نقد ديني: (صلّوا في بيوتكم) .. لأن المساجد لم تعد بيوت الله (1) كتبه محمد سمنّور

نقد ديني: (صلّوا في بيوتكم) .. لأن المساجد لم تعد بيوت الله (1) كتبه محمد سمنّور


06-10-2020, 03:24 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1591799053&rn=0


Post: #1
Title: نقد ديني: (صلّوا في بيوتكم) .. لأن المساجد لم تعد بيوت الله (1) كتبه محمد سمنّور
Author: محمد سمنّور
Date: 06-10-2020, 03:24 PM

03:24 PM June, 10 2020

سودانيز اون لاين
محمد سمنّور-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



مجتمعنا صار يهتم بمظاهر الأشياء أكثر من المضامين والوظائف الاساسية،
خصوصا خلال الثلاثة او الاربعة عقود الماضية،
وللاسف انطبق هذا علي المساجد التي هي بيوت الله،
من الجيد الاهتمام بجعل المساجد في صورة حسنة،
فيُهتم بنظافتها وفرشها وتهويتها وتكييفها،
ولكن من السيئ أن يُبالغ في ذلك،
لدرجة تؤدي الي غلق المساجد في وجه ضيوف الرحمن،
خصوصا المساكين وعابري السبيل،
في السابق كان فرش المساجد من البروش،
وكان يعتمد علي كبر وكثرة النوافذ،
ولكن كانت مفتوحة 24 ساعة،
الآن صارت المساجد تصمم علي انظمة التكييف،
ولذلك ربما يفتحونها عند الأذان ويغلقونها بمجرد انهاء الصلاة،
فقبل اكثر من عقدين صارت المساجد تحاسب علي الكهرباء،
صليت عدة مرات بمسجد النيلين بامدرمان،
فكان الواحد لو أتي مسبوقا يتصبب عرقا وهو يكمل صلاته،
لأن المكيفات تغلق بمجرد السلام من الصلاة،
اجريت لمسجد امدرمان الكبير صيانة واعادة تأهيل قبل 15 عام تقريبا،
قبلها كان المسجد كأنه خلية نحل طيلة النهار وجزءا من الليل،
فمن مصلٍ الي تالٍ للقرآن الي ذاكر الي متعلم،
ومعظم هؤلاء عابري سبيل،
فالمسجد داخل السوق ومجاور لمحطة المواصلات،
فيؤتي اليه للصلاة والاستجمام خصوصا عند ارتفاع درجات الحرارة،
ولكن بعد صيانة المسجد تبدّل الحال،
صار الناس يُطردون عقب صلاة الجماعة الاولي،
وانتدب لذلك افرادا من شرطة النظام العام،
يأتون للناس ف"يطقطقون" أصابعهم لهم ليغادروا،
يبدأون بالمستلقين ثم الجالسين،
بعد ذلك يطوفون حتي علي الممسكين بمصاحفهم يتلون القرآن،
" يالله يا جماعة" "يالله يا شيخنا" "خلاص يا اخوانّا"!!
منظر "كشّة" الناس من المسجد منظر سخيف ومستفز،
كدت ان اثور في وجه الناس:
"لماذا تستسلمون للخروج؟ هذا بيت الله، وليس بيت أحد،
ولكني خفت ان تقع فتنة، فلم افعل،
كنت فعلا استغرب "مسكنة" اولئك الناس،
ولكن بعد عدة ايام تمنيت لو انني كنت من زمرتهم،
فانا لم اخرج كما خرجوا بل ثرت بمفردي،
كان يوم جمعة بعد صلاة العصر،
اردت فقط ان اكمل قراءة سورة الكهف،
كنت قد بدأت السورة قبل خطبة الجمعة،
فالمسالة كلها ربع او ثلث ساعة ليس اكثر،
"ضربت طناش" لكل "الطقطقات"،
اخرجوا الجميع وبقيت انا لوحدي،
جاءني اثنان وشرحا لي ان هذا عملهم،
وهم فقط "عباد المأمور"،
قلت لهم لديّ ورد لن اخرج قبل اكماله،
اقتنعوا بكلامي ولكنهم صعّبوا علي الأمر،
اقفلوا كل الانوار والمراوح والنوافذ،
صار المسجد شبه ظلام،
لكن تمكنت من القراءة،
فالسورة كنت قد قرأتها كثيرا حتي كدت احفظها،
عندما اكملت تحيّرت في أمر الخروج،
طفت علي الابواب والنوافذ لعلي اجد منفذا،
وجدت نافذة بها ضلفة واحدة مفتوحة،
ولم يكن بها درابزين،
كان من الممكن ان انتظر حتي المغرب،
ولكن المواصلات صعبة بعد المغرب،
برغم الثقل وكبر السن تمكنت من القفز الي الخارج،
لو رآني أحد لظن اني لص.
المهم اخشي انني قد دخلني بعض الغرور،
شعرت بزهو انني انتصرت لدين الله!
وانني –اعوذ بالله- افضل من اولئك المساكين،
الذين يُطردون من المسجد فيخرجون بكل سهولة،
بعد يومين حصل حدث هزّ كل سكان امدرمان،
كنت في ذلك الوقت اسكن احد احياء امدرمان القديمة،
جاءنا بعض اقاربنا مفزوعين، ادخلوا عربتهم بسرعة ودخلوا،
كانت تلك عملية "الذراع الطويل"
حدث كثير من "الزعزعة" و "الجهجهة" لسكان امدرمان،
تذكرت مباشرة "زعزعة" و "جهجهة" مرتادي مسجد سوق امدرمان الكبير،
لقد اهّلوا المسجد فطردوا منه الاف الغبش والمساكين،
وذلك حتي يليق بالاثرياء الطريرين،
الذين ربما مرّ احدهم بشارع الدكاترة اثناء اقامة الصلاة،
لا تستهينوا بأولئك الغبش المساكين،
فهم "أهل الله" الذين تُؤمّن بهم الأمصار.
فقد جاء في مسند البزار عن انس (رض): قال (ص):
(رب أشعث أغبر لا يُؤبه له لو أقسم على الله لأبرّه)

ورد في مصنف ابن أبي شيبة:
أن سعيد بن المسيب سُئل عن النوم في المسجد
فقال: أين كان أهل الصفة، يعني ينامون فيه
و"الصفة" هي مكان مقتطع من المسجد
كان يأوي إليه الغرباء والفقراء من الصحابة رضي الله عنهم ويبيتون فيه
وكانوا يقلون ويكثرون ويسمون "أصحاب الصفة".

نري ان هناك سوء فهم كبير للدين حدث في العقود الاخيرة،
وكان هناك خطابا دينيا شابه الكثير من المفاهيم المغلوطة،
ولذلك تتداعي الآن بعض المؤسسات الدينية،
من اجل مراجعة الخطاب الديني وكل تراثنا الاسلامي،
فما يصيبنا من فتن ومصائب هي رسائل إلهية ينبغي التأمل فيها مليا،
حتي لا نكون كالذين يقول الله فيهم:
(أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ
مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) [التوبة:
126]
ونواصل