الي متي مسلسل الاقتتال بين النوبة و البني عامر ؟ بقلم ايليا أرومي كوكو

الي متي مسلسل الاقتتال بين النوبة و البني عامر ؟ بقلم ايليا أرومي كوكو


05-10-2020, 04:01 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1589079699&rn=0


Post: #1
Title: الي متي مسلسل الاقتتال بين النوبة و البني عامر ؟ بقلم ايليا أرومي كوكو
Author: ايليا أرومي كوكو
Date: 05-10-2020, 04:01 AM

04:01 AM May, 09 2020

سودانيز اون لاين
ايليا أرومي كوكو-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





لا يبدو في الافق القريب نهاية لمسلسل الاقتتال بين قبيلتي البني عامر و النوبة في ولايات شرق السودان . و يبدو ان الاحتقان بين القبيلتين قد وصل أقصي مداه و هو قابل للأشتعال بمجرد تلاسن شخصين من القبيلتين في أي زمن و مكان . نعم فأن مجرد شجار عادي في أي مكان في السوق في الحي و الشارع في القضارف او خشم القربة و كسلا او حلفا و بورتسودان . سوا اكان ذاك الشجار عراك او مناقشة بين فرد من البني عامر و اخر من النوبة فهو سبب كاف لأشعال النيران في احياء الطرفين و من ثم تبادل أطلاق الرصاص الكثيف و احداث الاقتتال الدامي بين الطرفين .

حتي الان لم يتم حسم المشاكل بين القبلتين حسماً جذرياً من قبل الحكومات الولائية في شرق السودان و الحكومة المركزية في الخرطوم . فكلما حدث اقتتال اجتمعت الاطرف في الولاية المعنية ووفد الحكومة المركزية في مجالس الجودية او القلد ليتم الطبطبة علي المشكلة و تغطيتها بالعويش . و تغطية النيران بالعويش لا يغمضها بل يزيد من تأجيجها و تسارع انتقالها و انتشارها و هذا بالضبط ما يحدث في الصراع بين النوبة و البني عامر في شرق السودان . لا نستطيع القول بعدم حيادية السلطة و القانون لكننا نأكد علي عدم جديتها في الحسم بالصرامة المطلوبة . فالاسلحة النارية المنتشرة بكثافة في ايدي المواطنين لم يتم مصادرتها و منعها او مسألة حامليها قانونياً . و خطورة الامر في مشاكل شرق السودان انها تمتد الي ما وراء الحدود و لها تدخلات خارجية و اطراف اقليمية تقف مع طرف من اطراف الصراع و هذا ما يأزم الموقف و يوتره اكثر يوماً بعد اخر.

الصراعات بين النوبة و البني عامر ليست بصراعات وليد اليوم او الامس بل هو صراع تاريخي جزوره عميقة يعود الي ثمانمئات القرن الماضي . ففي العام 1986م علي ما اذكر اندلع صراع عنيف بين أثنيتي النوبة و البني لا اذكر اسبابه و لا عدد ضحاياه . لكنني لا ازال اذكر و احتفظ في مخيلتي بصورة و تداعيات ذاك الصراع العنيف جداً بين البني عامر و النوبة في بورتسودان. فقد قمت بزيارت الي بورتسودان عقب اندلاع الصراع لأشاهد ما خلفه العنف بين النوبة و البني عامر من حرائق شبه كامل لأحياء فلب و دارالنعيم . تلك الاحياء كانت احياء عشوائية دون تخطيط او شوارع منظمة و كانت تقطنها في غالبيتها القبيلتين وقتذاك . فمعظم البني عامر يسكنون في دارالنعيم و اغلب النوبة يسكنون في حي فلب و هذا لا يعني بوجود اعداد كبيرة من القبيلتين و القبائل الاخري في هذا الحي او ذلك . و احياء فلب و دار النعميم كانت احياء ناشئة و كلها مشيدة بالخشب و هي بالاحري تشبة ما يسمي باحياء الصفيح او الكرتون فما الذي يمكن ان يبقي في مثل هذه الاحياء عندما تشعلها نيران الفتن القبلية . انها لا تبقي و لا تذر و هذا ما رأيته بعينيي في فلب و دار النعيم علي مد البصر رماد و ركام و بقايا اعواد الخشب و زوايا الحديد متناثر هنا و هناك تحكي عظم الحدث . منظر تراجيدي حزين يدمع عين العدو و يحطم قلب الخصم .

و احداث القضارف و خشم القربة و اخيراً كسلا هي احداث متكررة نتائج لأحتقانات تاريخية بين القبيلتين . هذا الاحدث ستتواصل من و قت لأخر و أخشي انها ستتطور الي شبه حروب مدن في شوارع بورتسودان و القضارف و كسلا و حلفا و خشم القربة . انها تحتاج الي حلول جذرية قادرة علي اقتلاع الاحقاد و روح الكراهية و العنصرية في القبيلتين من جذورها . وهنا اشير الي كلمة العنصرية لان طابع هذه الاحداث باتت تشكل خطراً علي حياة الاثنيات الاخري حسب اللون و الجهوية . فلم يعد النوبة و البني عامر هم الوحيدين المتضررين من مثل هذه الاحداث فالسحنة و لون البشرة كاف لوضعك في مرمي خصم لا خصومة او عداوة لك معه .

الي متي سيرزح هذا السودان الوطن العزيز بلداً جاهلاً متخلفاً بأهلة يتقاتل مواطنية لأتفه الاسباب اليوم النوبة و البني عامر في كسلا . بالامس القريب الرزيقات و الفلاته في دارفور و قبله كثيرين كثيرين لا يمكن عدهم او حصرهم و كل جديد يصبح علينا بمشكلة قبلية جديدة .

نأمل ان تفعل حكومة الفترة الانتقالية القوانين و الاجهزة الشرطية لمواجهة هذه التفلتات القبلية بالحسم و الحزم و تفعيل الادارات الاهلية للعب دوراها الكامل في مثل هذا المشاكل . و لايمكن لهذا ان يكون ما لم يتم جمع كل الاسلحة من ايدي المواطنين و ايداعها في مخازن القوات المسلحة و الشرطة حتي تكون هي الجهة الوحيدة المصرح لها بحمل السلاح و التعامل معه .

فيا ولاة الامر أوقفوا الاحتقانات القبلية في مهدها و أطفوا شرارتها .