تخميسة البندقية.. بقلم خليل محمد سليمان

تخميسة البندقية.. بقلم خليل محمد سليمان


04-06-2020, 02:12 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1586178774&rn=1


Post: #1
Title: تخميسة البندقية.. بقلم خليل محمد سليمان
Author: خليل محمد سليمان
Date: 04-06-2020, 02:12 PM
Parent: #0

02:12 PM April, 06 2020

سودانيز اون لاين
خليل محمد سليمان-مصر
مكتبتى
رابط مختصر






في الثقافة السودانية كلمة "تخميسة" هي المشاركة.

الشائع ان الاصحاب المراهقين المدخنيين يخمسون السيجارة، بمعنى تبادل السيجارة الواحدة.

شاهدت فيديو جديد صادم بكل ما تحمل الكلمة، لفض إعتصام القيادة، في ذكراه الاولى، وهو بالطبع لم يكن اهون مما حدث في دارفور، والنيل الازرق وجبال النوبة، حيث قادني الخيال، وانا اشاهد الفيديو إلي ما حل باولئك الضحايا البعيدين عن الاضواء، والكاميرات، ووسائل الإتصال، لنسمع عن ماساتهم كالاساطير من وراء حُجب التاريخ.

هاهي ازمة الثلاثين العِجاف انتجت جيل من القتلة "يخمسون البندقية"، ويتلذذون بالقتل، والضرب، والسحل.

سأل احدهم زميله كم قتلت؟ فقال : "كملتهم"

وسأله الآخر انت ما ضربت ؟ قال: "بندقيتي ما معاي"

قال له: "هاك اضرب"

وكأنه يُريد ان لا يفوت علي صاحبه شرف قتل المعتصمين، وتطهير يده، وغسلها بدماء المواطنين السودانيين الذين يصفونهم " باولاد الكلب" و " اولاد العذبة" ،الذين دفعوا ثمن البندقية، واجر من يقتلهم.

هذا الجيل من الشباب، وجميعهم صغار سن، اصبحوا كالوحوش، تعلموا ان القتل مهنة، وهنا تكمن الخطورة، حتي البندقية اصبحت "تُخمس" كالسيجارة، بين ايدي المراهقين بلا حُرمة.

في الادب العسكري تُعتبر البندقية، او السلاح الشخصي حصري في الإستخدام علي فرد واحد، ولا يمكن ان تتركه لأحد مهما كانت الاسباب، إلا بعد ان تفارق الحياة، لأسباب قانونية، واخرى ترتبط بالشرف.

في الادب العسكري حتي القتل له ما يبرره، عند المعارك، فيتجرد الجندي في لحظة ما بأنه يُدافع عن حياته اولاً، وبقاءه، لأن العدو يحمل سلاحاً، فإن لم يجيد القواعد، فسيُقتل.

ولكن حين نراهم يواجهون عُزل من الشباب، والنساء، والاطفال، والشيوخ بهذه القسوة، في القتل، و الضرب، والتنكيل، فهذا امر يحمل من الخطورة بما يكفي ان نقف عنده جميعاً، لإنقاذ هؤلاء الشباب اليافعين، وتأهيلهم حتي يصبحوا بشراً اسوياء.

عندما نتحدث عن المليشيات، وندينها بأشد العبارات، لعلمنا التام بأنها لا يمكن ان تسيطر عليها اي قوانين او لوائح، كما شاهدنا، وسمعنا كيف يخالف الجندي الذي بيده الكاميرا تعليمات قائده، بل يصفه بالفاظ بذيئة، فكانت الكاميرا اداة اللهو، والنشوة عنده بالقتل، والحرق.

من مصلحة الجميع حل هذه المليشيات، وتسريحها، ودمج من تنطبق عليهم شروط التجنيد في القوات المسلحة، ويُعاد تدريبهم، وتأهيلهم.

وينطبق هذا علي كل الحركات المسلحة، بعد توقيع السلام الذي بات وشيكاً، و يتم تأهل المُسرحين وإلحاقهم بالحياة المدنية.

لا يمكن لدولة ان تنهض وسط هذا الجو الملبد برائحة الموت، والكراهية، والعنف الغير مبرر.

تقع علي قيادة الجيش الحالية، ومن هم علي سدة الحكم مسؤولية تاريخية، إن تحملوها وانجزوا هذا الإستحقاق، فسيذكرهم التاريخ، لأن بداية التغيير الحقيقي هو السيطرة علي القوة، وجعلها حصرية في يد الدولة، وسلطتها الموحدة تحت راية واحدة، بشكل مهني، في دولة مدنية تسود فيها قيّم المواطنة علي اساس الحقوق، والواجبات.

يقيني انهم لم، ولن يفعلوها لأن الخوف يسيطر عليهم، فجعلوا من الموت مهنة، يقف علي بابها هؤلاء الشباب المراهقين، القابضين علي الزناد، والسادة غايتهم السلطة، يقفون خلف نوافذها يملأهم الخوف، والرعب ، و تجردوا من القيّم الإنسانية، فاصبحوا غُرباء لا نعرفهم.

فالثورة حية متقدة في الصدور، وغداً لناظره قريب..

المجد والخلود لشهداء الثورة السودانية..

خليل محمد سليمان