الدم يحن للدم,, بقلم إسماعيل عبد الله

الدم يحن للدم,, بقلم إسماعيل عبد الله


06-02-2020, 00:40 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1591054818&rn=1


Post: #1
Title: الدم يحن للدم,, بقلم إسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 06-02-2020, 00:40 AM
Parent: #0

00:40 AM June, 01 2020

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر





يبدو أنه وبعد مرور عام على اعتقال رموز الحزب البائد، قد بدأ شعار الثورة يتحول من (الدم
قصاد الدم) إلى (الدم يحن للدم)، بتداول المواقع الالكترونية الموثوق بها خبر الافراج عن قياديين من أتباع النظام البائد بحجة تدهور حالتيهما الصحيتين المترديتين، ومن البديهي أن كل سجون العالم توفر العلاج والتداوي للسجين باعتباره حق أساسي، لذلك لا يوجد مسوغ قانوني
يسمح لمتهم بأكل الأموال العامة واستغلال النفوذ بالخروج من محبسه، إلا بعد تقديمه لمحاكمة عادلة يطلب فيها كل ما يريد من محام (شاطر) و أوراق تثبت براءته.

ألثورة الأبريلية الأولى التي اقتلعت نظام الدكتاتور النميري أعقبتها إنبطاحة كبرى سميت (عفا
الله عما سلف)، شبيهة بمصطلحات الإنقاذ المنكسرة من شاكلة (الهبوط الناعم) و (لجنة أديب) المشككة في الفيديوهات التي صورت العنف المفرط تجاه المعتصمين، فالتصريح الذي أدلى به أديب جعل الفأر يلعب في عب الثوار وأسر الشهداء، فليس من الإجراءات القانونية أن يصرح القاضي
اوالنائب العام أوالقانوني المسؤول عن لجنة قانونية منبثقة من سلطة ثورية، أن يدلي بتصريح مثل ما أدلى به الأستاذ نبيل، بل ما من هيبة القانون ان يكون الممثل للعدالة خاضعاً لمناورات الصحفيين والإعلاميين.

ألتقاطعات الاجتماعية بين رموز الحزب البائد ومكونات الحكومة الإنتقالية، لعبت وسوف تلعب
الدور الأكبر في تجريد ثورة الشباب من محتواها، أقول ثورة الشباب لأنها انطلقت من قلوب الشباب الواعد الشجاع الراكب رأس والرافض لمنظومة حكم الجنرال الراقص، في الأيام الماضية تحدثت مجالس المدينة عن عودة (قوش) سراً إلى الخرطوم لترتيب بعض الأوراق، إن صدقت هذه الرواية
أو لم تصدق فإنّ الأحداث والتوترات في الحدود بين السودان وأثيوبيا، لابد وأن يكون الضالع فيها شخص له علاقة حميمة مع جهاز مخابرات المنظومة البائدة.

إذا أردت أن تعلم الثمن الباهظ لتحقيق فضيلة العدل أنظر إلى منهاج رسولنا الكريم في إجازة
مشروع تعدد الزوجات، ووضعه لهذا المبدأ الأخلاقي كشرط أساس لا تنازل عنه، وواجب على من يريد الزواج بالثانية، أنظر إلى حساسية هذه القيمة الاخلاقية الكبيرة ومدى أثرها في إعمار البيوت أو تخريبها، من منا يستطيع أن يفدي الوطن بفلذة كبده؟ جميعنا يتمتع بفصاحة اللسان
وبلاغة البيان وحسن القول وهو في البر الآمن، وكما يقول المثل:(الفي البر عوّام)، فالقليل والقليلات من الأمهات هن من وافقن ابنائهن الرأي لكي يتقدموا الصفوف، وهؤلاء من أمثال أمهات عبد العظيم وكشة ومحجوب، أما الكثيرات فأنانيات لم ولن يعترفن بأن الوطن يستأهل (الجنا).

ألسودان كدولة حديثة لم يتخلق بعد لأن المسيطر على مصيره هو الأسرة والقبيلة والجهة والطائفة
والنخبة المتعلمة والمثقفة، فبعد أن اجتمع الشباب السوداني على كلمة سواء دون تفرقة جاءت الأحزاب و مارست عليه ذات الممارسات الكيزانية البغيضة، وأنا أعجب لمن يمكّن ولده للوظيفة العامة وفي نفس الوقت يصب جام غضبه على تمكين الكيزان، ما الفرق بين تمكين وتمكين؟، لا
يوجد فارق مادام الذي يمارس العمل السياسي شخص سوداني، فنحن السودانيون في الخرطوم وبورتسودان ونيالا وحلفا لا نتعاطى العمل السياسي إلا عبر خلفياتنا الجغرافية.

واحدة من إشكاليات أزمات أنظمة الحكم في بلادنا، أنها لم تخلع الجلباب القبلي والنخبوي طيلة
سنوات حيوات الحكومات التي مرت على تاريخ الدولة الحديثة، فالأزهري كان نخبوياً من الطراز الفريد وعبود كذلك، أما النميري فهو قبلي مدائني (أم درماني)، فالقبيلة احياناً تأخذ شكل عصبية الانتماء للمدينة أوالحي السكني، وليست بالضرورة أن تكون بالمفهوم الجاهلي للحرب
الطاحنة التي اندلعت بين قبيلتين متنافستين على رهان فرسين هما داحس والغبراء، فكل حكام السودان لم يأتوا من منطلق رؤية وطنية شاملة لها عقل باطن يحدث الرئيس والمرؤوس، بأن السودان هو تلك المساحة الجغرافية الممتدة من الجنينة لبورتسودان ومن حلفا إلى كادقلي.

ألكثيرون مندهشون لتأخر محاسبة ومحاكمة رؤوس النظام البائد، على الرغم من مرور عام كامل على
بقائهم في السجون، حتى الزكاة إذا مر عليها الحول تكون واجبة النفاذ و يؤثم من لا يعطيها، فما بالنا بأناس جريمتهم واضحة كوضوح الشمس وبائنة بينونة كبرى، كمن يقول:(في يوم واحد أعدمنا ثمانية وعشرين ضابطاً), لكنها لا تجد حظها من العزم والحزم والحسم، إنّها رابطة الدم
التي حوّلت الخلافة الراشدة إلى ملك عضود من بعد انقضاء عهد الخلفاء الراشدين.


إسماعيل عبد الله

[email protected]