جريمة بحق ذي النون,, بقلم إسماعيل عبد الله

جريمة بحق ذي النون,, بقلم إسماعيل عبد الله


05-16-2020, 10:33 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1589664811&rn=0


Post: #1
Title: جريمة بحق ذي النون,, بقلم إسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 05-16-2020, 10:33 PM

10:33 PM May, 16 2020

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر





بعيداً عن الصراع الأزلي بين الكيزان وأتباع ماركس، يعتبر الأعتداء البدني تجاه هذا الناشط
السياسي الذي أثير حوله جدلاً وغباراً كثيفاً، جريمةً جنائية مكتملة الأركان سوف يكسبها وهو المحامي الضليع بشئون القانون، فالمبررات التي ساقها بعض ممن تعاطفوا مع مرتكبي هذه الجريمة البربرية ليست مقنعة، تلك المبررات التي جاءت في شاكلة أن المعتدى عليه خالف قوانين
الحظر الكروني وكسرها وحمل بعض المساعدات الطبية الوقائية إلى سنار, دون إذن من وزارة الصحة، فعندما خرج تجارسوق ليبيا وذبائنهم كاسرين لطوق قانون الحظر الصحي، لم يواجهوا بالضرب المتشفي من قبل مواطنين مثلهم لا يمتازون عنهم بأي استحقاق قانوني أوسياسي.

قبل بضعة أيام تمت تصفية أسرة كاملة مكملة لقائد عسكري سوداني يأتمر تحت قيادته أكثر من عشرة
آلآف جندي، لكن لم ينتقم هذا القائد العظيم من المشتبه في قيامهم بفعلتهم النكراء تلك, ولم يصدر التعليمات للممسكين بزناد تلك الأسلحة الفتاكة، وإنما امتثل صابراً محتسباً لتوجيهات قائده الأعلى دون أن يوجه فوهة مدفعه أو يصوبها نحو المشكوك في أمرهم، ورضخ للسير في
طريق القانون واتباع درب النيابات والمحاكم ليقتص لنفسه ممن فجعوه بإبادة ذريته، إنّه درسٌ بليغ في الأخلاق لمن يريد أن يتعلم معاني الوطنية و التفاني والإيثار، فهل يصبر أو يصطبر أفراد لجان مقاومة مدينة سنار لو أن أحداً منهم أستهدف في أسرته الصغيرة؟.

ذو النون كمواطن سوداني له حق دستوري يكفل له التعبير عن رأيه, بصرف النظر عن خلفيته السياسية,
إسلامي كان أم شيوعياً, ومن يمتلك دليل إدانة قاطع يثبت أن ذي النون قد أكل مالاً عاماً أو هتك عرضاً بالإكراه لإحدى زميلاته الناشطات اللائي احتككن به, فاليقدمه, لكن أن يستهدف لمجرد أنه انتقد حمدوك أو تعرض لأيٍ كائن كان من رموز حكومة (قحت) الغير منزلة من السماء,
فهذا لا يتوافق ولا يتسق مع مباديء دولة القانون وشعار (حرية, سلام وعدالة), إذا سكتت الحكومة الانتقالية على هذه الجريمة فهذا يعني أنها باركت المشاهد الموثقة للضرب والتنكيل الذي حل بالمعتصمين أمام بوابة قيادة الجيش, تلك المناسبة الحزينة المبكية التي تمر علينا
ذكراها المؤلمة هذه الأيام.

ألسكوت عن ملاحقة الضالعين في الإعتداء البدني و الوحشي على ذي النون, سوف يخصم من الرصيد
الكبير الذي حظيت به أسر شهداء ومفقودي القيادة العامة, لإن إقرار واعتماد مبدأ الأعتداء الجسدي على شخص لم يستخدم غير رأيه ولم يعتمد إلا على لسانه في التعبير عما يجيش في قلبه, يعني حقيقة واحدة, هي أن الألسن الأخرى التي تصدت له قد فارقها منطق الحوار و فقدت حجة
البرهان, لماذا لا يواجهون هذا الفتى الشجاع بنفس منطقه؟, لماذا يجندون له السذج والبسطاء؟, الذين سوف يتبرأ منهم من وظفهم متى ما تحركت ساحات القضاء واشتغلت محاضر المحاكم بالاجراءات القانونية؟, حينها سوف ينكرون انتماء لجان المقاومة لهم, لقد كان الكيزان يستخدمون
ذات الطريقة ولكن بأسلوب أكثر ذكاءً وأمضى دهاءً, وذلك لأنهم كانوا لا يتركون أثراً ولا ينسون خيطاً رفيعاً يدينهم, أما هؤلاء فقد تركوا أثراً واضحاً و بيناً مصوراً وموثقاً للوجوه والشخوص والاعترافات الصريحة للمعتدين بأنهم (لجان مقاومة سنار).

