الدكتور - منصور خالد الكوكب الذي أفل بقلم محمد الربيع

الدكتور - منصور خالد الكوكب الذي أفل بقلم محمد الربيع


04-24-2020, 05:48 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1587703696&rn=1


Post: #1
Title: الدكتور - منصور خالد الكوكب الذي أفل بقلم محمد الربيع
Author: محمد الربيع
Date: 04-24-2020, 05:48 AM
Parent: #0

05:48 AM April, 23 2020

سودانيز اون لاين
محمد الربيع-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




ما كنتُ أحسب قبل نعشك أن أري رضوي علي أيدي الرجال يسيرُ
ما كنتُ أعرف قبل دفنك في الثري أن الكواكب في التراب تغورُ
يمشون خلفه و لكل باكٍ حوله. صعقات موسي حين دُك الطورُ
و الشمسُ في كبدِ السماء مريضةْ و الأرض واجفةْ تكادُ تمورُ
المتنبيء

✍️ بالأمس غيّب الموت مفكراً هو الأبرز بين رجال الفكر و السياسة و التاريخ و الأدب في تاريخ السودان منذ الإستقلال !! الدكتور منصور خالد الذي ملأ الدنيا و شغل الناس كان أديباً بين الساسة و سياسياً بين الأدباء و مؤرخاً بين الكتاب و عالماً موسوعياً بين المثقفين ،، موهوباً متعدد المعارف واسع الإطلاع ، نحت لنفسه طريقاً غير مطروقٍ و إبتدع أسلوباً في الكتابة لم يأتِ به الأوائل و لم يستطعه معاصروه !! برع في نقش التعبيرات و توليد الكلمات فخرجت الجمل سهلاً ممتنعاً من قلمه المدرار بذَّ في ميدانه كل الذين كتبو بلغة الضاد !!

✍️لقد ظهرت نبوغ مفكرنا الكبير الذي ولد بمدينة الهجرة في أم درمان عام 1931 ، منذ بواكير شبابه و بدأ الكتابة في عمرٍ باكر حيث كانت له صحيفة حائطية ( المقص ) يحررها بمفرده في جامعة الخرطوم و لهذا فلا غرو فقد تجاذبته التيارات السياسية يميناً و يساراً لكنهم لم يظفروا بتوقيعه و عندما يُسال : أيسارياً أنت أم يمينياً ؟ كان يقول : أنا فوقهما ! نعم ! فما كان لعبقريٍّ مثله أعطاء الله بسطة في العقل و الحكمة و نفاذ البصيرة إلا أن يكون( سيّد نفسه ) متبوعاً و ليس تابعاً و أستاذاً ليس تلميذاًو لن يسلم قياده ( لشيخٍ أو سيّدٍ أو مولانا ) ،،،،، فعاش بين التيارات كالشمس بين النجوم ، يرمقونه بعين " الغيرة " و الإعجاب !!

☀️أن طالب الحقوق النجيب المميز و الذي كان الأول بين أقرانه و تخرج بأفضل تحصيل أكاديمي في تاريخ كلية القانون بجامعة الخرطوم و الذي ألف فيما بعد سفره القيّم ( النخبة السودانية و أزمان الفشل ) لا يمكنه أن يكون تابعاً لأيٍّ من هـؤلاء الفاشلين أو يجعل هذا العقل الوثّاب تحت تصرفهم فشق طريقه علي أرض بكر و ذاك هو مسلك الأساطير في التاريخ الإنساني
التاركين من الأشياء أهونها. - و الراكبين من الأشياء ما صعُبا
عندما تقرأ للدكتور منصور خالد لا تنفك تظل مشدوهاً بين سطوره فتسبح معه في بحور الدين ثم يعلو بك في سماوات الأدب قبل أن يقودك إلي مجاهيل التاريخ و يعرج معك في سهول الجغرافيا إلي أن يقتحم معك عوالم الفلسفة و متاهاتها الغامضة و بين كل هذه العوالم عبارات منحوتة و مصطلحات مولدة و متمازجة بين الحداثة و التقليد فهو في الحقيقة يرسم بالكلمات و يعزف الجمل و العبارات محلقاً بك في سياحة فكرية بأجنحة لا تمل الطيران و أنت تسأل نفسك متعجباً متي وجد الوقت و القوة لكل هذا !!

✍️ المفكر التقدمي دكتور منصور خالد كان له من أسمه اكبر نصيب !! لذلك لم يقتنع إلا بالصدارة في كل الدروب ! يحدد هدفه بين النجوم ثم يسعي إليه غير هيّاب و لا متردد ،، سياسياً و دبلوماسياً كان وزيراً و وزيراً للخارجية ! و أكاديمياً و مفكراً كان أستاذاً للقانون الدولي بجامعة كلورادو الأمريكية و كبير الباحثين بمركز ودرو ويلسون بواشنطن ! و أممياً كان أول أفريقي يعمل مسئولاً في الإدارة القانونية في الأمم المتحدة في نيويورك و الجزائر ثم اليونيسكو في مدينة النور باريس ،،،، فضلاً عن أنه يعتبر رائداً فريداً في التأريخ السياسي خاصة السوداني و هو أهم مرجع ! لذلك و عندما كان وزيراً للشباب و الرياضة عام 1970 ححقنا بطولة الأمم الأفريقية الوحيدة في تاريخ منتخبنا الحافل بالخيبات !! ألم أقل لك أنه ( منصوراً ) ؟!! و لا يقبل إلا بالنجوم ؟ حتي عندما إلتحق بالحركة الشعبية كان اول سياسي من صفوة الشمال تقلد وزارة الخارجية قبل أن ينحاز بكل شجاعة إلي قضية الأخوة الجنوبيين و تيار الآفريكانيزم و لم يكن كغيرة من المتنكرين في أسمال العروبة الأخرق ! لله درك أيها المنصور الخالد !!
إذا غامرت في شرفٍ مرومٍ فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمرٍ حقيرٍ كطعم الموتِ في أمرٍ عظيم

✍️لقد كان الدكتور منصور خالد نسيجْ وحده لا يشبه إلا نفسه ! فقد عاش قُبيل الفقد مفقود المثال و برحيله رحل اجيال و أختفي عصرْ و تاريخْ يمشي علي ساقين و ترك خلفه ستة عشر كتاباً و مئات المقالات يؤرخ لتاريخ السياسة في هذا البلد الجريح و يكشف بمرارة غباء ثلة من الفاشلين تعاوروا علي حكم البلد لمدة أربعة و ستين عاماً لكنهم كانوا أقذاماً و لم يحسنوا إدارة التنوع و ( أدمنوا الفشل) و قادوا البلد في ( نفقٍ مظلم ) حتي إنتهي بنا الحال إلي التمزق و ( قصة بلدين ) !!
الا رحم الله الدكتور منصور و انزله منازل الصديقين

الجمعة 24/04/2020