أقيلوا القراي,, بقلم إسماعيل عبد الله

أقيلوا القراي,, بقلم إسماعيل عبد الله


05-06-2020, 10:32 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1588800736&rn=0


Post: #1
Title: أقيلوا القراي,, بقلم إسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 05-06-2020, 10:32 PM

10:32 PM May, 06 2020

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر





لماذا اختارت قحت الدكتور عمر القراي لإدارة قسم المناهج بوزارة التربية والتعليم؟, ليس لدي
أدنى شك في مقدرات الرجل الأكاديمية ولكن, من الحصافة السياسية أن لا تتورط منظومة الانتقال في فتح باب واسع للجدل والدجل الديني, يجعل الكيزان وأتباعهم المهوسيين يستثمرونه في تجارتهم التي أوشكت على أن تبور بعد قيام قيامة بوابة القيادة العامة, لقد أصيب الوطن في
مقتل بعد أن تولى شئون حكمه حزب الجبهة الاسلامية, لقد كشفت تلك التجربة المريرة على أن أي حزب مهما علا شأنه, سيفشل في إدارة حكم البلاد إذا كانت منطلقاته دينية, أو سمه ما شئت. حزب أمة, إتحادي, جمهوري أو حزب تحرير.

الجمهوريون والكيزان بينهم ضغائن وتاريخ قديم من الحنق والبغض والحقد والكراهية, ما ذنب المجتمع
السوداني في أن يضحي من أجل صراعاتهما الأيدلوجية والدينية؟, ذات الدجل الديني والجدل السياسي الذي اشتعل اليوم بسبب تولي القراي رئاسة الجهاز المسؤول عن وضع المناهج التربوية, سوف يحدث, حتى لو أتينا بحامل رسالة للدكتوراه متخصصة في المناهج التربوية, من جماعة أنصار
سنة أو من الحزب الشيوعي أو من جماعة الأنصار لشغل ذات الوظيفة, فالشعب السوداني تولدت لديه قناعة راسخة واجتاحته فوبيا مرعبة, من جراء صفعات الممارسات الدينية المؤدلجة والشاذة التي تلقاها من نظام الجبهة الاسلامية البائد, فاصبح بدنه يقشعر من خطاب أي صاحب ايدلوجيا
دينية يشغل منصباً من شأنه التأثير, على بنته أو ولده التلميذ المبتديء في مراحله الدراسية الأولية والأساسية.

ألجريمة التي ارتكبتها (قحت) في حق الثورة السودانية, تتمظهر في نقل صراعات الماضي إلى دهاليز
كابينة مؤسسات الحكم الحالي, فمن أوقدوا جمرة الثورة ليسوا محصورين في الحزب الشيوعي ولا الجمهوري ولا جماعة أنصار سنة أو الختميين, والمواكب التي هدرت أصواتها من داخل البيوت كانت تداهمها عصابات مجرمي الجبهة الإسلامية, التي روعت ربات البيوت وأخافت الأطفال وقهرت
النساء اللائي ضُربن أمام أعين كاميرات الحدث, والكل كان شاهداً على ذلك, أين كان الجمهوري والشيوعي والناصري والختمي والأنصاري و البعثي؟ في يوم تلك الكريهة.

إنها ثورة عارمة عامة وحّدت الشعب الذي كره الحديث المستهلك حول الدين, ومل العبط العاطل
عن الموهبة الذي يتحدث كثيراً ويُنظّر وفيراً, عن الأشتراكية والمسيحية والعروبة والأفريقانية والإسلام, هذا الشعب الكريم ليس يمينياً ولا هو يسارياً, ولا توجد لديه مشكلة مع القرآن والانجيل والتوراة والكجور, إنه شعب متصالح مع ذاته ومتناغم مع معتقداته, وكما يقول
محترفو لعبة (الويست) ها أنتم اليوم يا (قحت) قد أقبلتم على الكيزان في (قبولهم), وما كان لهذا أن يحدث لو لا إصراركم العنيد على انتهاج نهج المحاصصة والسير في طريق ذكريات الماضي الأليم عندما اخترتم وزراء الحكومة الانتقالية, وكما يقول المثل (خموا وصروا).

ألجدل الدائر حول القراي ربما يقصم ظهر الحكومة الانتقالية لو لم يتم تداركه في الوقت المبكر,
ذلك لأن الشعب السوداني تغلب عليه الدروشة اكثر من التعقل, فقد تجد فرد عادي لا يصلي ولا يصوم لكنه ودون وعي منه يستطيع أن يرتكب الفظائع إذا قيل له أن فلاناً هذا قد قال :(بأن المسيحي واليهودي سيشاركوننا الجنة), هذا هو طبع الفرد السوداني البسيط ذكراً كان أم أنثى,
وما كان نجاح الكيزان في هذا الجانب ليتم لو لم يندغموا مع المتصوفة الذين يشكلون تدين غالب أهل السودان.

لم يتعظ الجمهوريون من مأساة إعدام الأستاذ محمود محمد طه, فعلى الرغم من انتشارهم في مشارق
الأرض ومغاربها بعد تلك الجريمة اللا إنسانية الظالمة, إلا أنهم ظلوا كما هم, لم يتطور فكرهم ولم يستوعبوا خصيصة الفرد السوداني صاحب الحساسية العالية تجاه أمر الدين, وليسألوا جماعة انصار السنة عن دواعي أسباب محدودية انتشارهم في المجتمعات السودانية المتمسكة بطرقها
الصوفية, فبرغم الامكانيات المالية الكبيرة التي تتمتع بها هذه الجماعة, والدعم المادي اللامحدود الذي تتلقاه من مركزها الكائن بمقر ارتكاز الحجر الأسود, إلا أن غالب أهل السودان ما يزالون يدينون بالولاء للطرق الصوفية, (التجانية والإسماعيلية والشاذلية والبرهانية
والقادرية والإدريسية والكثير من الأخريات المنتشرات في بقاع السودان).

فيا (قحت), يؤسفني أن أقول لكي أن الكيزان كانوا اكثر ذكاءً سياسياً منك, تداركي هذا الخطأ
قبل فوات الأوان فإنّي أرى طبولاً للحرب من جماعات الهوس الديني بدأت تدق وتضرب, وأرقب مؤامرة خبيثة تشبه تلك التي أخرجت الحزب الشيوعي السوداني من البرلمان قد بدأت تنسج خيوطها, أللهم إني قد بلغت, أللهم فاشهد.


إسماعيل عبد الله

[email protected]