الحرف والرصاص،، الخوف من الكتابة.. بقلم د.أمل الكردفاني

الحرف والرصاص،، الخوف من الكتابة.. بقلم د.أمل الكردفاني


04-29-2020, 09:05 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1588190747&rn=0


Post: #1
Title: الحرف والرصاص،، الخوف من الكتابة.. بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 04-29-2020, 09:05 PM

09:05 PM April, 29 2020

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




ينادي المعارضون لأي نظام بالحرية، الحرية هي العلكة التي يلوكها الجميع عندما لا يجدون القدرة على المنافسة الشريفة، عندما كنا نكتب ضد الكيزان، كان معنا من ينادي بالحرية، بحرية الكتابة، كانوا يجتمعون في أوروبا ليتحدثوا عن حريتنا في الخرطوم. وكنا نكتب.
واليوم لم نتوقف لأننا دائما معارضون للسلطة..نحن أبداً لن نقف مع السلطة، لأنها عدو الحرية الأول، تلك الحرية التي بات من كانوا ينادون بها بالأمس يضيقون بها ذرعاً اليوم عندما وصلوا للسلطة. لذلك نحن دوماً ضد السلطة..لأنه إما أن تكون الحرية أو السلطة، فهما لا يجتمعان.
أصدرت أمريكا قانون تجريم الشيوعية، واعتقلت وأعدمت العديد من الشيوعيين في الستينات، والمحكمة الفدرالية فعلت كما فعلت محاكم الكيزان عندما منعت تسجيل الحزب الجمهوري عندنا، إذ منعت المحكمة الفدرالية الأمريكية تسجيل الحزب الشيوعي بل وقضت بسجن كل من ينتمي للحزب الشيوعي، لأنها (افترضت) أن الشيوعية (بشكل عام) تنادي بتقويض نظام الحكم الأمريكي.
واليوم ينادون عندنا بقمع الأقلام الحرة، التي تقف ضد آلة إعلامية هائلة الضخامة مدعومة من مخابرات دول أجنبية، ويمارسون تضليلاً للشعب، تزييفاً للحقائق، استغلالاً للعاطفة، انتهازاً لجوع الشعب وفقره، ولذلك فالأقلام الحرة تصبح حروفها رصاصاً، حتى أن بكري أبو بكر والذي كنا قد نادينا قبل سنوات بمنحه جائزة نوبل كونه أفسح المجال لنشر كل الآراء في موقعه، أصبح يمنع كل مقالاتي إذا كانت ضد أمريكا أو القحاطة...لا بأس فلا حاجة بي للنشر عبر مواقع تكتب في مقدمتها (وطن من لا وطن له).
الحرف الرصاص، هو حرف اللا سلطوية، الذي جعل الأحرار مطاردين في العالم، وحقوقهم مسلوبة، والقحاطة يعلنونها بكل بجاحة، أن كل من عادانا لن يكون له حقوق، ولا مستقبل، وهو نفس ما قاله الكيزان، فأين هم الكيزان اليوم، إنهم هم من يطالبون بالعدالة. وتلك الأيام يداولها الله بين الناس، ولكن أكثر الناس عمي عن رؤية سنة الكون.
الحرف الرصاص، ليس هو الحرف الذي يزيف الحقائق ويلوكها ويمضغها ويعجنها لكي تقنع الآخرين بالأكاذيب، بل الحرف الرصاص هو الذي ينير البصيرة والوعي، ويجعل الآخرين يروا ما لم يكونوا له من قبل من المبصرين.
والحرف الرصاص، هو الذي يكشف عن طرد رسام كاريكاتير أمريكي من عمله ورفض تشغيله في أي صحيفة أمريكية أخرى لأنه رسم رئيس الوزراء الإسرائيلي في صورة كلب. وملاحقة ومطاردة صاحب موقع ويكليكس لأنه فضح إجرام المخابرات الأمريكية حول العالم. الحرف الرصاص، هو الذي (ينبه) الشعوب إلى أن حكوماتها عميلة، ويعريها ويفضحها، لأنه يضع القلم جداراً من الفولاذ يفصل بين قهر السلطة وبغيها وتجهيلها، وبين الشعب الذي لا يملك القدرات على التحليل وفهم عالمه. العالم الذي استطاعت أجهزة الإعلام المسيطرة أن تجعله يحفظ شكل فيروس الكورونا خلال بضعة أسابيع، لكي لا يرى ما خلف الكورونا..
الحرف الرصاص هو حرف ميشيل فوكو وباسكال بونيفاس وأمل الكردفاني، وأنا استحق أن أضع إسمي بين اسماء هؤلاء المناضلين، لأنني جابهت السلطة بالقلم دوماً، وعريتها، بكل صدق ومنحت الشعب الوعي الكافي لمعرفة الحق من الباطل، الزيف من الأصل، الكذب من الصدق، وسنستمر في مجابهتها حتى الموت في أي دولة وأي قارة في العالم..فأنا لا أهتم فقط بالسودان لأنني أحمل جنسيته، بل بكل ما ينتمي للإنسان، في أي مكان، وفي نفس الوقت لا أخشى شيئاً ولو كان الموت نفسه.
الحرف الرصاص لا يتحمل التذبذب، إنه ينطلق من ماسورة القلم مستقيما كقضيب القطار، ليصيب الهدف...فيحيا من يحيا..ويهلك من يهلك عن بينة، والله يقضي بيننا بالحق، إنه بكل شيء عليم.