الوليد المنتظر من رحم البؤس و الشقاء بقلم محمد الربيع

الوليد المنتظر من رحم البؤس و الشقاء بقلم محمد الربيع


05-03-2020, 00:04 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1588460665&rn=1


Post: #1
Title: الوليد المنتظر من رحم البؤس و الشقاء بقلم محمد الربيع
Author: محمد الربيع
Date: 05-03-2020, 00:04 AM
Parent: #0

00:04 AM May, 02 2020

سودانيز اون لاين
محمد الربيع-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



سلام جوبا ،

📌"لما كانت الحروب تتولّد في عقول البشر ، ففي عقولهم يجب أن تُبنَي حصون السلام" !!
من الميثاق التأسيسي لليونسكو

✍️ عندما أنطلقت ثورة ديسمبر المجيدة ، كانت أحد أهم شعاراتها هو " حرية ، سلام و عدالة " الذي إنطلق من حناجر جحافل الشباب الملهم فكانت صرخة الوعي التي إنطلقت بعدعقودٍ من التيه و الضياع لتصك مسامع الزمن و تجلجل في أفق التاريخ و تهز الارض تحت أقدام العصبة الحاكمة إيذاناً بعهدٍ مشرقٍ جديد و وعياً بما تمثله هذه المفردات من قيمة في حياة الشعوب و مسيرتها المباركة إلي قمم المجد و التقدم و إعلاءاً لشأن الإنسان الذي خُلِقَ حراً و ليحيا في سلامٍ و عدالة ،،،

☀️ إن السلام في مفهومه العريض لا يعني زوال الصراع و الخصام فقط ، بل هو بناء وطنٍ يرتكز علي التسامح و الإعتراف المتبادل و تأسيس حزمة من المفردات و القيم و المواقف التي تبني عليها مباديء الحريات الأساسية و حقوق الإنسان و أحترام الثقافات المتعددة و نبذ أي شكلٍ من أشكال و مظاهر العنصرية و ثقافة الإستعلاء العرقي و التمييز الجهوي أو الإضطهاد الديني و إرهاب الدولة لدرجة إجبار بعض الشعوب لخوض خياراتٍ ضد إرادتهم حماية للنفس و الأرض و إنتزاعاً للحق !!

✍️ إن الحروب و الصراعات بين البشر علي مرّ الأزمان و الحقب كانت وبالاً علي الإنسان و الارض و دماراً للآمال و الأحلام و إيقافاً للنهضة و التقدم و تعطيلاً لحركة البناء و الإعمار ... بل هي في الحقيقة مأساة سرمدية !! لذلك يتوجب علي الجميع بذل أقصي درجات الجهد و الصدقية للوصول إلي تلك الغاية العظيمة و هي السلام المستدام و الذي أسست له و دعمته كل الديانات السماوية ثم المواثيق الأرضية و التي دعت كلها إلي السلام ، الرحمة ، المحبة ، التآخي و بناء المستقبل المشترك بين كافة الشعوب و الأعراق و الأجناس لذلك و لا غرو فأن السلام إسمٌ نسبه الله جلّ و علا إليه ضمن أسماءه الحسني !! و هو الذي خلق الإنسان و جعله خليفته في الأرض ليقوم بإعمارها و يعيش فوقها في سلامٍ و أمان و لم يُخْلَق ليُقتل و يُباد ،، و لكن الإنسان الذي حمل الأمانة كان ظلوماً جهولا و بغي علي شركاءه من أجل مغنمٍ زائل " و إن كثيراً من الخلطاء ليبغي بعضهم علي بعضٍ إلّا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و قليلٌ ما هم ......"

✍️ إن سلام جوبا هو الوليد المنتظر خروجه من رحم البؤس و الدمار الذي إستوطن أجزاء عزيزة من الوطن سنيناً عدداً !! فمنذ قرابة العقدين هنالك ملايين من البشر من أبناء الوطن البؤساء يفترشون الارض و يلتحفون السماء ،، سيّان عندهم هجير الصيف أو زمهرير الشتاء ،، يتعاقب عليهم الجديدان و هم بلا مأوي أو كساء ،،،، يعيشون علي الأماني و يبحثون عن الضمير الوطني بين مخيمات الذل و الهباء و ينتظرون بأمل بزوغ شمس الكرامة من "ثنيات "الشقاء !!!

