وطن بلا ذاكرة!! بقلم ⁨اد /علي بلدو

وطن بلا ذاكرة!! بقلم ⁨اد /علي بلدو


04-07-2020, 04:55 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1586274912&rn=0


Post: #1
Title: وطن بلا ذاكرة!! بقلم ⁨اد /علي بلدو
Author: علي بلدو
Date: 04-07-2020, 04:55 PM

04:55 PM April, 07 2020

سودانيز اون لاين
علي بلدو-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



خواطر طبيب


من الاشياء المثيرة للدهشة و الانزعاج في ان واحد في بلادنا المكلومة’ ظاهرة النسيان و الخرف السياسي و الذي ضرب باطنابه في كافة اجزاء المشهد السياسي حالك السواد!
و اصبحنا نقترف نفس الاخطاء التاريخية التي ارتكبها اباءنا الاولون و تبعهم في ذلك الاخرون و الحاضرون و الحكام و المعارضون’ دون ان ينتبه احد او يتذكر ما حدث سابقاً حتى يتم تدارك الامور و انقاذ ما يمكن انقاذه ’ قبل ان تقع الفاس في الراس و تصيب الرميةُ موضعها.
كما اصبح الزهايمر السياسي داءً لساسة السودان منذُ قديم الازمان’ فها هو خليفة المهدي الخليفة عبدالله تور الشيل يعفو عن بعض القبائل التي ناصبته العداء لاسباب عرقية و حاربته ’ و لكن بعد انتصاره عليها بفضل قادته الافذاذ ’ تاتي لتعتذر اليه و تطلب منه السماح و العفو ’ و تنظم اشعار الترجي و الخنوع طلبا للبقاء على قيد الحياة ’ و يقبل الخليفة و تعيد تلك القبائل الكرة و يعفوا ايضاً حتى اتت اخير ا مع جيش الغزو الانجيليزي و اصبحوا ادلاء و مرتزقة للخواجات و لا يزالون.
و في احداث توريت 1955م و التي اصبحت مذبحة المذابح بلا منازع’ كانت الرسالة واضحة من الجنوب و ان الامر يحتاج لبناء الثقة و بناء جسور التواصل و ردم الهوة و تقوية اواصر الوطنية و روح المشاركة’ و لكن و بعد الاستقلال المزعوم عاد شبح النسيان و ضف الذاكرة الوطنية ليطل براسه مجدداً بفضل التصرفات الخرقاء من حكومات الشمال و نقض العهود و المواثيق ’ و شرب ماء الاتفاقيات بين الطرفين و على الملا’ لتعود الحروب اكثر ضراوة و تلتهم نيران الحرب الضروس الا خضر و اليابس و كانها حرب البسوس و داحس و الغبراء و التي قيل فيها:
عفونا و قلنا ان القوم اخوانُ و عسى الله ان يرجعهم كما كانوا
و لكنا نسينا فدناهم كما دانوا و ننجوا بالسيف احياناً
اذا ام ينجيك احسانُ
و كان خلاصة ذلك كله انفصال ثلث الوطن و ضياع الثروة و الدخول فيما نخن فيه الي الان.
كما تواصل ضمور الذاكرة الجمعية للوطن’’ , لنعطي الفرصة للمتاسلمين و اخوان الشياطين بعد ان راينا سؤ غرسهم و ضلال فكرهم و زخرف قولهم’ و لكنا مكناهم من الحكم مرات و ممرات تارة باسم الانتخابات و كرةً اخرى بالانقلابات’ و الان نتيح لهم الفرصة بمسمياتهم الكثيرة من جبهات و تيارات و تنسيقيات و اتحادات و تحالفات’ و لم نتذكر شيئاً مما فعلوا بنا و لم نكن من المبصرين’ و عما قريب سنقع في نفس الفخ القديم الجديد و الذي بدانا في التهامه بفضل الاتفاقات المشبوهة و التوقيعات الملغومة على نفس الايدي و العقول.
و ليس ببعيد عن ذلك تمدد شبح الطائفية و غول عائلات انصاف الالهة’ و الذين جثموا على صدر وطننا سنين عدداً و كانوا حجر عثرة في سبيل تقدمه و ازدهاره من واقع الكهنوت و الدجل الذي مارسوه لنهب ثروات البسطاء و الضعفاء باسم الله حينا و باسم النبي احيانا و هم منهم براء’ و جاوؤنا بابناءهم و بناتهم و اصهارهم و اقربائهم و حتى جيرانهم و يكونوا رموزا للرجعية و عهود الظلام .
و الغريب انهم لا يزالوا يتحدثون هنا وفي بلادهم الثانية التي يكنون لها الولاء’ و كان شئيا لم يكن’ بعد ان اكتنزوا الذهب و الفضة في دوائرهم التي منحها لهم المستعمر الانجيليزي جزاء وفاقا لكونهم قطعوا الطريق على جيل الاستنارة و الفكر و الديمقراطية و محاربتهم لكل من هو مثقف او مستنير ليتقلبوا هم و ذريتهم في نعيم السلطة و الوزرات المتوالية و يحجبوا عن شعبنا ضؤ الشمس .
و بالرغم من كل ذلك نراهم الان ينضمون للقوى الجديدة و يجلسون عن اليسار و اليمين في وفود التفاوض و يصرحون و يناقشون’ لانهم يعلمون تماما اننا وطن بلا ذاكرة.
و لان الشئ بالشئ يذكر فقد ركب الموجة كذلك تلك المجموعة من الانتهازيين و الوصولويين و بائعي الضمائر و المبادئ في سوق نخاسة الوالي اللصُ من السياسين و الزعيمات الموهومات و الذين شاركوا مع الظالمين حكوماتهم و لهج لسانهم بمدحهم صباحا و مساء ’ و منهم من قال ان والينا المخلوع هو ظل الله في الارض و اخرى ترتدي الثوب تهتف و هي تبكي انه لو زال حكم المخلوع فان الدولة و ستزول و ان الله سيرسل علينا حاصبا بليل و غيرها من الترهات.
و هذه المجموعة ايضاً نراها الان في التلفزيون و القنوات و الصحف و اللقاءات و نسمعها و هي تهتف هتافات الثورة و تنشر الاعلانات مدفوعة القيمة لتهنئ و تبارك التغيير’ دون ادنىى حياء او خجل لانهم يعلمون ان وطننا قد اصيب بالخرف منذ زمان بعيد.
و دون شك لن يتغير حالنا الا اذا استلهمنا دروس الماضي و تجارب العهود السابقة ’ بدلا من تكرار الاحداث و اجترار الوجوه البغيضة التي اوردتنا دار البوار’ و يجدر بنا قبل البحث عن الحلول و الترشيحات و الاسماء و المحاصصات’ يجدر بنا اولا و قبل كل شئ ان نبحث عن ذاكرتننا و ذاكرة وطننا الضائعة’ اذ لم يحدث ان تطور او تقدم بلد او طن اذا كان وطناً بلا ذاكرة!