخص للجُنُب أن يمر في المسجد مجتازا،
ولا أعلمه إلا قال: «ولا جنبا إلا عابري سبيل»

وفي مصنف ابن أبي شيبة عن شعبة:
قال: سألت الحكم عن الرجل يجلس في المسجد على غير وضوء،
قال: أنا الساعة كذلك

وعن زيد بن أسلم قال:
كان أصحاب النبي يدخلون المسجد، ثم يخرجون ولا يصلون،
ورأيت ابن عمر يفعله

ولأن المسجد هو مكان اجتماع الناس كان غير المسلمين لهم فيه حق:
ففي مصنف ابن أبي شيبة عن مجاهد،
أنه كان لا يرى بأسا أن يجلس أهل الكتاب في المسجد،
بل اكثر من ذلك!
فعن الحسن، قال:
قدم وفد ثقيف على النبي (ص)،
فنزلوا قبة كانت في مؤخر المسجد،
فلما حضرت الصلاة، قال رجل من القوم:
يا رسول الله، حضرت الصلاة وهؤلاء قوم كفار، وهم في المسجد،
فقال (ص) «إن الأرض لا تنجس»
بل الاغرب انه جاء في مسند الشافعي عن عثمان بن أبي سليمان:
أن مشركي قُريش حين أتَوُا المدينة في فداء اسراهم كانوا يبيتون في المسجد،
منهم: جُبَيْر بن مُطعم،
قال جبير: فكنت أسمع قراءة النبي (ص)
ويؤخذ من الحديث أنه لا مانع من دخول غير المسلم المسجد.

هذا غير المسلم لا يمنع من دخول المسجد!
فكيف يمنع المسلم بحجة انقضاء الصلاة؟
هل قال الشرع بذلك؟
كثير من الاندية والصالات والمنتجعات والمنتزهات تعمل الآن علي مدار ال24 ساعة،
فلماذا تقفل المساجد؟
كيف يحدث ذلك في دولة تدّعي انها تحكم بشرع الله؟
لماذا المساكين تضيق عليهم حتي بيوت الله؟
هذا رجل يريد ان يذكر الله،
يريد ان يفعل ذلك بعد انقضاء الصلاة،
يريد ان يذكر الله في بيت الله،
يريد ان يعتكف،
ألم يحثنا الدين علي ذكر الله في كل الازمان والاماكن والاحوال؟
ألم يقل القرآن: (الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم) آل عمران: 191
ألم يقل: (فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم) النساء:103
اليوم ينادي المؤذن حي علي الصلاة حي الفلاح،
ثم يستطرد "صلّوا في بيوتكم"
وما نري ذلك الا بسبب التشدّد في تقفيل المساجد،
اليس ظلما ان يُمنع احدا جاء يلوذ ببيت الله؟
يقول تعالي:
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا
اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) البقرة:114
ويقول سبحانه عقابا لهؤلاء:
(لهم في الدنيا خِزْي)،
(ولهم في الآخرة عذاب عظيم) البقرة:114
لدينا امل في المجمع الفقهي ووزارة الاوقاف،
التي جاءت بها حكومة التغيير،
ان تلتفت لتغيير هذه الأوضاع.