نحو عدالة جنائية تتفق والراهن الرقمي بقلم د.أمل الكردفاني

نحو عدالة جنائية تتفق والراهن الرقمي بقلم د.أمل الكردفاني


05-04-2020, 08:22 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1588620137&rn=1


Post: #1
Title: نحو عدالة جنائية تتفق والراهن الرقمي بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 05-04-2020, 08:22 PM
Parent: #0

08:22 PM May, 04 2020

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




سنتجه بسرعة نحو ولوج معقل الجريمة الرقمية، من ابتزاز، سرقة هوية رقمية، قرصنة وتدمير للأجهزة الخاصة والحكومية.
لا .. لم ندخلها بعد...لأن الحصار الأمريكي فرض علينا حرماناً غير منصف من التكنولوجيا، ومع ذلك، فالقليل الذي عاصرناه أصابنا بشراره.
مثل تهديد خصوصية الأفراد، كنشر صور البعض كانتقام منهم أو فضحهم، صور اباحية، وأفلام، وعنف لفظي، وتنمر وتحرش عبر الانترنت، كل هذا قطرة في محيط ما يحدث للعالم من حولنا. إننا لو تتبعنا الخارطة العالمية للغزو الفيروسي فقط، فسنجد السودان أقل الدول نسبة لضعف تعاملاته المالية الدولية ولفقر مواطنيه.
لكن لا يخفى أنه في الآونة الأخيرة قد ازداد العنف الرقمي في الدولة بشكل مؤذ جداً، مع عدم وجود حماية حقوقية واضحة. إذ يمكن ارسال رسائل باسمك لم تكتبها، أو تدبير صورك بالفوتوشوب وتوزيعها دون معرفة مصدر الارسال، وإثر الانقسام المجتمعي الحاد في الآونة الأخيرة، أصبح إطلاق الشائعات المتبادلة والكاذبة وسيلة للاغتيال الأدبي بين المتصارعين.
هناك نيابة معلومات لكنها لن تستطيع ملاحقة كل هذا الكم من الجرائم، وفوق هذا فلا أعتقد أنها تمتلك التكنولوجيا اللازمة للملاحقة الجنائية. وهكذا تحولت وسائل التواصل إلى مسارح مفتوحة للجريمة. كما أنها أظهرت مساوئ المجتمع بصورة واضحة.
لقد ظل الشعب السوداني مختبئاً خلف قناع زائف من الوقار، وقد سقط القناع تماماً، وتبين ضرورة العمل على الإصلاح الأخلاقي والنفسي للمواطنين.
كما كشف ما حدث، صعوبة تقبل المعايير الديموقراطية الصعبة في المرحلة القادمة. وهذا ينبئ عن استحالة وجود ديموقراطية لا تسيطر عليها أقلية تملك المال والسلطة وتوجهها لتحقق مزايا تلك الفئة.
كشفت التكنولوجيا الخبايا اللا أخلاقية للمجتمع، وقابليته لاقتراف الجريمة الجنائية (المعاقب عليها) والأخلاقية (غير المعاقب عليها قانوناً)، بدون وازع ولا ضمير. وما أسكر كثيره فقليله حرام. فمن يقترف الصغائر إنما يملك استعداداً إجرامياً لاقتراف ما هو أكبر منه لو تأكد من الإفلات من العقاب.
من كل ما سبق؛ وجب إعادة رسم سياستنا الجنائية (الموضوعية والإجرائية) لخلق سلام مجتمعي رقمي.
إن قانون جرائم المعلوماتية، ضعيف جداً إن لم يتبعه ضبط حاسم وقوي عبر تطوير القواعد الإجرائية للملاحقة والعقاب، كما يجب تغيير الوعي الجنائي. وهذا ما رأيناه في النظام الأمريكي، فعلى سبيل المثال، لا يجوز استخدام الماضي الجنسية لضحية الاغتصاب، او التحرش الرقمي، كدفاع، بل أن إخفاء شخصية الضحية في جرائم الابتزاز، أصبح مبدءً ثابتاً عند ملاحقة الجناة والتحقيق معهم واتهامهم ومحاكمتهم. إذ لا يجوز نشر أي شيء عن شخصية المجني عليها في أي وسيلة إعلامية، كما لا يجوز للمحققين إفشاء تلك الإسرار.
لابد من تطوير مبادئ ومن ثم قواعد العدالة الجنائية، لضمان انترنت آمن للجميع، كبارا أو صغارا، نساء أو رجالا ليعزز ذلك مجتمعاً ديموقراطياً أيضاً.