التعامل مع الكورونا كالتعامل مع الموت بقلم د.أمل الكردفاني

التعامل مع الكورونا كالتعامل مع الموت بقلم د.أمل الكردفاني


05-24-2020, 06:21 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1590340906&rn=0


Post: #1
Title: التعامل مع الكورونا كالتعامل مع الموت بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 05-24-2020, 06:21 PM

06:21 PM May, 24 2020

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




البارحة، تخيرت آخر صفوف دفع ثمن المشتريات، المكان مزدحم بالمئات، وماكينات الدفع الالكتروني تعطب.
أغلب المزدحمين يرتدون كمامات. ولكن من الواضح أنهم غير مكترثين للمسألة برمتها.
إنهم يتعاملون مع الكورونا كما يتعاملون مع الموت..
فنحن نعلم تماماً بأننا سنموت يوماً ما، الآن أو غداً، فالمسألة حتمية. لكن التفكير فيها ليس حتمياً، وأقصد التفكير فيها بعمق، وأقصد بعمق، أن ننظر لأنفسنا كموتى مستقبليين. فنحن نشاهد أفلام الزومبي، الذين ينسلون من قبورهم، ليعضوا من لم يموتوا بعد، وندافع (بشكل نفسي) عن هروب بطلة الفيلم من الزومبي. وربما لو قدر لنا أن نمتلك وعيا وقلباً مناسبين بعد الموت فسوف ندافع عن الزومبي..
لا أريد ان اموت، لا يقولها الأحياء لكنهم يمارسونها بتصرفات ضمنية، كعدم قفزهم من الطابق العاشر لاختصار زمن الوصول للأرض. وهم ايضا يحاولون القيادة بحرص وعدم تهور عندما يرون شاحنة ضخمة تتجه نحو سيارتهم، وعموما، فالموت وإن كان حاضراً ولكنه يخضع للتجاهل من الانغماس فيه كحقيقة وكحتمية. مع ذلك فحتى أكثر الناس إيمانا بوجود بعث، نجده حريصاً على عدم الموت، ربما ذلك شك -ولو قليل- ولكن الأقل شكاً يستطيعون تفجير أنفسهم بسعادة تحت رعاية الإيمان الديني. وهكذا لا يمثل الدين حضوراً قوياً كخلاص، بل على العكس، هو يمثل علاجاً لما بعد الموت. أي بعد التعامل مع الموت كحتمية.
لكن عموماً لا ينشغل الناس مع الموت شغلاً كاملاً، فحتى في بيوت العزاء، وبعد ساعات من دفن الميت، ستعود الابتسامات بشكل اعتيادي لجميع المعزين الأحياء.
لقد كانت هذه هي النقطة الجوهرية في تفاعل الناس مع الاعلام الموجه بخصوص كورونا.
إذا كان من خطأ قد وقع فيه الإعلام؛ فهو التعامل مع الكورونا كفيروس قاتل. وهكذا تساوى مع كل الأسباب الأخرى للموت.
على العكس من ذلك؛ كان التعامل مع الإيدز ليس كمرض قاتل فقط، وإنما كمرض مفضي للعذاب الطويل (فقدان المناعة وبالتالي الإصابة بكل الأمراض مع طول فترة المعاناة).
ربما لن يخشى الناس الكورونا بمثل خشيتهم من الفشل الكلوي والسرطان. فرحلة العذاب في هذين المرضين طويلة.
وبحسب حديث وزير الصحة، فهناك ثلاث مراحلة للكورونا، أولاهن اخذ البندول، وثانيتهن التنفس الصناعي وثالثتهن الموت.
تبدو المسألة واضحة وبسيطة. وهكذا فقدت الكورونا قيمتها الإفزاعية إلى الحد الذي تناول فيه الناس حديث الوزير كنكتة.
وأعتقد أن هذه النقطة غابت عن الإعلام الغربي أيضاً.
أحد المصريين، قام بعمل فيديو لنفسه وهو يتألم تحت المرض، ثم قيل بأنه مات. كان واضحاً، أن الناس اعتبروه تمثيلية، وكان أيضا من الواضح أنها بالفعل تمثيلية. ولكنها تمثيلية تغير منهج الإخراج الدعائي للكورونا. ولذلك فمن المتوقع أن تتغير الدعاية لتتجه ليس نحو التخويف بالموت بل بالعذاب أثناء فترة المرض. وهي الاستراتيجية الوحيدة التي قد تبث الرعب في قلوب الناس. فلا أحد يهتم بالموت بما هو موت، بقدر اهتمامه بالموت الذي لا يسبقه عذاب جسدي أي انه يهتم بالحياة قبل الموت.
إن المصاب بالسكر، قد يأكل السكر ويشربه، حتى يرى مريضا تعرض لتقطيع أصابع أقدامه.. إذا؛ فهو لا ينظر لما يُميت مباشرة بشيء من الجدية، بل ينظر للحالة الحيوية له قبل الموت. ويمكن أن يكون ما حدث درساً لإعلاميي المستقبل.

مرسل من Outlook Mobile