Post: #1
Title: شعب فنجري بشكل بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 05-06-2020, 04:54 PM
04:54 PM May, 06 2020 سودانيز اون لاين عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA مكتبتى رابط مختصر
كنت أشاهد تلفزيون كسلا لمعلم (لم أقبض اسمه) يروي لإعلامية قصة حياته. فذكر أنه كان يسافر من كسلا إلى بلدة درديب ليتلقى العلم وهو ابن السابعة في مدرستها الأولية. قال كان والده يأخذه إلى القطر ويوصي به من حوله وينصرف. ويقوم هؤلاء الذين حوله بالأمر أحسن قيام. فيبقوا ساهرين الليل كله وهو في سابع نومة (كما قال) لكيلا تفوتهم محطة درديب. وما أن وصلوا المحطة حتى نزل فريق منهم وأخذوه إلى ناظر المحطة فيبيت عنده ليحمل شنطته صباحاً إلى المدرسة. وخلص الرجل إلى أننا شعب "فنجري".
تذكرت كلمة لابننا عبد الله ولد صديقنا الدكتور البخاري الجعلي في شعواء الثورة. قال إن علينا أن ننتهز سانحة الثورة ودروسها لنكتشف شعبنا. وأول الاكتشاف هو أن تكون لنا أدوات تعيننا على رحلة معرفة شعبنا. وتأتي اللغة في مقدمة هذه الأدوات. وصفوتنا البرجوازية الصغيرة خلو من اللغة التي يثمنون بها شعبهم. فالشعب عندهم "متخلف" و"بدائي" و"اتكالي" و"رعوي" و"بعيد بعيد لسه". وليس صفة البلد بأحسن حالاً: "حفرة". ولا يحسنون إلى شعبهم إلا في مثل مفاجأتهم بثورة مثل ثورة ديسمبر فيسمونه "المعلم". ثم ما اصطدمت الثورة بعوائق الثورة المضادة كما نرى هذه الأيام حتى عادوا إلى لغة السقم من الشعب المأخوذة من قاموس الحداثة الأوربية.
ولذا طربت لكلمة "فنجري" التي جاء بها معلم كسلا. إنها من مصطلح العامة عن الإحسان وسطهم. وهي بعض قاموسهم في هذا الباب. ولا أطيل لأعرض عليكم وجهاً من وجوه "فنجرتنا".
حكى الطيب حسن، النجار وأول سكرتير لهيئة شؤون العمال في 1946، في كتابه "مذكرات عن الحركة العمالية" عن اعتقال لجنة الهيئة بسجن الدامر عقب ممارسة نقابية ما في يوليو 1947. فتجمهر المساجين عند عنبرهم المغلق وشاركوهم في أكلهم وسجائرهم وسعوطهم. وقال رجل من البادية مسجون لسرقة جمل: "يا أولاد عمي أنا معلم الله ما عندي شيء أقدمه ليكم. ولكني مستعد أغني ليكم لا من تصبح الواطه". وفعلاً بدأ الإعرابي يدوبي حتى الثانية صباحاً.
أها البفتكر نحن ناس متخلفين خترو. نحن فناجرة يا زول!
المرحوم الطيب حسن الطيب أول سكرتير لهيئة شؤون العمال (نقابة عمال السكة حديد لاحقاً) في 1947
|
|