الحَفْرُ,, بقلم إسماعيل عبد الله

الحَفْرُ,, بقلم إسماعيل عبد الله


05-11-2020, 11:54 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1589237653&rn=0


Post: #1
Title: الحَفْرُ,, بقلم إسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 05-11-2020, 11:54 PM

11:54 PM May, 11 2020

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر





ألحَفرُ سلوكٌ تآمري إجتماعي وسياسي سوداني, أسست له أنظمة الحكم السابقة والسالفة بدون فرز,
و سارت على دربه ركبان منظومة الحكم الاسلاموي الانقاذي البغيض, بل وأبدعت هذه المنظومة الكيزانية وتفننت في طرائق إخراجه وتقديمه للحيارى والسذج المساكين, من جموع جماهير الشعوب السودانية في ثوب قشيب وزيٍ أنيق, فالحفر عمل شيطاني خبيث يستقصد تدمير كل ما/من هو ناجح,
واغتيال كل من أظهر تفوقاً في مجال تخصصه أو أثبت تفرداً في ميدان معرفته, وهذه الثقافة السلوكية المنحرفة هي التي أسهمت بقدر كبير في تشريد الكفاءات الوطنية وطردت المهنيين من أرض الوطن, إبان استحواذ حزب الجبهة الاسلامية القومية على مقاليد الأمور ومفاتيح السلطة
في البلاد.

وللأسف أن ذات السلوك السالب لم يتم تجاوزه حتى بعد اندلاع ثورة ديسمبر, فحتى يومنا هذا ظل
هذا الحفر يحفر عميقاً ويقدح في منجزات رموزنا الوطنية, التي أسهمت بقدر فاعل في خروج البلاد من جلباب إرهاب سطوة نظام الدكتاتور, وقدمت البيان العملي في حل أزمة لقمة العيش, لكن مما يؤسف له أن بعض الجماعات المعارضة والجهات الحاكمة, نشطت في شغل الناس عن منجزات ونجاحات
هذه الشخصيات الوطنية التي لا تريد من أحدٍ جزاءًا ولا شكورا, بل همها الأول والأخير هو خدمة هذا الوطن الجريح, لكنها صدمت في النفوس البشرية التي جُبلت على كرهها حب الخير إلا لنفسها, ولهذا السبب نزلت كل الرسالات السماوية على الرسل والأنبياء منبهة إلى ضرورة محاربة
شرور النفس من أنانية ونرجسية وحب للذات ودعوات نخبوية وصفوية.

سوداننا العزيز و وطننا الحبيب لن يشفى من علل أمراضه إلا بعد أن نطبق حديث النبي الأمي,
الذي هو مدينة العلم التي كان يمسك بمفتاح بابها ابن عمه (الكرار) سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه, حينما قال (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه), فبلادنا الحبيبة أصيبت باللعنة لأننا لم نستجب لقول ملهمها و قائد ركبها الحبيب المصطفى, فتهنا في زحام هوى
النفس و اتبعنا شهواتها الأمارة بالسوء وتجاهلنا أقوال المدينة الذاخرة بالعلم والعلوم, و لم نتجرأ حتى على الوقوف أمام أمين وسر باب تلك المدينة الفاضلة (علي) الذي كان ممسكاً بمفتاح الحل, ولم نتفرغ للإستماع إلى ما قاله من أقوال مأثورة في مجابهة ومواجهة عسف الطغيان
والوقوف ضد الظلم والظالم.

ثقافة الحفر اللعينة هذه استعانت بكل المحرمات تحت ذريعة الشريعة الاسلامية السمحاء, معتمدةً
على نقيض ذلك الشرع الحنيف تماماً من منهاج منحرف وتشاريع مبتدعة, سارت على دربها كل شعوب وقبائل السودان وهي جاهلة غافلة, فأسهمت هذه الثقافة المارقة في تفشي الغيبة والنميمة والتجسس والتحسس والتخابر, وجميع الصفات الماكرة التي نهى عنها رسولنا الكريم, بل وتوعد من
يتبعها بالويل والثبور في آيات بيّنات وأحاديث واثقات وموثوقات, فعلينا جميعاً كمسلمين ومسيحيين وكجور أن نستهجن القتل وسفك الدماء الإنسانية والطاهرة في إقليمي دارفور و شرق السودان.

مر علينا يوم أمس الموافق العاشر من مايو المؤرخ لذكرى عملية الذراع الطويلة التي نفذتها
قوات الشهيد الدكتور خليل إبراهيم, ويا سبحان الله, ويا لدهشة توافق مرور هذه الذكرى السنوية لتلك الملحمة والانتفاضة الثورية, مع أحداث وصراعات قبائل إقليمي دارفور وشرق السودان, وما كان لهذه العملية ذات الذراع الطويلة أن تتم لولا الغبينة (البايتة), التي ما زال
يستشعرها أهالي أطراف البلاد البعيدة تجاه أفندية الخرطوم الذين لا يحركهم موت بعير في دارفور, ولا يحزنهم نفوق ناقة جرباء بضواحي مدينة كسلا, إلا إذا كانت هذه الناقة وذلك البعير تعود ملكيتهما لواحد من سكان جغرافيا مركز القرار السياسي والاقتصادي, فهلا استجمعنا
قوانا نحن السودانيون وتراضينا على ميثاق شرف وطني صادق وأمين تسع مواعينه الجميع؟!.

سياسة الحفر والحافر والمحفور له لم ولن تبني وطناً يسعد به الجميع, أويحتفي بالعيش تحت مظلة
سقفه كل الناس, تلك المظلة وذلك السقف الذي لا يفرق بين المواطنين على أساس العرق والجهة واللون والثقافة والدين, فمهما حاول الحاكمون في قصر غردون وراهنوا على استمرارهم في الإمساك بمقاليد الحكم استغلالاً لصراعات الأطراف, لن يفوزوا بالجولة هذه المرة, وذلك لسبب
بسيط تغنّى وترنّم به رجلٌ غير مسلم ولكنه إنسان, عشقته الإنسانية جمعاء وتاهت في حبه جماهير وشعوب العالم قاطبة, بوب مارلي , (يمكنك أن تخدع بعض الناس لبعض الوقت, لكن من المستحيل أن تخدع كل الناس كل الوقت), فمن غرائب الصدف أن هذا الرجل الأسطورة الذي قدم لنا هذه
الكلمات الحكيمات والثائرات, قد توفاه الله في الحادي عشر من شهر مايو يوم كتابة هذه الأحرف, وهو ذات اليوم الذي أعقب وصول ذراع المقهورين الطويلة إلى عش الدبور.


إسماعيل عبد الله

[email protected]