لقد خرج الشباب الغر و رجّوا الأركان بهتاف ( حرية ، سلام و عدالة ) و لم يبخلوا بأرواحهم مهراً لهذه الغاية النبيلة و لتكون ثورتهم تتويجًا للنضال المتراكم منذ ثلاثة عقود و ليلتحقوا بأولئك الشهداء الأوائل و عندما أصبح الشعب قاب قوسين او أدني من قطف الثمار ، إمتدت بعض الأيدي الآثمة و سرقته و هي من تتلكأ في تنفيذ الشعار و إنزاله علي أرض الواقع لحاجة في نفس يعقوب !! فالسلام لا يولد فقط في المؤتمرات أو كرنفالات التوقيع الإحتفالي ، بل في قلوب الناس و أفكارهم و ضمائرهم و تصرفاتهم و لابد أن نري تواضعاً و تنازلاً من " بعض " المسكونين بوهم الإمتيازات التاريخية الظالمة ! و ان عليهم أن يعوو بأن السودان اليوم ليس كسودان الأمس و قوالب الماضي لن تقود المستقبل ،،،،،
☀️يقول الطبيب النفسي النمساوي - الفريد إدلر : " أن الجنس البشري يمتلك صفة فريدة من نوعها و هي تحويل السالب إلي الموجب " !! و هذه الصفة لا يمكن أن تتحقق إلا بالإستقرار النفسي الذي يحققه السلام ،، فدماغ الإنسان كنزٌ للقوة اللامتناهية لكن لم يتم الإستفادة من هذا الدماغ إلا في ظل السلام !! فعندما يتمكن الأنسان من الإبتعاد عن الحروب بالمحافظة علي السلام ، فإن كثيراً من الإمكانات تتفتح أمامه . و هذا ما يحدث عند تحويل السالب إلي موجب !!

إن السلام قيمة ضرورية لكل مظاهر الحياة من أنسان و حيوان و نبات و طائر و أرض ،،،، لأن إشعال الحرب يهلك الأنسان و يهجره و يقضي علي الأشجار و الغطاء النباتي عن طريق النيران و تجبر الحيوانات علي الفرار و الهجرة و النزوح بحثاً عن مكان آخر للكلأ و الأمان لا تعكره أصوات الرصاص و صراع الإنسان مع أخيه الإنسان ! لذلك قال المؤرخ البريطاني المعروف - أرنولد توينبي " عش و دع غيرك يعيش "
🔥 مع الحرب يصبح من المحال تقدم الدولة و لن تستفيد أي أمة من خيرات أرضها و إستغلال مواردها المدفونة من بترول و ذهب و نحاس و يورانيوم و لا حتي الزراعة فضلاً عن الصناعة و التكنولوجيا و تبقي مجرد أحلام رغبوية و أماني مهدورة و الأدهي أن أغلب هذه النعم و الخيرات تذهب إلي اللصوص الأجانب عند إنشغال الشعب بالحرب و الصراعات العبثية !! كل هذه العواقب تتبعها التلوث البيئي و التدهور المريع في الصحة العامة جراء القلق و الهيستيريا و الأكتئاب و المجاعات و سوء التغذية المصاحبة لمناطق الحروب و الصراعات ،،،، لذلك لن تجد النهضة في أي بلدٍ تُسمع فيها أصوات الرصاص و تخصص جزءاً من ميزانيتها لشراء للسلاح و الزخيرة !!!!

✍️ إن السلام هو الأم المرضعة لكل بلد و لا يرفضه إلا شخص أناني سيكوباتي يبحث عن مصلحة ذاتية ! و هو السبيل الوحيد للإستقرار و التعليم و البناء ،، كما أن السلام الحقيقي ليس مجرد إنعدام التوتر بل هو تسوية المظالم التاريخية و وجود العدالة الإجتماعية و المحاسبة القانونية و المساواة في الفرص بين الجميع دون إعتبارات أثنية أو جهوية أو دينية و لحظتها لن تكون هناك تفاضل بين أبناء الأمة ألا بالأنتاج و التفوق الطبيعي ،،،،
و في الختام :
" إذا أردت أن تسلك طريق السلام الدائم فإبتسم للقدر إذا بطش بك و لا تبطش بأحد "