هنالك رسالة عميقة من وراء حادثة ذي النون, هي أن الميديا الاجتماعية كشفت زيف دعاة الحريات,
و أولئك الذين يقولون الحرية لنا ولسوانا, كيف تضمن الحرية لغيرك من المختلفين معك في الرأي, و أنت تمارس البلطجة خارج إطار القانون؟, كان من الطبيعي أن تتخذ إجراءاتك القانونية التي تعتقد أنها سوف تنال ممن هو متجاوز في حقك ومعتدٍ عليك، لكن بدا لكل ذي بصيرة أن الفتى
النوني ما هو إلا قانوني حصيف, لذلك فضح بربريتهم التي كانوا يلصقونها بأعدائهم.

من المستفيد من تحول لجان المقاومة إلى لجان بلطجة؟, إنها الدولة العميقة, وإن أردت إفصاحاً
أكثراً فقل إنّهم (الكيزان) ذات أنفسهم, كيف استطاعوا تأجيل وتأخير المحاكمات الواجبة والمستحقة على كبارهم (البشير، علي، نافع، عبد الرحيم)؟, و لماذ الاسترجال الزائف بحق المسكين ذي النون؟، لماذ لا تقوم لجان المقاومة بضرب محمد نافع الذي كان يشير بسبابته في وجه
النائب العام مهدداً ومتوعداً؟، هل لأن ذي النون ليس لديه الظهير والظهر الذي يتكيء عليه؟, لذلك ضُرب على (قفاه) كما يقول المصريون, إنّ هذه اللجان المقاومة إذا كانت تتمتع بالشجاعة والرجولة الكافية لاقتحمت بيوت كل من جمال الوالي وبكري والبرير, لكنها لا تسطيع و
لا تملك الجرأة للقيام بذلك, لأن جمال خال سلك, و بكري خال الرشيد, و البرير نسيب المهدي, هذه هي الحقيقة المرّة المجردة وعلى بلاطة.

و الحقيقة الأخرى الغائبة عن سنار ومدني والخرطوم, هي أن الناس في دارفور يمجدون الدتور الشهيد
خليل أبراهيم و المهندس داؤود يحي بولاد ولا يحترمون الصادق المهدي, وأن مواطني كادقلي عقدوا عزمهم على الحلو, وأن سكان الأنقسنا لا يرضون بغير عقار, وأن ذي النون ليست لديه عداوة مع كادقلي ولا الكرمك ولا نيالا انطلاقاً من خلفيته السياسية والفكرية, وذلك لسبب واحد
هو أن هذه الأوهام والعقد و الصراعات الأيدلوجية و الدينية المركزية, قد تجاوزها سكان الأقاليم البعيدة منذ زمان بعيد, و(سكان الأقاليم) هؤلاء هم الذين سيرسمون خارطة طريق السودان الجديد.

نصيحة لكل مواطنة ولكل مواطن سوداني, إذا قررتي أو قررت أن تتبع أو تتبعي مبدأ العنف والضرب
و الركل والصفع, فسوف لن تسطيع أو تستطيعي إقناع القوات المشتركة القادمة من الجبال و السهول والغابات عبر اتفاقيات و برتوكولات السلام, من أن تكون متسامحة مع الجميع, أللهم إنِّي قد بلغت ألّهم فاشهد.

نعم لدولة القانون .. لا للبلطجة ... ولا لأخذ الحقوق (زندية).


إسماعيل عبد الله

[email protected]