أبا والشيوعيون 1970: الجنرال يلقى يوم الروع جبانا بقلم عبد الله علي إبراهيم

أبا والشيوعيون 1970: الجنرال يلقى يوم الروع جبانا بقلم عبد الله علي إبراهيم


05-13-2020, 05:37 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1589344646&rn=1


Post: #1
Title: أبا والشيوعيون 1970: الجنرال يلقى يوم الروع جبانا بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 05-13-2020, 05:37 AM
Parent: #0

05:37 AM May, 12 2020

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر




قال الشيخ الإسلامي المخضرم أحمد عبد الرحمن إنه حصل لنميري "استفزاز شديد" من التظاهرات العدائية التي واجهه بها الأنصار على طول رحلته على النيل الأبيض. وهذا حق. ولكن الحق الأنصع أنه كان مرعوباً أكثر منه مستفزاً. ومصدر رعبه كان ارتجال المعركة العسكرية التي قادها ضد تجمع المعارضة في أبأ فمنيت بخبط وهزائم أخرجت "ال####################" فيه حسب قول لمنصور خالد عنه ورد في كتابه “السودان والنفق المظلم: قصة الفساد والاستبداد" (1985).

فالقوة التي قادها أبو الدهب وعثمان أمين لاعتقال الإمام الهادي المهدي تربص بها الأنصار على الجاسر، القنطرة بين شرق النيل الأبيض وجزيرة أبا، فعطلوها حركتها بالكلية وجعلوا منها "بطة جالسة" كما في قول الإنجليزية. كما أرسلت القيادة العمة للجيش الطيارين الخطأ ليلة 27 مارس وهو اليوم الذي عاد فيه نميري للخرطوم بعد أن قطع رحلته على النيل الأبيض عند كوستي مكرهاً. وسنرى كيف أمر محمد ميرغني، قائد السرب بالطيران، الطيارين أن يعودوا أدراجهم لأنهم غير مدربين على الهجوم الليلي. ثم توالت الهزائم في يوم 28 مارس. فاكتسح الأنصار موقعاً متقدماً للجيش في الجزيرة واضطروه للتراجع غير المنتظم. وبلغ إهانة قوة المعارضة التي جندها الأنصار بالجيش مبلغاً نزعت به أزبلايط الرتبة من سترة أبو الدهب قائد حملة أبأ بعد اصطياد قوته على الجاسر. وتأذى نميري من دخوله عليه ليلاً في كوستي وقد تمزقت أزبلايطه وتجرد من رتبته وجاهه الحكومي فقال له موبخاً: ما كنت تغير هدومك قبل ما تجي. وسنرى آيات ذعر نميري حين نعرض للقائه بالوزير مرتضى أحمد إبراهيم في القيادة في الخرطوم.

الشجاعة في معنى رباطة الجأش في الوقت العصيب ليست خصلة في نميري. وكان هذا النقص المريع في ضابط بالقوات المسلحة موضوع دراسة منصور خالد في كتابه المذكور سابقاً. فعدّد عيوب شخصيته الخلقية حتى جعل منها علماً سماه هو "النميرولوجي" أي علم عاهات الرجل النفسية وطبقاتها. فنميري غليظ حتى وصفه منصور ب"الفتوة". فمن طبائع نميري أن يرى الأشياء بصورة شخصية، فالناس أعداء أو أصدقاء، برانيين أو جوانيين، لأنه لا يرى سوى الألوان الأساسية. فالخلاف معه عداوة وتحدي، والعمل المنظم مؤامرة من وزرائه، ونقد السياسات التي يتبناها، ولو بان عوجها، هي هجوم على شخصه وتمرد على سلطته. ومن رأي منصور أن أكثر استبداد نميري عاهة خلقية. وبلغت عاهات خلق الرجل من وجوه السوء والتعقيد مبلغاً وصفها بطبقات متحالفة تراكبت منها شخصية نميري. والمختصون في هذا العلم، في قول منصور، لا يخضعون قرارات نميري لتحليل عقلي فكلها معاذير وثارات شخصية. فنميرى يعبر عن غضبه بصورة مشاهدة وهذه علامة من علائم سماجة الخلق .

وضرب منصور مثلاً لجبن نميري بهروبه إلى منزل صيق له فراراً من قيادة حكومته ضد انقلاب المرحوم حسن حسين في 1975. فبلغ نميري خبر انقلاب 1975 وهو في بيته. ويتوقع المرء، والبلد منقلبة، أن يسارع الرئيس إلى القيادة العامة، أو القصر الجمهوري، أو أي منشأة عسكرية ليتربص بالانقلاب ويحطمه. ولم يقم نميري بأي شيء من ذلك. بل طلب من ياوره حسين صالح أن يهرع به وزوجه بعربته الفولكواجسن إلى بيت صديقه محمد بابتوت بضاحية الجريف. وهو نفس النميري الذي استنكر على الإمام الهادي المهدي في 1970 “الهرب" من الجزيرة أبا وترك أنصاره لمصائرهم. وها هو نميري يترك "أباه" إلى بيت صديق ليستعيد الجنرالات وأعضاء مجلس الانقلاب له حكمه.

تنصل نميري في 1975 عن واجبه الدستوري في الدفاع عن أمن الوطن الذي أقسم على صونه. فرمى بسلطاته الدستورية لغيره وهو الذي ما فتح فمه إلا استعرض السلطات التي منحها له الدستور (ويخطئ في قراءاته له في قول منصور). لقد تباهى في كل سانحه بتلك السلطات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والإدارية. ولكنه متى طرأ طارئ ممارسته لهذه السلطات في الحقل الذي من المفروض أنه أحسن الماما به، الجيش، لوى ذيله وترك الأمر بيد غيره. ونراه يتنصل عن سلطاته حين مست الحاجة لقيادته. وذكّرنا منصور بلين ركب نميري خلال انقلاب 19 يوليو 1971. وقال إننا لو قلنا إن جبنه في مواجهة انقلاب 1971 كان خارجاً عن العادة فجبنه في مواجهة انقلاب 1975 عار عظيم. وكان مثلاً لما سيأتي في مقبل الأيام.
وخرج نميري في مارس 1970 ليقاتل الأنصار مروعاً. خرج ليقاتل أهله الأنصار وجيرته في ود نوباوي وهو مروع. فلم تأخذه شفقة بهم لأنه من يلقى يوم الروع جباناً قاتلاً بلا أعراف.

صورة للمرحوم المقدم حسن حسين الذي قاد انقلاباً ضد نميري في 1975


المقدم حسن حسين.jpg