اما آن لشيخ السجون السودانية كوبر، أن يستريح و يريح ؟ بقلم د.فراج الشيخ الفزاري

اما آن لشيخ السجون السودانية كوبر، أن يستريح و يريح ؟ بقلم د.فراج الشيخ الفزاري


04-23-2020, 03:27 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1587652047&rn=0


Post: #1
Title: اما آن لشيخ السجون السودانية كوبر، أن يستريح و يريح ؟ بقلم د.فراج الشيخ الفزاري
Author: د.فراج الشيخ الفزاري
Date: 04-23-2020, 03:27 PM

03:27 PM April, 23 2020

سودانيز اون لاين
د.فراج الشيخ الفزاري-قطر
مكتبتى
رابط مختصر




سجن كوبر ، معلم بارز من حيث المكان والزمان والزاكرة الجمعية لأهل السودان من السياسيين والشعراء والأدباء والفنانين ومن قطاع الطرق وتجار العملة والقتلة والمشردين ...فقد حوت أقسامه الأربعة عشر كل اطياف المجتمع من داخل وخارج العاصمة الخرطوم من المارقين والرافضين الاوضاع سياسية كانت ام اقتصادية او اجتماعية.
دخله المعارضون من الساسة الكبار والصغار ..ويتبادل سكانه الادوار في الخروج والدخول بتبدل الوضع السياسي في معظمهم...انها قلعة ( كرم) عجيبة بين النظام الحالي والسابق والقادم فسجين اليوم هو سجان الغد وربما لا يطول الأمر طويلا فتتبدل الادوار...هذا علي المستوي السياسي في معظم الحالات...ولا عزاء للفيئات الاخري..
هو مسرح ومجتمع ممتد منذ إنشائه عام 1903 علي يد مهندسه وحكمداره الاول الجنرال كوبر الذي عرف بصرامته وشدته في معاملة النزلاء خاصة السياسيين الوطنيين وكانت طلائعهم مع زعماء اللواء الأبيض.
ورغم انه كان السجن الأشهر والاقدم بين سجون المنطقة المخصصة للاعتقلات السياسية الا انه كان افضلها في التنظيم والترتيب حتي خروج الانجليز من السودان.
ليس الهدف من هذا المقال بحث حال السجون والمعتقلات في السودان الرسمي منها الذي نعرفه والسري الذي لا نعرفه كما اتضح في بيوت الاشباح وسجن دبك وغيرها من السجون فاقدة الشرعية الدولية....ولكن الهدف هو الدعوة بازاحة هذا الصرح العتيق من الواجهة السياسية السيئة التي اكتسبها بسبب الادارات المسيسة التي تعاقبت عليه ..
: لقد هرم وشاخ وتصدعت أركانه واصبحت كل مرافقه الحيوية خارج الخدمة...وقريبا جدا سيبلغ المائة والعشرين عاما...تري كم من الادارت والضباط والعسكر قد بلغ سن التقاعد وأحيل للمعاش ..بينما لا يزال السجن مستمرا دون تحديد سن او عمر افتراضي له؟ لماذ لا نريحه ونريح النزلاء القدامي والقادمين الجدد من تبعاته اثناء وبعد الاعتقال؟
: لقد أدي سجن كوبر مهمته الأمنية والتأديبه والتخويفية بكل كفاءة واقتدار وزيادة وآن له ان يستريح حتي يسترجع ذكرياته وأصناف وأنواع وطبقات البشر الذين استضافهم ..فقد كان فيهم اصحاب الفكر ،الحقيقي والمزور، والشعر والشعراء والطرب والغناء ولم يبخل باستضافة الرباطة والهمباته ...فهو مسرح...قرية...مجتمع كاهل السودان متعدد الثقافات والاثنات ...وكان رغم سمعته السيئة عند العامة إلا انه كان كريما متسامحا حتي ان الكثير من نزلائه قد وجودها فرصة للتأليف وكتابة الشعر والمذكرات بل وتسجيل اسمائهم نحتا علي الجدران حتي تراها الأجيال القادمة من النزلاء.
وكان بعض الساسة ( المتنطعين الجدد) خاصة...يفتخرون بانهم من خريجي كوبر باعتبارهم من سجناء الرأي...والبعض كان يتمادي في معادات السلطة او النظام السياسي القائم حتي يتم اعتقاله وايداعه سجن كوبر ليكونن من زمرة الخريجين...حتي اصبحت الساحة السياسية في السودان لا تقبل الا من ولجها من ابواب كوبر معقل الشرفاء المناضلين !!.
: الدعوة إلي اغلاق ابواب سجن كوبر لا تعني بالضرورة محو الذاكرة السياسية للنضال والكفاح السوداني ضد الانظمة والحكومات الفاسدة. ولكنها دعوة بقصد تحويله الي كيان آخر بعد ان فقد المبني كل مقومات السجن والبحث عن البديل.
إنها دعوة بتحويل مبني السجن ،بعد وقف نشاطه، الي متحف سياسي بعد ترميمه واعادة صيانته وجعله مزارا كما يفعل البارسيون مع سجن الباستيل حيث الاحتفال بيوم هدمه خلال فترة الثورة الفرنسية وحتي تأريخه
وبالمقابل، فإن السجن عامة والسجن السياسي خاصة من حيث انها معتقلات سياسية او جنائية ظاهرة اجتماعية قانونية قديمة ولا يمكن الاستغناء عنها منعا للجريمة والانفلات الامني...ولكنها في ذات الوقت ممكن ان تكون قابلة للحياة وتليق بكرامة الانسان.
فلماذا لا يتم بناء سجن جديد لمعتقلي الرأي والتعبير( ان كان لابد من التحفظ عليهم مؤقتا) بشرط ان يكون مستوفيا للمواصفات والشروط الدولية بما يتناسب مع كرامة الإنسان وادميته؟
مبدئيا نحن ضد اعتقال اصحاب الفكر والتعبير ولكن ذلك وضع مثالي قل ان يوجد في دولة في العالم ...ولكن فليكن المعتقل علي الاقل مستمد من القانون الدولي او من قانون تنظيم السجون ومعاملة النزلاء لسنة ( 2010) وهو قانون مستمد من القانون النموذجي العربي الموحد الذي اعتمدته جامعة الدول العربية وكان السودان هو العضو الابرز والأكثر تاثيرا في اعداد وصياغة بنود هذا القانون؟
وبطبيعة الحال ...لن يكون هذا السجن المقترح علي مستوي السجون الاوروبية ( خمسة نجوم) مثل سجن مركز العدالة في النمسا...ولا سجن هالدن في النرويج...ولا سجن ارنجونز...حيث الراحة والرفاهية واستقبال اسر وأطفال النزلاء والتنزه معهم في شاطيء البحر...والتسلية بصيد السمك والسحالي ....ولكننا لا نريده في ذات الوقت علي مستوي السجون سيئة السمعة التي نعرفها في منطقتنا العربية ...ولكن كل المطلوب في المعتقل المقترح هو ان يكون لائقا بالانسان الذي كرمه الله علي سائر خلقه...وان يعتبر النزيل ضيفا عابرا تجب حسن وفادته حتي يغادر وفي الخاطر والوجدان احلي الذكريات ....
تلك هي البداية مع سجن كوبر...عسي ولعل ان يعم ( الخير) بقية السجون السودانية...وما اكثرها...
د.فراج الشيخ الفزاري
[email protected]