ظننت المهارة في خطتي فاكتشفت أنهم أمهر مني !! بقلم الكاتب / عمر عيسى محمد أحمد

ظننت المهارة في خطتي فاكتشفت أنهم أمهر مني !! بقلم الكاتب / عمر عيسى محمد أحمد


03-21-2020, 03:50 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1584802249&rn=0


Post: #1
Title: ظننت المهارة في خطتي فاكتشفت أنهم أمهر مني !! بقلم الكاتب / عمر عيسى محمد أحمد
Author: عمر عيسى محمد أحمد
Date: 03-21-2020, 03:50 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

ظننت المهارة في خطتي فاكتشفت أنهم أمهر مني !!

كنت أحمل الكيس في جيبي والظلام مازال دامس يكتسح الكون .. وفي التشهد الأخير لصلاة الفجر تمنيت أن يسرع الإمام بالسلام .. وحين سلم الإمام تعجب المصلون لخروجي متسرعاُ من المسجد ولم أكمل ( الباقيات الصالحات ) .. وكانت نفسي تقول لي : أنت اليوم فارس ( الصف ) أمام المخبز !!.. حيث أول الواقفين وأول المشترين للخبز بين الخلائق !! .. والأمنيات كانت تراوغ نفسي بأنني سوف أعود بالخبز للبيت والناس مازالوا نيام !!.. وسوف يأتي الآخرون من بعدي ليقفوا في تلك الصفوف الطويلة .. وعند ذلك كنت أجد نوعاُ من النشوة وأقول لنفسي : ( يا ذلك العبقري كيف فعلتها هذه المرة ؟؟ ) .. وكانت منكم تلك الحيلة العبقرية الجهنمية !! .. ولكن حين اقتربت لموقع المخبز لاحظت من بعيد تلك الكتل السوداء بجانب تلك الكتل البيضاء التي تتحرك في عمق الظلام .. وكنت أسأل نفسي في حيرة وأقول ما هي حقيقة تلك الكتل المتحركة في الظلام ؟؟ .. ولكن عندما وصلت أمام المخبز اكتشفت أن تلك الكتل السوداء تمثل صفاُ طويلاُ للنساء !!.. وأن تلك الكتل البيضاء تمثل صفاُ طويلاُ للرجال !!.. وحينها تخاذلت أقدامي وتحولت أمنياتي خيبةُ وتراجعاُ .. وماتت تلك الأحلام القرمزية في نفسي .. فتقدمت ثم وقفت في نهاية صف الرجال غاضباُ ومتكاسلاُ .. وعندها لاحظ بعض الأصدقاء وضحكوا لحالتي !!.. وقال أحدهم : ( يعني عامل نفسك ماهر وشاطر وفنان ومبتكر وما عارف أن غيرك أشطر !! ) .. فقلت لهم منزعجاُ : ( يا هؤلاء : ألا تنامون أبداُ ولا تصلون ؟؟ ) .. فقالوا : ( وما كان حظك يا ذلك النائم ويا ذلك المصلي ؟؟؟ ) .. وأنت تعرف جيداُ أن معركة الحياة عصيبة في هذه الأيام .. والناس يعرفون جيداُ أن الأحوال في هذه الأيام ( فإما ذلك الخبز وإما ذلك النوم والصلاة !!).. والبعض أردف قائلاُ : ( عجباُ يا ذلك المسكين !! جئت ترجو الخبز بعد صلاة الفجر ونحن نقف هنا في الصف منذ منتصف الليل !!).. ثم دارت الساعات بعد ذلك ووقفت في ذلك الصف حتى أوضحت المعالم ثم أشرقت الشمس .. ثم بدأت المحلات التجارية تفتح أبوابها .. وحين شارفت على الوصول لشباك الشراء أعلن صاحب ( المخبز ) بان كمية الخبز المعدة طوال الليل قد نفذت !!.. وأن الجولة التالية من إنتاج الخبز سوف تبدأ بعد الظهر !!.

تلك هي قصة المخابز والصفوف في هذه الأيام لمن يجهل المجريات ومدى المعاناة .. والكثيرون من الناس يسمعون قصة تلك الصفوف أمام المخابز وأمام محطات البنزين ولا يعرفون حقيقة تلك المعاناة !.. صورة قد أصبحت مألوفة ومعهودة في الكثير والكثير من شوارع وطرقات وأحياء وأسواق العاصمة السودانية .. وهي صورة تؤكد أن ذلك الشعب قد شارف على الهلاك وعلى حالة الانهيار والمجاعة !.. والاستحالة تلو الاستحالة في كل مسارات الحياة .. فتلك الندرة ،، بجانب ذلك العدم ،، بجانب ذلك الغلاء الفاحش ،، بجانب ارتفاع الأسعار عند رأس كل ساعة ،، بجانب إمكانيات الناس المتواضعة ،، أحوال تجعل الحياة جحيماُ ومستحيلاُ في سودان اليوم المنكوب .. وقد غاب في المعمعة ( سودان الغد ) المنشود .. حيث الانشغال بظروف الحياة التي تبكي الناس .. وهؤلاء المسئولين في الماضي وفي الحاضر مازالوا يرددون تلك المعزوفة الجنائزية التي أصبحت ممجوجة بكثرة التكرار .. حيث معزوفة العلم بسوء الأحوال دون توفر المعالجات !.. ويكتفون فقط بمقولة : ( نحن نعرف حقيقة معاناة الشعب السوداني !! ) .. ويجدون أن تلك المعرفة فقط للحقيقة تكفي لإطفاء الأزمات في البلاد !!.. ولعمري فإن ذلك من أخذل المعالجات من مسئولين فوق وجه الأرض .. ولسان حال الأمة السودانية يقول لهؤلاء البلهاء : ( ماذا يفيدني بأن تعرفوا حقيقة أزماتي ومعاناتي دون ترياق يذهب ويطرد ذلك الشقاء .. ويوجد ذلك الشفاء ؟؟؟ ) .. ولماذا دائماُ وأبداُ يظن المسئول السوداني بأن الإقرار والاعتراف بالتقصير والعجز يكفي لإسكات الأصوات ؟؟ .. وذلك العلاج في كل دول العالم لا يكون إلا عن طريق إنهاء أسباب الشقاء والبلاء والمعاناة في البلاد .